الشركات العائلية تدق أبواب البورصة.. مزايا وهواجس

خاص
خاص
تشكل الشركات العائلية حصة معتبرة من اقتصاديات العديد من الدول العربية، بعدما تمكن الكثير منها عبر سنوات وعقود من العمل والكفاح من صناعة أسماء أصبحت كل منها "ماركة مسجلة" في نشاطه.

لكن وبعد تغيّر الزمن تبين أن معظمها خارج نطاق أسواق المال رغم أهمية ذلك للشركات والاقتصاد معًا، إذ تضمن البورصة استمرارية هذه الشركات عبر الإدراج، وضخ استثمارات جديدة تمكنها من توسيع عملياتها وتطوير إمكانياتها.

ومن مميزات انضمام الشركات للبورصة، التقييم العادل لقيمتها السوقية والدفترية وفقًا لمتوسطات أسعار الأسهم في البورصة بناء على ميزانيتها المدققة ومعدلات أرباحها وتوزيعاتها السنوية، وهو ما لا يتواجد في الشركات غير المقيدة بالبورصة.

قيم مضافة

علاوة على ذلك يمكن لحملة الأسهم- بناء على قيمة الأسهم التي بحوزتهم الاقتراض برهن الأسهم والتوسع في أعمال خاصة به، ومن ثم ترتفع الثروات المحققة من إنتاج قيم مضافة جديدة في أعمال وأنشطة مختلفة.

وحسب دراسة أجرتها شركة «كي بي أم جي» العالمية، فإن 30% فقط من الشركات العائلية تصمد بثبات حتى الجيل الثاني للعائلة، و13% منها تصمد حتى الجيل الثالث، و3% فقط تستمر حتى الجيل الرابع.

ويحمي الإدراج في البورصة الشركة ويسمح بنقل سلس للملكية والتخارج لمن يرد التخارج عندما يزداد عدد الورثة كثيرًا. إضافة لذلك فإن رأس المال بعد الاكتتاب فيه من مساهمين جدد يتجه للزيادة عما كان عليه في الشركة العائلية، وبالتالي تزيد فرص تحقيق أغراض الشركة، وربما إضافة أغراض جديدة إلى محفظتها الاستثمارية.

الافتقار للثقافة المالية

وحول أسباب عزوف الشركات العائلية عن الإدراج في البورصة، لفتت داليا السواح، نائب رئيس جمعية مستثمري المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى أن ذلك يرجع إلى الافتقاد للثقافة المالية وثقافة البورصة، فقد كانت الشركات العائلية تخشى مشاركة مستثمرين من خارجها في هيكل الملكية.

وأضافت السواح في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية": "فرضت المستجدات الاقتصادية ضرورة تغيير الصورة الذهنية لدى ملاك هذه الشركات خصوصًا مع تزايد فاتورة الاحتياجات التمويلية بعد ارتفاع أسعار الفائدة على مستوى العالم"، ففي السوق الأميركي قفزت أسعار الفائدة لمستويات غير مسبوقة من 0.25% إلى 5%، وأيضا نفس النسبة أو قريبا منها في دول الخليج، وفي مصر ارتفعت أسعار الفائدة من 11% حتى 21%.

أرخص وسيلة للتمويل

وأضافت السواح: "هناك مقولة شهيرة نكررها في أسواق المال مفادها، أن البورصة هي "أرخص وسيلة للتمويل" لأن من يقوم بإدراج شركته ويعمل على إتاحة جزء من رأسمالها للتداول، يتيح بالتالي دخول مستثمرين جدد يساهمون في توفير السيولة اللازمة لزيادة رأس المال، فضلا عن التنوع في حقوق الملكية.

وأوضحت أنه، على سبيل المثال، بدأت البورصة المصرية، منذ نحو عامين، في عمل ندوات وورش عمل على مستوى محافظات الجمهورية وكذلك عقد مؤتمرات بالجامعات المصرية للتوعية بأهمية سوق المال وتعزيز ثقافة الاستثمار في البورصة والتعريف بالشركات ومدى استفادة الشركات من الإدراج، مشيرة إلى أن هذه الخطوة حققت نتائج ملموسة على أرض الواقع.

