وول ستريت
وول ستريتقناة السويس، رويترز

اضطرابات البحر الأحمر وتأثيرها على صناعة الملابس

يواجه تجار التجزئة معضلة جديدة في البحر الأحمر، في الوقت الذي بدأت فيه اضطرابات سلاسل التوريد في التلاشي، وفي حين أن الزيادات في تكلفة الشحن ليست قريبة من الصدمة، التي شهدها العالم في عام 2021، فإن جداول التسليم غير المنتظمة ستسبب تأخيراً في وصول البضائع في غير موسمها، إضافة للخصومات الكبيرة التي ستأتي مع هذا التأخير.

ويهاجم الحوثيون في اليمن، السفن التجارية المسافرة عبر البحر الأحمر منذ نوفمبر/تشرين الثاني، ما دفع الشركات إلى إعادة توجيه السفن التي تشحن كل شيء، بدءاً من الملابس إلى الأثاث، حول الطرف الجنوبي لإفريقيا، وهو طريق طويل يؤخر وصول البضائع حوالي أسبوع أو أسبوعين.

وقد أدى هذا التأخير إلى ارتفاع في تكلفة الشحن على الطرق الأخرى أيضاً، وفي الوقت نفسه، أدى الجفاف إلى إعاقة عبور السفن عبر قناة بنما، حيث يبدأ تجار التجزئة في تحميل المخزون في أواخر الربيع وأوائل الصيف، في هذا الوقت من العام، وفقاً لجوناثان غولد، نائب رئيس سلسلة التوريد والسياسة الجمركية في الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة.

تأثير مباشر

هذا الاضطراب له التأثير اللحظي الأكبر على الشركات، التي تبيع منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية، حيث تمر حوالي 28% من تجارة الحاويات في العالم عبر البحر الأحمر، وتنقل غالبية هذه الحاويات البضائع من وإلى أوروبا، وفقاً لتقرير صادر عن "بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش" BofA Global Research.

ويعد هذا الطريق مهماً أيضاً للشركات الأميركية، التي تشحن المنتجات من جنوب آسيا. وتشحن الواردات من دول جنوب آسيا، مثل الهند وبنغلاديش، عبر قناة السويس إلى الساحل الشرقي، بينما تمر الواردات المصنوعة في شرق آسيا، عبر المحيط الهادئ إلى الساحل الغربي، وفقاً لأنيشا شيرمان، محللة الأسهم في بيرنشتاين.

ولا يعتبر التأخير مثالياً لأي شركة، وبشكل خاص الشركات التي تبيع بالموسم، مثل ملابس الموضة السريعة. وفي حين أن شركة "إتش أند إم" وشركة "إنديتكس" المالكة لشركة "زارا"، تعتمدان على أوروبا فيما يقرب من 60% من مبيعاتهما، فإن شركة "إتش أند إم" أكثر عرضة لاختناقات الشحن لأن معظم منتجاتها يتم نقلها عن طريق البحر من آسيا، وفقاً لتقرير صادر عن شركة بيرنشتاين.

وعلى النقيض من ذلك، تتمتع "إنديتكس" بمهل زمنية أسرع، لكنها لا تعتمد على آسيا كثيراً في التصنيع، وتستورد المزيد من أوروبا، وتستخدم الشحن الجوي لمعظم عناصرها، حسبما ذكر التقرير.

أما شركات الملابس الأميركية فتتأثر في حال اعتمدت على الواردات البحرية من جنوب آسيا. وأخبرت شركة "أبركرومبي آند فيتش" الموردين، بأنها تهدف إلى التحول إلى الشحن الجوي، حيثما أمكن ذلك، وفقاً لبلومبرغ نقلاً عن رسالة بريد إلكتروني من الشركة إلى مورديها.

وبحسب ما ورد قالت الشركة إن جميع شحناتها من الهند وسريلانكا وبنغلاديش تمر عبر قناة السويس. وفي مؤتمر صناعي عقد في يناير/كانون الثاني، قال فرانك كونفورتي، الرئيس التنفيذي للعمليات في "أوربان آوتفيترز"، إن حوالي 25% إلى 30% من تشكيلة الشركة، تأتي من الهند وباكستان، لكن معظم ملابسها القادمة من تلك المنطقة يتم نقلها جواً.

ويمكن أن تؤثر عقبات الشحن أيضاً على علامتي الملابس الرياضية "نايكي" و"أديداس"، على الرغم من أن منتجاتهما ليست بالكامل موسمية. وتعتمد نايكي وأديداس على أوروبا في حوالي 30% و40% من مبيعاتهما على التوالي. وتعد وارداتهما من الأحذية إلى أميركا الشمالية أقل تأثراً، لأن معظمها يأتي من شرق آسيا ويتم شحنه عبر المحيط الهادئ، لكن مزيجاً أكبر من وارداتهما من الملابس يأتي من جنوب آسيا، وفقاً لتقرير بيرنشتاين. وقال التقرير إنه على الرغم من أن شركة "لولوليمون" لا تعتمد كثيراً على أوروبا في المبيعات، إلا أن الشحنات إلى أميركا الشمالية قد تتأثر لأن حوالي 20% من إنتاجها يأتي من جنوب آسيا.

وتمثل الشحنات المتأخرة خطراً أكبر على المدى القريب، في حين أن تكاليف الشحن لطرق شرق آسيا إلى الساحل الغربي، ارتفعت بنسبة 79% منذ بداية ديسمبر، وفقاً لشركة Freightos، إلا أنها لا تزال حوالي 14% فقط من مستويات الذروة لعام 2021. وبعد الزيادات في تكاليف الشحن لعام 2021، شهدت مجموعة من تجار التجزئة الأميركيين الذين تتبعهم "بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش" انخفاض هوامشهم الإجمالية، بنسبة 2 إلى 5 نقاط مئوية، بسبب تكاليف الشحن الإضافية.

وبطبيعة الحال، قد يؤدي التعطيل لفترة طويلة إلى رفع تكاليف الشحن، إلى مستويات تآكل الهامش مرة أخرى. وقالت شيرمان إن ذلك قد يؤدي أيضاً إلى زيادة الطلب على النقل الجوي والبري بشكل عام، مما يؤثر على جميع تجار التجزئة، وليس فقط أولئك الذين يعتمدون على قناة السويس. وإذا تم توجيه المزيد من الشحنات إلى الولايات المتحدة عبر الساحل الغربي، على سبيل المثال، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على النقل بالشاحنات والسكك الحديدية محليا.

وفي بعض النواحي، يكون تجار التجزئة في وضع أفضل، لمواجهة الاضطرابات الجوية، حيث تدرب العديد منهم على التعامل أثناء الوباء، وانخفض مخزونهم إلى المستويات الطبيعية.

ومع ذلك، كلما ظل طريق البحر الأحمر محفوفاً بالمخاطر لفترة أطول، ارتفع خطر زيادة التكاليف.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com