خاص
خاصأسعار الغذاء العالمية

انخفاض أسعار الغذاء العالمية يثير تساؤلات بشأن مستقبل الأمن الغذائي

اثار انخفاض أسعار الغذاء العالمية للشهر السابع على التوالي، تساؤلات بشأن مستقبل الأمن الغذائي، بعدما خالفت الأسعار توقعات الخبراء، الذين رجحوا لها ارتفاعاً كبيراً.

 ففي ظل التغيرات المناخية وموجات الجفاف التي ضربت كبرى الدول المنتجة للقمح، كان من المُتوقع أن تُواجه الأسواق العالمية نقصاً في الإنتاج، وارتفاعًا حادًاً في الأسعار، ولكن ما حدث هو عكس ذلك تماماً، إذ شهدت أسعار القمح والذرة وفول الصويا انخفاضاً ملحوظاً خلال الأشهر الماضية.

 انفراجة مؤقتة

 واعتبر سفير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة السابق، الدكتور فاضل الزغبي، أن "هذا التراجع يعكس انفراجة محتملة في الأزمة الغذائية العالمية، التي ضربت العالم خلال العامين الماضيين".

 وأضاف لـ«إرم الاقتصادية»، أن الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاع أسعار الغذاء بشكل مبالغ فيه، بالإضافة إلى تفاقم أزمة الأمن الغذائي، بسبب التغيرات المناخية، التي هددت ليس فقط أسعار الغذاء، بل تسببت في ندرة السلع الغذائية الأساسية وأبرزها القمح.

 ورغم تراجع مؤشر الـ (فاو) خلال شهر فبراير الماضي، فإن الدكتور فاضل الزغبي يتوقع ارتفاع أسعار الغذاء خلال الفترة المقبلة، وأرجع توقعاته إلى عدد من العوامل، أبرزها الأحداث الجيوسياسية، التي يشهدها البحر الأحمر حالياً، إذ تجبر سفن الشحن على تغيير مسارها، ما يُكلفها أسعاراً باهظة تتحملها في النهاية جيوب المستهلكين.

 وكشفت آخر بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، عن تراجع ملحوظ في مؤشر أسعار الغذاء العالمية، إذ سجل متوسط 117.3 نقطة في فبراير 2024، بانخفاض 0.9 نقطة (0.7%) عن يناير الماضي.

 وأشار سفير الأمم المتحدة السابق إلى انخفاض أسعار جميع الحبوب والسلع الغذائية الرئيسة، وعلى رأسها الذرة والقمح والزيوت، واصفًا ذلك بالأمر المُبشر في ظل الأحداث المتقلبة في المنطقة العربية والحرب الروسية.

 وأوضح أن "استقرار الأوضاع في المنطقة العربية وتراجع حدة الحرب في أوكرانيا، من شأنهما أن يُسهما في تباطؤ التضخم الإجمالي لأسعار المواد الغذائية، خلال العام الحالي، وذلك نتيجة تراجع أسعار المواد الغذائية الأساسية".

 أزمة قمح تلوح

 وحذّر الخبير الاقتصادي بيار الخوري، عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا، من شبح أزمة قمح عالمية، تُهدد استقرار أسواق السلع الغذائية، مع توقعات بانخفاض الإنتاج للعام الخامس على التوالي.

 وأوضح لـ"إرم الاقتصادية"، أنّ "التغيرات المناخية تُلقي بظلالها على زراعة القمح، ما يُهدد بتراجع الإنتاج بشكل كبير، خلال السنوات المقبلة، ما لم يتوصل إلى حلول مُبتكرة لمُواجهة هذه التحديات".

 وتعاني الدول المُصدرة للقمح صعوبةً في الوفاء باحتياجات الدول المُستوردة، ما يُنذر بتقلبات حادة، في أسعار هذه السلعة الأساسية.

 ورغم تراجع مؤشر الـ (فاو) لأسعار الغذاء العالمية، في فبراير الماضي، فإن أسعار السلع الغذائية في بعض الدول العربية والأوروبية لا تزال مرتفعة للغاية، ما يثقل كاهل المستهلكين، ويزيد من حدة الأزمات الاقتصادية التي تواجهها هذه البلدان

 فمصر ولبنان والعراق وسوريا، هي الدول العربية التي تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الغذاء، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، أهمها ارتفاع معدلات التضخم في هذه البلدان ، وفق الخوري.

 الوحدة العربية الزراعية

 وبينما تُشير مؤشرات الأسواق العالمية إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية الرئيسة، رأى المحلل الاقتصادي الدكتور، جليل اللامي، أن "هذا الانخفاض لا يُحس به مُستهلكو الدول المستوردة للغذاء، وذلك استناداً  للعديد من الأسباب، أبرزها الأحداث السياسية، فقد أدت الحرب في المنطقة العربية إلى اضطرابات في سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الإنتاج.

 كما أشار إلى دور الأزمات الاقتصادية بهذا الخصوص، إذ تعاني الاقتصادات الكبيرة في العالم، مثل الولايات المتحدة الأميركية، التضخم، ما أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع، بما في ذلك الغذاء.

 وحذّر الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، من استمرار التضخم في الدول العربية، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء بشكل كبير، لذلك يدعو إلى تحقيق الوحدة العربية الزراعية، كحلٍّ مناسب لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وضمان الأمن الغذائي للمواطن العربي.

 وأوضح اللامي أن "التوقعات تشير إلى استمرار التضخم في العالم العربي، ما سيؤثر سلبًا على ارتفاع أسعار الغذاء"، معتبراً أن "الأحداث السياسية في المنطقة العربية والأوروبية، تُنذر باستمرار الاضطرابات لفترة غير معلومة، ما سيزيد من تفاقم هذه المشكلة".

 ولا تزال أسعار المواد الغذائية بعيدة عن متناول الكثير من المستهلكين في الدول العربية والأوروبية، حتى مع تراجع مؤشر الـ"فاو"، ويُشير الخبراء إلى أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، وربما يصل إلى أسابيع، حتى تنعكس هذه التراجعات على أسعار البيع للمستهلكين.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com