استغلال الموارد

وعادت السواح لتؤكد أن إجراءات البورصة مثل الشفافية والإفصاح والحوكمة أصبحت في صالح الشركات وليست سيفًا مسلطًا على رقابهم كما كان تصورهم في الماضي، ناصحة في الوقت نفسه المستثمرين وأصحاب الشركات باستكشاف أهمية الدخول في البورصة.

وتابعت: "أي شركة تمر بفترة توسع في نشاطها وبالتالي تحتاج إلى تمويل وفي ظل معدلات الفائدة المرتفعة يصعب اللجوء لتمويل مصرفي قد لا يتناسب مع عائدات الشركة، ومن ثم تزيد الخسائر وليس الإيرادات، إذن لابد أن يكون هناك بدائل للنظر في استغلال الموارد بشكل أمثل في ظل الأزمة الراهنة.

ضمان الأموال

وبخصوص الإجراءات التي تجعل أصحاب الشركات يعزفون عن الإدراج في البورصة، قالت داليا السواح إن كل مصدر من مصادر التمويل يضع إجراءات لضمان استرداد أمواله؛ فالبنوك لديها إجراءات كثيرة عند تقديم قروض، وكذلك البورصة مع الاختلاف فالبورصة تسعى أيضا للحفاظ على أموال صغار المستثمرين من حملة الأسهم، لذا لابد من بعض الإجراءات التي أصبحت سهلة ومرنة للجميع.

أما عن فصل الملكية، أشارت داليا السواح إلى عدم وجود شروط في البورصة المصرية- تحديدا- تقضي بموجبها فصل الملكية عن الإدارة للشركات المقيدة، وإنما مطلب البورصة الوحيد في هذا الأمر يتمثل في ضرورة تعيين أو انتخاب عضويين مستقلين من خارج الملاك إضافة إلى أهمية وجود العنصر النسائي بمقعد في مجلس الإدارة.

ونوهت بأن إجراءات ولوائح القيد والإدراج تختلف من سوق عربية إلى آخر، فبعض الأسواق تقر فصل الإدارة عن الملكية والبعض الآخر تقدم خيارا أسهل.

الإدراج الناجح

ويؤكد محللون وخبراء أسواق مال أن الإدراج الناجح يرفع القيمة السوقية للبورصة، ويزيد من عمقها وسيولتها ويجعلها محط أنظار المتداولين والمستثمرين، وبالتالي تؤدي دورا كبيرا في دعم الاقتصاد القومي، مما يستوجب تهيئة بيئة مواتية تساعد الشركات على التأسيس والتوسع والنمو.

وقال عاصم منصور، كبير استراتيجيي الأسواق في شركة أوربكس مصر في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إن إدراج الشركات العائلية في البورصات العربية يساعد على تعزيز سيولة البورصة ومساهمتها البارزة في الدخل القومي، مستدلاً ببعض الإحصائيات الحديثة، التي أظهرت أن 90% من الشركات في الشرق الأوسط هي شركات عائلية تمثل نحو 80% من إجمالي الدخل القومي، وهو ما يستوجب دعم هذه الشركات بقوة وفتح أبواب البورصة لها، خاصة أن هذه الشركات تستحوذ على 70% من إجمالي حجم العمالة في الأسواق العربية.

وبين أن هناك مميزات وعيوبا للشركات العائلية، فمثلاً ما بين كل 100 شركة نجد أن 30% فقط تستمر حتى الجيل الثالث أو الرابع، عازيًا ذلك إلى عدم وجود دعم مهني وفرق تدريب، وبالتالي قرار الإدراج يساعد على استدامة هذه الشركات ومواصلة أنشطتها والحفاظ على كيانها.

إدراج مجموعة علي الغانم بالكويت

ولفت عاصم منصور إلى أهمية إدراج شركات عائلية كبرى في المنطقة، فمثلا في السوق الكويتي جرى إدراج مجموعة علي الغانم وأولاده للسيارات منذ أشهر وهي إحدى المجموعات الاستثمارية الضخمة، ومن المؤكد أنها إضافة نوعية لبورصة الكويت.

وأردف بقوله: "نود أن نسمع عن إدراج شركات بحجم مجموعة العربي، ومنصور غروب، وحسن علام، ومعمار المرشدي، وكلها شركات عائلية ضخمة، وفي حال إدراجها ستعمل على رفع وتيرة السيولة كما ستتلقى دعمًا أكبر، ما يساهم في زيادة للدخل القومي.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com