هل إفلاس البنوك يعد مؤشراً على دخول الركود؟

شهد النظام المالي في الولايات المتحدة الأميركية خلال الأيام القليلة الماضية، انهيار بنك سيليكون فالي SVB في ولاية كاليفورنيا، و الذي خدم صناعة التكنولوجيا لمدة عقود، وهو أكبر مقرض أميركي يفشل منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

وبعد ساعات من إعلان بنك SVB الإفلاس، أعلنت إدارة الخدمات المالية بولاية نيويورك، أنها استحوذت على بنك سيغنتشر وألحقت صفة المستلم بالمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، وذلك في ثاني حالة إفلاس لبنك في غضون أيام.

وأضافت الإدارة في بيان أن الودائع لدى بنك سيغنتشر بلغت حوالي 88.59 مليار دولار في المجمل حتى يوم 31 ديسمبر، وفق رويترز.

مصير البنوك الأخرى

من ناحيته قال المحلل الاقتصادي أحمد الخطيب، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية" إن وضع الإدارة الأميركية خطة لإنقاذ الودائع يعد أمراً جيداً للأسواق، ويخفف من احتمالية انتقال العدوى للبنوك الأخرى.

حيث قامت الحكومة الأميركية باستخدام عدة وسائل للتأكيد على وجود ضمان لجميع الودائع الموجودة داخل البنك، مع عدم تغطية خسائر المساهمين أو خسائر البنك.

وفي نفس السياق قال أستاذ التمويل في جامعة ولاية تكساس، ويليام تشانندل، أنه في أواخر عام 2022، كان ترتيب بنك SVB السادس عشر في الولايات المتحدة، بأصول تبلغ 209 مليارات دولار، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه لا يمثل سوى 0.91% فقط من جميع الأصول المصرفية في الولايات المتحدة، ولذلك فإن خطر امتداد فشل SVB إلى البنوك الأخرى ضئيل جدا.

وأشار تشانندل إلى أن انهيار بنك SVB يسلط الضوء على المخاطر التي تواجهها العديد من البنوك في محافظهم الاستثمارية، وأكد أنه "في حال استمرت أسعار الفائدة في الارتفاع فستستمر قيمة المحافظ الاستثمارية للبنوك في جميع أنحاء الولايات المتحدة في الانخفاض".

وقال: "الخبر السار هو أن معظم البنوك لديها حاليًا ما يكفي من رأس المال لاستيعاب هذه الخسائر -مهما كانت كبيرة- جزئيًا بسبب الجهود التي بذلها الاحتياطي الفيدرالي بعد الأزمة المالية لعام 2008 لضمان قدرة الشركات المالية على تحمل أي عاصفة".

كيف سيتحرك الفيدرالي الأميركي؟

وفيما يخص أسعار الفائدة أوضح الخطيب، أنه بات أمام الفيدرالي الأميركي متغير آخر في خطة كبح التضخم، حيث بات الوضع بالنسبة للفيدرالي الأميركي أصعب، مؤكداً أنه في حال لم تظهر تداعيات أخرى في القطاع المصرفي والبنوك خلال الفترة القادمة، فمن المتوقع أن يقوم الفيدرالي الاميركي بتهدئة الأسواق عن طريق رفع أسعار الفائدة بنسبة بسيطة، ومن ثم إعادة تقييم الوضع المستقبلي بناء على البيانات الاقتصادية.

مؤشر الركود

وأكد الخطيب أن حالات إفلاس البنكين الأميركيين، لا تعد مؤشرا على الدخول في ركود اقتصادي أو حتى احتمالية الدخول في الركود، بل يعتمد ذلك على العديد من الانعكسات، موضحاً أنه في حال انتشرت حالات فشل البنوك "سنكون أمام أزمة وليس ركودا فقط" مؤكدا أنه حتى الآن لا يزال الوضع تحت السيطرة.

الانهيار المفاجئ

وقال أستاذ التمويل في جامعة ولاية تكساس ويليام تشانندل، أن السبب وراء الانهيار المفاجئ لبنك SVB، جاء بسبب أن البنك لم يكن لديه نقود كافية للدفع للمودعين وفقا لموقع فورتشن.

وأوضح تشانندل أن بداية القصة كانت أثناء الوباء، عندما جمع بنك SVB إلى جانب العديد من البنوك الأخرى ودائع أكثر مما يمكن إقراضها للمقترضين، وتضاعفت تلك الودائع في عام 2021.

وأضاف أن البنك كان عليه أن يفعل شيئا بتلك الأموال في حال لم يتمكن من اقراضها، ولهذا السبب قام بالاستثمار في سندات الخزانة الأميركية التي تعتبر فائقة الأمان، في حين تسببت الزيادة السريعة في أسعار الفائدة بين عامي 2022 و 2023 في انخفاض في قيمة السندات، مشيرا إلى أنه من سمات السندات والأوراق المالية المماثلة أنه عندما ترتفع العائدات أو أسعار الفائدة، تنخفض الأسعار، والعكس صحيح.

وتلقى البنك مؤخرا ضربة بقيمة 1.8 مليار دولار أميركي، بعد أن قام ببيع بعض هذه الأوراق المالية، وفي نفس الوقت لم يتمكن من زيادة رأس المال لتعويض الخسارة، مما دفع شركات رأس المال الاستثماري البارزة إلى تقديم المشورة للشركات المستثمرة لسحب أعمالها من البنك، وكان لذلك تأثير كرة الثلج، حيث دفع العديد من المودعين لسحب أموالهم أيضا.

بلغت قيمة عمليات سحب المودعين والمستثمرين أموالهم يوم الخميس فقط 42 مليار دولار، حسب إفصاح الجهة الرقابية.

وكانت خسائر الاستثمار، إلى جانب عمليات السحب كبيرة جدا، بحيث لم يكن أمام المنظمين خيار سوى التدخل لإغلاق البنك لحماية المودعين.

وفي نهاية عام 2022 كان لدى بنك SVB ودائع بقيمة 175.4 مليار دولار.

وقالت مؤسسة التأمين الفدرالية، إن المودعين الذين لديهم 250 ألف دولار أو أقل في SVB سيكونون قادرين على الوصول إلى جميع أموالهم عند إعادة فتح البنك.