اجتمع زعماء دول مجموعة بريكس في ريو دي جانيرو بالبرازيل اليوم الأحد حيث طالبوا بإصلاح المؤسسات الغربية التقليدية في الوقت الذي قدموا فيه المجموعة على أنها مدافع عن الدبلوماسية متعددة الأطراف في عالم يتزايد فيه الانقسام.
وفتح توسع تجمع بريكس ليضم دولاً نامية مساحة جديدة للتنسيق الدبلوماسي في وقت خيمت فيه الانقسامات على مجموعات اقتصادية مثل الدول السبع الصناعية الكبرى ومجموعة العشرين وهي تجمعات تعاني أيضاً من تبعات نهج "أمريكا أولاً" الذي يتبعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وخلال كلمته الافتتاحية في الاجتماع، شبه رئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا التجمع بحركة عدم الانحياز إبان الحرب الباردة وهي مجموعة من الدول النامية التي قاومت الانضمام رسمياً إلى أي من طرفي النظام العالمي المنقسم.
وقال لولا لزعماء المجموعة: «بريكس هي وريثة حركة عدم الانحياز. ومع تعرض التعددية للهجوم، أصبح استقلالنا مهدداً مرة أخرى».
وأشار لولا في تصريحات أدلى بها أمس إلى أن دول «بريكس» تمثل الآن ما يزيد على نصف سكان العالم و40 بالمئة من الناتج الاقتصادي، محذراً في الوقت نفسه من تزايد سياسات الحماية التجارية.
وكانت «بريكس» تضم في أولى قممها عام 2009 البرازيل وروسيا والهند والصين، قبل إضافة جنوب أفريقيا لاحقاً، ثم مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والسعودية والإمارات بعضوية كاملة العام الماضي. واليوم ستكون أول قمة للزعماء تحضرها إندونيسيا.
وقال دبلوماسي برازيلي طلب عدم الكشف عن هويته: «الفراغ الذي تركه الآخرون تملؤه بريكس على الفور تقريباً. وأضاف الدبلوماسي أنه على الرغم من أن مجموعة السبع لا تزال تتمتع بنفوذ واسع فإنها "لم تعد تتمتع بالهيمنة التي كانت تحظى بها في السابق» .
وهناك تساؤلات حيال الأهداف المشتركة لمجموعة بريكس مع تزايد عدم تجانسها عندما اتسعت لتشمل دولاً متنافسة واقتصادات ناشئة كبرى.
ومما قلل من أهمية قمة هذا العام بعض الشيء، قرار الرئيس الصيني إرسال رئيس الوزراء بدلاً منه وحضور الرئيس الروسي عبر الإنترنت فقط بسبب مذكرة اعتقال صادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
لكن العديد من الزعماء تجمعوا في متحف الفن الحديث في ريو دي جانيرو لإجراء مناقشات اليوم وغداً. ومن بين هؤلاء الزعماء رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا.
وأبدى أكثر من 30 دولة اهتمامها بالمشاركة في بريكس بالعضوية الكاملة أو الشراكة.
أضاف توسع بريكس ثقلاً دبلوماسياً للمجموعة التي تطمح إلى التحدث باسم الدول النامية في جميع أنحاء الجنوب العالمي، مما يعزز الدعوات لإصلاح مؤسسات عالمية مثل مجلس الأمن وصندوق النقد الدولي.
وقال لولا في كلمته الافتتاحية: «إذا لم تعكس الحوكمة الدولية الواقع الجديد متعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين فإن الأمر متروك لمجموعة بريكس للمساعدة في تحديثها» .
ودافع لولا عن سلامة حدود إيران، بعد أسبوعين من القصف الأميركي لمنشآتها النووية، وسلط الضوء على فشل الحروب التي قادتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وقال دبلوماسيون يعكفون على صياغة بيان مشترك إن دول مجموعة بريكس ستواصل أيضاً انتقاداتها المستترة لسياسة ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية. وفي أبريل نيسان، عبّر وزراء خارجية المجموعة عن قلقهم إزاء إجراءات الحماية الأحادية غير المبررة بما في ذلك الزيادة العشوائية في الرسوم الجمركية المضادة.
وتستغل البرازيل التي تستضيف أيضاً قمة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ في نوفمبر كلا التجمعين لتسليط الضوء على مدى جدية الدول النامية في التصدي لتغير المناخ في الوقت الذي أوقف فيه ترامب مبادرات الولايات المتحدة المتعلقة بهذه القضية الحساسة.
ومع توسع التكتل، زادت أيضاً التحديات في التوصل إلى توافق بشأن القضايا الجيوسياسية الخلافية.
وقبل القمة، واجه المفاوضون صعوبة في صياغة بيان مشترك بشأن قصف غزة والصراع الإسرائيلي الإيراني واقتراح إصلاح مجلس الأمن وذلك وفقاً لمصدرين طلبا عدم الكشف عن هويتهما.
وقال شخص مطلع على المفاوضات لرويترز إنه من أجل تجاوز الخلافات بين الدول الأفريقية بخصوص تمثيلها في مجلس الأمن بعد الإصلاح، اتفقت المجموعة على تأييد منح البرازيل والهند مقعدين مع ترك الباب مفتوحاً لتحديد الدولة التي ستمثل مصالح أفريقيا.