وول ستريت
وول ستريتshutterstock

هل اختطفت بينانس دور "المركزي النيجيري"؟

اعتقلت السلطات النيجيرية مسؤولين كبيرين في بورصة بينانس للعملات المشفرة وهما تيغران جامباريان، رئيس قسم الامتثال للجرائم المالية في بينانس أميركي الجنسية، وعميل خاص سابق في دائرة الإيرادات الداخلية، وزميله نديم أنغاروالا، وهو مواطن بريطاني كيني والمدير الإقليمي لبينانس في أفريقيا، وفقًا لعائلاتهم.

وسافر المسؤولان إلى العاصمة النيجيرية لحل بعض المشاكل حيث تلقي الحكومة النيجيرية باللوم على أكبر بورصة عملات مشفرة في العالم في انهيار العملة.

ولم يتم توجيه اتهامات إلى موظفي بينانس، المحتجزين في منزل تحت الحراسة، بارتكاب أي جرائم، ولم تعلق الحكومة، التي دعتهم إلى نيجيريا لعقد اجتماعات، على الاعتقالات بشكل علني.

وواجهت نيجيريا، صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا ويبلغ عدد سكانها أكثر من 220 مليون نسمة، العديد من أزمات العملة من قبل.

وتوافد النيجيريون على العملات المشفرة في السنوات الأخيرة لحماية مدخراتهم من ارتفاع معدل التضخم، الذي وصل إلى ما يقرب من 30% في يناير، والعملة المتراجعة، والتي أصبحت واحدة من أسوأ العملات أداءً في العالم هذا العام حيث يعيش ثلثا السكان تحت خط الفقر.

وتتمتع البلاد بثاني أعلى نسبة اعتماد للعملات المشفرة في العالم، بعد الهند، حيث تلقى النيجيريون ما قيمته حوالي 60 مليار دولار من معاملات العملات المشفرة في الـ12 شهراً حتى يونيو 2023، وفقاً لشركة تشيناليسيس.

ونظراً لأن الحكومة شددت القيود على من يمكنه استبدال العملة المحلية بالدولار وبأي سعر صرف، لجأ الكثيرون إلى العملات الرقمية المرتبطة بالدولار الأميركي، والمعروفة باسم العملات المستقرة.

وعليه أصبحت تجارة العملات المستقرة في جوهرها سوقاً سوداء حيث الدولار أضعف بكثير من الأسعار الحكومية، وأصبحت منصة بينانس، البورصة الأكثر شعبية، هي المكان الأمثل للتحقق من سعر السوق السوداء، وفقًا لتجار العملات.

واتهم بايو أونانوغا، المستشار الخاص للرئيس النيجيري، بينانس بتحديد سعر الصرف لنيجيريا واختطاف دور البنك المركزي.

وكتب في منشور على منصة X: "يجب حظر العملات المشفرة في بلدنا وإلا سيستمر نزيف عملتنا بلا هوادة".

وحاولت الحكومة الجديدة التي وصلت إلى السلطة العام الماضي تبسيط النظام المعقد لأسعار الصرف الرسمية وإعطاء السوق المزيد من التأثير على قيمة العملة.

لكن الفجوة المستمرة بين قيمة العملة، والسعر على موقع بينانس الإلكتروني لا تزال تتزايد.

وفي تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال قال أونانوغا إن منصة بينانس تتعاون مع السلطات وتجري مناقشة التعويضات لنيجيريا.

إغلاق الموقع

وأمرت لجنة الاتصالات النيجيرية شركات الاتصالات بتقييد الوصول إلى مواقع بينانس ومنصات العملات المشفرة الأخرى.

وأشار أولايمي كاردوسو، رئيس البنك المركزي النيجيري، إلى أنه تم استخدام منصات العملات المشفرة للتلاعب بالسوق.

وفي حالة بينانس، قال إن 26 مليار دولار مرت عبر منصتها في نيجيريا في العام الماضي من مصادر ومستخدمين لم يتمكن البنك المركزي من تحديدهم بشكل كاف، ولم يذكر من أين جاء الرقم.

وقال متحدث باسم بينانس إن الشركة تدقق بشكل مشدد على هويات جميع المستخدمين. وعلى الرغم من أنه لم يعلق على رقم 26 مليار دولار، إلا أنه أوضح أن التداول ليس كله مرتبط بالنيرا النيجيرية، نظراً لأنه يمكن للمستخدمين تداول عملة مشفرة مقابل أخرى، وأضاف أنه لا ينبغي الخلط بين إجمالي حجم التداول والأموال الحقيقية المتدفقة عبر البورصة.

