بأرباح بلغت حوالي 9.5 مليارات دولار في الربع الثالث من عام 2023، برزت شركة "تويوتا" اليابانية كمنافس شرس في سوق السيارات الكهربائية لمنافستها الأميركية "تسلا" التي كانت تسبق الآخرين بمسافات واسعة في تقنيات وتكنولوجيا سيارة المستقبل، لكن يبدو أن تويوتا ومعها شركات سيارات صينية رائدة، في طريقهم لجسر الهوة، والانطلاق بالمنافسة إلى آفاق جديدة ساخنة، وهو ما يصب بالتأكيد في مصلحة المستهلك، سعرا وكفاءة وتنوعا.
وقالت تويوتا إنها تحقق اختراقات تكنولوجية في بطاريات السيارات الكهربائية، ووضعت رهانًا بقيمة 8 مليارات دولار لتطوير صناعة البطاريات، والدخول بقوة في سوق السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.
في المقابل، تقود "تسلا"، وهي شركة صناعة السيارات الأكثر قيمة في العالم، تغييرًا جوهريًا في الطريقة التي يتم بها تصنيع السيارات الكهربائية، وهي العملية التي أطلق عليها الملياردير والمخترع الأميركي إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا: "جيجا كاستينج".
ويتوقع بعض المسؤولين التنفيذيين والمحللين في قطاع السيارات أن تصك عملية "جيجا كاستينج"، معيارًا جديدًا لبناء السيارات، ليحل محل نظام إنتاج تويوتا القائم على أساس "كفاءة التصنيع".
معيار جديد
وقال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في إحدى شركات صناعة السيارات الأوروبية، لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن الطريقة التي تصنع بها شركة تسلا السيارات "تتحرك بسرعة لتصبح معيارا في هذه الصناعة".
تقليديا، يتم تصنيع الجسم الرئيس للسيارة عبر لَحمِ عدد كبير من الأجزاء المنفصلة، لكن طريقة "جيجا كاستينج" تستخدم آلات صب المعدن المنصهر على قوالب تحت ضغط عالٍ لإنتاج أجزاء كبيرة من هيكل الألومنيوم، مثل الجانب السفلي بأكمله من السيارة، بحيث يتم تصنيعها على شكل "كتلة واحدة".
وأجبرت خطة ماسك لصنع هياكل سيارات كاملة باستخدام هذه التكنولوجيا، الشركات الأخرى على التفكير في اعتماد تكنولوجيا "تسلا".
وقال إريك سيفيرينسون، رئيس قسم الاستراتيجية في شركة فولفو للسيارات: إنها "طريقة مثالية/ حيث يمكنك استبدال 100 جزء بجزء واحد فقط"، وفق ما نقلته "فايننشال تايمز".
وتوفر هذه التكنولوجيا الوقت والعمالة والتكلفة ومساحة المصنع. وبموجبها، يحل محل الروبوتات المتعددة التي تقوم بلحام أجزاء السيارة في الطريقة المعتادة، آلة واحدة.
خطة مضادة
في المقابل، تعمل تويوتا على تطوير تقنية مماثلة تهدف إلى زيادة هائلة في إنتاج السيارات الكهربائية. ووفقا للصحيفة البريطانية، اعترف المسؤولون التنفيذيون لتويوتا، خلال سلسلة من الجولات في المصانع في شهر سبتمبر الماضي، بأن هناك الكثير "لنتعلمه من شركة تسلا وغيرها من الشركات المصنعة للمركبات الكهربائية".
لكن تويوتا أشارت إلى أنها لا تنوي اعتماد نهج "تسلا" كاملا، بل تعتمد بدلا من ذلك، على عقود من الخبرة الذاتية لإيجاد نهج خاص بها. وقال كازواكي شينغو، كبير مسؤولي الإنتاج في تويوتا: "نرى أننا قادرون على إنتاج منتج سيكون أرخص وأخف وزنًا وأرق مع أداء عالٍ"، وفق فايننشال تايمز.
المنافسة بالأرقام
بلغت الأرباح التشغيلية لشركة تويوتا، للربع الثالث من عام 2023، حوالي 9.5 مليارات دولار، وهي أفضل بنسبة 25% تقريبًا مما توقعه المحللون، وتمثل ارتفاعا كبيرا مقارنة بأرباح العام الماضي والتي بلغت 3.8 مليارات دولار، وفقا لمجلة "بارونز" الأميركية.
وبالنسبة للربع الثالث من العام الجاري، وصل هامش الربح التشغيلي لتويوتا إلى حوالي 12.6%، مرتفعًا من 6.1% قبل عام. وتعد هذه الإحصائيات من بين الأفضل في شركات صناعة السيارات العالمية التي أبلغت عن أرقام الربع الثالث.
كما أن الأرباح التشغيلية لشركة تويوتا البالغة 9.5 مليارات دولار في الربع الثالث هي أعلى رقم في العالم. وفي المقابل، بلغ هامش الربح التشغيلي لشركة تسلا في الربع الثالث من عام 2023 حوالي 7.6%.
وكانت تسلا قد حققت، في الربع الثالث من العام الماضي، أفضل هامش ربح تشغيلي بنسبة 17.2%، ووصلت الأرباح التشغيلية إلى 3.7 مليارات دولار.
ووفقا للمجلة الأميركية، انخفضت أسعار الطرازات الرئيسة لتسلا بنسبة تصل إلى 25% على أساس سنوي.
وخفضت شركة تسلا الأسعار بقوة لأن لديها الكثير من السيارات لبيعها، كما أن سياراتها، في المتوسط، أغلى من سيارات تويوتا، إذ بلغت مبيعات تسلا مقسومة على السيارات في الربع الثالث حوالي 54 ألف دولار لكل منها، بينما بلغت بالنسبة لتويوتا حوالي 31 ألف دولار.
لكن شركة تسلا نمت أسرع بكثير من شركة تويوتا خلال الربعين الماضيين، وقامت بشحن حوالي 900 ألف وحدة خلال الربعين الماضيين، بزيادة أكثر من 50% على أساس سنوي. بينما حققت تويوتا نمواً في حجم المبيعات بنسبة 14% خلال نفس الفترة.
المستقبل لتويوتا
بدوره، رأى خبير السيارات، معتز عاطف، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "تويوتا ستتفوق على تسلا في السيارات الكهربائية لأنها رسخت عند مستخدميها مفهوم السيارة العملية ذات الأعطال القليلة، وهى أشهر سيارة من حيث الاعتمادية".
وحول انعكاس ذلك التفوق المتوقع على الأسواق العالمية مستقبلا، قال عاطف إن "هذا التفوق سينعكس على انتشار تويوتا في الأسواق العالمية لأن تويوتا لها قيمتها عند مستخدميها".
وأوضح أن "ثقة المستهلك في شركة تويوتا اليابانية لا تضاهيها أي ثقة لأي علامة تجارية أخرى"، في إشارة إلى عامل حاسم يقف بجانب تويوتا وهو الهوية القوية للشركة في سوق السيارات العالمية.
