logo
اقتصاد

الصكوك تعود للواجهة.. هل يعيد المغرب ترتيب أولويات التمويل؟

الصكوك تعود للواجهة.. هل يعيد المغرب ترتيب أولويات التمويل؟
جانب من مدينة الدار البيضاء المغربية يوم 20 أبريل 2023.المصدر: شاترستوك
تاريخ النشر:20 يوليو 2025, 04:00 ص

بعد توقف دام 7 سنوات، يعتزم البنك المركزي في المغرب بنهاية 2025، إحياء أدوات التمويل الإسلامي، وإصدار ثاني الصكوك السيادية منذ عام 2018، في وقت تتجه البلاد لنمو في مشاريع الطاقة والبنية التحتية استعداداً لمونديال 2030، ومساع لتقليل الديون الخارجية.

تلك الخطوة التي تأتي وسط مساع مغربية لتقليل الديون الخارجية، يراها خبراء اقتصاد تحدثوا لـ«إرم بزنس»، مهمة للغاية في مواجهة التضخم وتعظيم المشاريع الكبرى وتحقيق تنمية مستدامة بالبلاد، وتعزيز السيولة والاستثمارات والتمويل الوطني وتقليل الاعتماد على الديون الخارجية، ما يعيد ترتيب أولويات التمويل بصورة أكثر دعماً للاقتصاد الوطني.

أخبار ذات صلة

الخزينة المغربية: المداخيل الجمركية ترتفع أكثر من 8% في 6 أشهر

الخزينة المغربية: المداخيل الجمركية ترتفع أكثر من 8% في 6 أشهر

وفي نهاية 2024، أظهرت بيانات البنك المركزي في المغرب أن إجمالي الدين الخارجي بالبلاد بلغ حوالي 69.3 مليار دولار، مع ارتفاع بنسبة 6.6% عن العام السابق (65 مليار دولار). ويعود آخر إصدار لسندات تقليدية إلى أبريل الماضي بقيمة ملياري يورو (2.4 مليار دولار) لأجل أربع وعشر سنوات بعائد يبلغ حوالي 4.7%.

خطوة مهمة

على هامش منتدى دولي حول المالية الإسلامية بالرباط في 3 يوليو الجاري، أعلن عبد اللطيف الجواهري، محافظ بنك المغرب المركزي، خلال مؤتمر صحافي، أن المركزي ووزارة الاقتصاد والمالية يدرسان الجوانب التقنية للإصدار الثاني للصكوك وتقييم التجربة الأولى التي تمت قبل سنوات، دون تحديد موعد بشأنه.

ويرى الخبير الاقتصادي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، محمد البلتاجي، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن «اتجاه المغرب لإصدار ثان من الصكوك يتماشى مع اتجاهات مماثلة في كثير من الدول العربية تتجه لمثل هذه الصكوك خاصة لاستخدامها في تمويل مشاريع التنمية، ورأينا مصر وكذلك الإمارات والسعودية والكويت وغيرها».

البلتاجي أوضح أن «الصكوك المرتبطة بمشاريع لا تحمل الدولة مديونية ولا تسدد ديوناً بل تعزز اتجاه المستثمرين نحو الاستثمار المباشر في مشاريع، وتمول إنشاء بنية تحتية وجامعات ومستشفيات، ما يعزز الاستثمارات والسيولة».

كما لفت محمد البلتاجي إلى أن «المغرب قد ينجح بالدفع بهذه الصكوك في هذا الاتجاه الاستثماري الذي تحتاجه الرباط خلال الفترة المقبلة على مشاريع كبيرة فضلاً عن احتمال استقطاب تلك الصكوك السيولة الزائدة بالسوق المغربية، ما يقلل التضخم ويعزز فرص نمو المشاريع التنموية الكبرى والتمويل الوطني».

ويصف البلتاجي، اعتزام المغرب نحو العودة لإصدار ثان من الصكوك بعد 7 سنوات من نظيره السابق في 2018، بأنه «خطوة مهمة، ستعزز من تنويع ونجاح أدوات التمويل وتحقق لاقتصاد المغرب ما يتمناه من تنوع واستثمار حقيقي وتنمية مستدامة».

إلى ذلك ذكر تقرير حديث صادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية أن قطاع التمويل الإسلامي في المغرب سجّل ثاني أسرع معدل نمو للأصول عالمياً بنسبة 27.6% خلال الفترة من 2019 إلى 2024.

وكان المغرب قد دخل مجال التمويل الإسلامي رسمياً عام 2017، في إطار خطة موسعة تستهدف تعزيز السيولة في السوق المالية وجذب الاستثمارات الأجنبية، وفي 2018 نفذ أول إصدار للصكوك السيادية بقيمة مليار درهم (نحو 110 ملايين دولار) استُحقّت في 2023.

ولجأ المغرب إلى السندات الإسلامية بعدما أعطى في 2017 أول التراخيص للبنوك لتقديم منتجات تمويلية موافقة للشريعة الإسلامية، وسمي ذلك بـ«التمويل التشاركي».