وقال: "نحن نتعاون مع السلطات النيجيرية لإعادة نديم وتيغران إلى أسرتيهما بأمان"، "نحن على ثقة من أنه سيكون هناك حل سريع لهذه المسألة".

وقالت الشركة في منشور على مدونتها إن منصة بينانس تسمح للمشترين والبائعين بالتداول فيما بينهم، لذا فهي لا تحدد الأسعار. وعندما يكون هناك تقلبات شديدة في النيرا، يتوقف النظام تلقائياً لمنع التلاعب، وأضافت الشركة أنه تم طرد التجار الذين يحاولون التلاعب بالسوق.

وتأسست منصة بينانس في عام 2017 في الصين، ولها تاريخ في إثارة حفيظة الحكومات، وعملت منذ فترة طويلة دون مقر من خلال موقعها الإلكتروني العالمي.

وفي نوفمبر، استقال مؤسس بينانس تشانغ بينغ زاو، من منصبه كرئيس تنفيذي وأقر بأنه مذنب في انتهاك متطلبات مكافحة غسيل الأموال الأميركية. ووافقت الشركة على دفع غرامات بقيمة 4.3 مليار دولار، وهي الأكبر على الإطلاق المفروضة على شركة عملات مشفرة، وينتظر زاو حالياً الحكم في الولايات المتحدة.

وفي نيجيريا، قالت هيئة الأوراق المالية العام الماضي إن كياناً محلياً في بينانس يعمل بشكل غير قانوني وأمرته بالتوقف عن تقديم خدماته، ولكن استمر المستخدمون في الوصول إلى موقع Binance.com العالمي.

وفي الأسبوع الماضي، قالت منصة بينانس إنها ستوقف أي خدمات تتضمن النيرا، مما يوجه ضربة لجهودها لإعادة بناء أعمالها في الأسواق الناشئة سريعة النمو.

وتزايد استخدام العملات المشفرة المرتبطة بالدولار الأميركي في بلدان العالم النامي. وفي الاقتصادات التي تعاني من ضغوط مالية حيث تندر الدولارات الفعلية، مثل تركيا والأرجنتين وروسيا، لجأ السكان المحليون إلى بورصات العملات المشفرة والعملات الرقمية الشبيهة بالدولار التي يقدمونها كبديل.

اللعب وفق القواعد

تعهد الرئيس التنفيذي لشركة بينانس، ريتشارد تنغ، عندما تولى منصبه العام الماضي بالعمل وفقاً للقواعد والتعامل مع السلطات الحكومية.

ووصل غامباريان، 39 عاماً، وأنغاروالا، 37 عاماً، إلى أبوجا، عاصمة نيجيريا، في 25 فبراير، بدعوة من المسؤولين الحكوميين الذين طلبوا سلسلة من الاجتماعات، وفقاً لأسرتيهما.

وفي اليوم التالي، جلس الاثنان مع مسؤولين من البنك المركزي النيجيري، وهيئة تنظيم الأوراق المالية، ومكتب الأمن القومي، ووكالة الاستخبارات المالية، وقالت عائلتاهما إن الاجتماع استمر حوالي ساعتين، وشعر غامباريان وأنغاروالا بأنه تم إحراز تقدم.

وبدلاً من ذلك، تم اصطحاب موظفي بينانس إلى الفندق الذي يقيمون فيه وطُلب منهم حزم أمتعتهم وتم نقلهم إلى منزل تحت الحراسة المشددة، دون تقديم أي سبب.

أثناء عمله كعميل خاص في مصلحة الضرائب الأميركية، شارك غامباريان في إغلاق بورصة العملات الرقمية BTC-e، والتي اتهمتها السلطات الأميركية بتسهيل الجريمة في عام 2017، وانضم إلى بينانس في عام 2021.

كما عمل أنغاروالا في شركة لرأس المال الاستثماري وفي أوبر قبل انضمامه إلى بينانس في عام 2022. وأضيفت نيجيريا إلى مسؤولياته في ديسمبر.

وفي 28 فبراير أصدرت محكمة نيجيرية أمراً يسمح للجنة الجرائم الاقتصادية والمالية في البلاد باحتجاز الرجلين لمدة أسبوعين، على ذمة التحقيق، وفقاً لزوجة أنغاروالا التي قالت إن الرجال وعائلاتهم لم يتم إبلاغهم بموضوع التحقيق.

وفي المنزل، يُسمح للرجلين باستخدام هواتفهما من وقت لآخر، ولكن دائماً تحت إشراف الحراس.

وقالت يوكي غامباريان، زوجة أحد المحتجزين، إنها تتواصل مع زوجها عبر رسالة نصية مرتين أو ثلاث مرات في اليوم عندما يُسمح له بذلك.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com