وأغلب البنوك الإسلامية العاملة في المغرب تم إحداثها بشراكة بين البنوك المحلية ومستثمرين أجانب، ويهيمن منتج «المرابحة» لشراء العقارات والسيارات على الحصة الأكبر من التمويل الإسلامي الذي يمثل بحسب محافظ بنك المغرب المركزي نحو 2% من أصول القطاع المصرفي في البلاد.

بالعملة الأجنبية أم الوطنية؟

بدوره، قال الخبير الاقتصادي المغربي، إدريس العيساوي لـ«إرم بزنس»، إنه لم يحدد بعد هل سيكون هذا الإصدار المخطط له نهاية العام بالعملة الأجنبية أم الوطنية، لكن بكل حال سيكون له دور هام في دورة الاقتصاد بالبلاد ومشاريعها عبر تشاركية تنموية بأولوية أكبر بعيداً عن الديون والاقتراض الخارجي والأعباء على الدولة.

ولفت العيساوي، إلى أنه رغم حصة المؤسسات المالية الإسلامية لا تتجاوز 2% من إجمالي حجم الأصول المصرفية في البلاد إلا أن المغرب يسعى لنمو هذا القطاع وتوظيف أدواته التمويلية في مشاريع لا سيما المتربطة بالطاقة والتحول الأخضر أو الاستعداد لمونديال 2030.

وشدد الخبير الاقتصادي المغربي على أن بلاده تعزز ترتيب أدوات التمويل لديها، بصورة أكثر دعماً للاقتصاد الوطني، وذلك عبر إصدار صكوك سيادية جديدة بعد سلفها في 2017، لافتاً إلى أن العودة بالتأكيد تعني الكثير وحتماً شملت دراسات لتعظيم الفوائد لدعم المشاريع والاستثمار بالبلاد والابتعاد عن القروض وتقليل الديون الخارجية.

ويتوقع العيساوي أن تكون تجربة التمويلات التشاركية بالمغرب لها شأن كبير في المستقبل المنظور في ضوء تلك الجهود الجديدة.

أخبار ذات صلة

المغرب..14 شركة تضخ ملياري دولار لتعزيز قطاع العقارات

المغرب..14 شركة تضخ ملياري دولار لتعزيز قطاع العقارات

نمو متزايد

قدمت البنوك الإسلامية العاملة في البلاد تمويلات بقيمة 35 مليار درهم، لكنها لم تستقطب ودائع إلا بنحو 12 مليار درهم منذ إطلاقها، ما يدل على استمرار «مشكلة السيولة»، وفق محافظ بنك المغرب المركزي.

وقال الجواهري بهذا الصدد «لسنا راضين عن المؤشرات الحالية»، مشيراً إلى أن حصة المؤسسات المالية الإسلامية من إجمالي حجم الأصول المصرفية في البلاد لا تتجاوز 2%.

غير أنه أكد أن «التمويل التشاركي يسير في نمو متسارع وارتفاع متزايد رغم أنه ما زال يمثل 2% من النسيج البنكي الوطني وأصوله»، لافتاً إلى «إمكانيات واعدة يختزنها في اتجاه توفير صكوك تشاركية من الدولة والقطاع الخاص، فضلاً عن سوق الودائع المصرفية وليس فقط الاكتفاء بالقروض».

الجواهري أشار إلى أن المغرب قد استكمل حالياً بناء البنية التحتية الأساسية للتمويل الإسلامي وبدأ في تحديد العوائق التي تحول دون نمو هذا القطاع، بهدف توظيف إمكاناته في مشاريع استراتيجية، بما في ذلك «التحول الأخضر».

وتتم دراسة العوائق التي تواجه التمويل الإسلامي في المغرب، ومن ثمّ تجاوزها، لمواكبة نمو قطاع المالية التشاركية من خلال «التعاون بين بنك المغرب المركزي مع البنك الإسلامي للتنمية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية»، بحسب محافظ بنك المغرب المركزي.

ووصف المسؤول المغربي «تجربة البنوك التشاركية في المملكة بأنها «تجربة فتية وفي مراحلها الأولى»، غير أنه تنبّأ لها بـ«مستقبل نمو واعد إذ بدأت منظومة البنوك التشاركية تستدرك التأخر الذي حصل في قطاع التمويل الإسلامي- التشاركي، خاصة بعد سنة 2020 وتداعيات كورونا حينها».

ورداً على سؤال حول «مدى دعم البنوك التشاركية المغربية لمشاريع ودينامية استثمارات كأس العالم لكرة القدم 2030»، قال المسؤول المالي المغربي: «نعم، بكل تأكيد؛ فالبنوك التشاركية يمكنها تعبئة تمويلات للمشاريع التنموية وتأهيل وتشييد البنيات التحتية التي يعرفها المغرب استعداداً لتنظيم كأس العالم 2030».

وأكد أن «المقاولات التي تشتغل في إطار مشاريع البنيات التحتية لتنظيم المغرب لمونديال 2030، أمامها حرية الاختيار سواء في الولوج إلى البنوك التشاركية أو البنوك العادية»، ما يؤهلها لضمان إنجاح الاستعدادات الجارية والإسهام الفاعل في الديناميات الاستثمارية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC