ولايته تنتهي اليوم.. رياض سلامة كبش محرقة أم "مايسترو" إفلاس لبنان؟

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة
حاكم مصرف لبنان رياض سلامةرويترز
"من زمان المنظومة غسلت أيدها مني وأنا أصبحت كبش محرقة". هذه كانت آخر تصريحات إعلامية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قبل انتهاء ولايته اليوم الاثنين، في وقت تستهدفه تحقيقات أوروبية عدة حول مصدر ثروته وأدائه على رأس البنك المركزي منذ ثلاثة عقود، من دون تعيين خلف له بسبب انقسامات بين القوى.

وعن إعادة أموال المودعين، كان سلامة قد صرح بأن " الفجوة الموجودة قيمتها 71 مليار دولار، وأن ودائع الناس ليست في مصرف لبنان، وهذه حملة تريد تحميل كامل المسؤولية على المركزي.

فهل رياض سلامة كبش محرقة بالفعل، أم أن سياسته هي سبب إفلاس المصارف اللبنانية وتبخر أموال المودعين؟

وبقيت الخلافات والانقسامات بين السياسيين بشأن تعيين من يخلف سلامة، أو السماح لنائبه الأول بالقيام بمهامه حسبما ينص القانون، بما يعكس خلافا أوسع ترك أيضا منصب رئيس البلاد شاغرا، كما ترك البلاد من دون حكومة فاعلة في ظل تولي حكومة تصريف أعمال منذ ما يزيد على عام.

واختلفت الأحزاب اللبنانية بين معارض ومؤيد، فيما يخص تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، بينما يقود رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، جهود تعيين من يخلف سلامة.

مهندس السياسات المالية

وكان سلامة يُعتبر مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990). لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق، الذي يشهده لبنان منذ 2019، وألقى على غالبية الطبقة الحاكمة، بينهم سلامة، مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.

وتحمّل جهات سياسية ومحللون ومواطنون في لبنان سلامة، الذي كان يعدّ عراب استقرار الليرة، مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية، التي اعتمدها، باعتبار أنها راكمت الديون وأوصلت البلاد لما هي عليه.

وكان سلامة قد ذكر، مدافعا عن نفسه، بأن هناك 20 مليار دولار أميركي استدانتها الدولة من مصرف لبنان، بالإضافة إلى 54 تريليون ليرة لبنانية، كما أخذت 16 مليار دولار، وهذه ليست خسائر لـ"المركزي". وأوضح بأنه "عندما تقع الدولة في أزمة على "المركزي" تأمين السيولة لتجنّب انهيار النظام بأكمله".

وعن اتهامه بالتلاعب بالسوق، سأل "هل لدينا "فرقة موتوسيكلات" تشتري الدولار؟ لا أحد يستطيع أن يلعب بالسوق، فالسوق لديه ثقة بكلامي، وعندما أقول أنني سأتدخل فحينها يتغير سعر الصرف، فهو أصبح تحت قبضة مصرف لبنان".

ولفت سلامة إلى أن "الناتج المحلي ارتفع إلى 55 مليار دولار وودائع القطاع المصرفي ارتفعت إلى ما يفوق الـ170 مليار دولار خلال ولايته.

ومن المفترض أن يتسلّم النائب الأول وسيم منصوري مسؤوليات الحاكم بالوكالة، وفق ما ينص القانون، بانتظار أن تجد القوى السياسية حلاً في بلد يقوم نظامه على المحاصصة الطائفية والسياسية، ويتطلب فيه تعيين موظفين من الدرجة الأولى توافقاً سياسياً يبدو من الصعب توافره في الوقت الحاضر على وقع الانقسامات الحادة.

وبحسب قانون النقد والتسليف، يُعيّن الحاكم لولاية من ست سنوات، بموجب مرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية. ويتعين على الحاكم الجديد أن يؤدي القسم أمام رئيس الجمهورية، وهو المنصب الذي لا يزال شاغراً في البلاد منذ تسعة أشهر.

ومنذ عامين، يشكّل سلامة محور تحقيقات أوروبية، تشتبه بأنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية عبر مخطط مالي معقّد، فضلاً عن إساءة استخدامه أموالاً عامة لبنانية على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان.

وبناء على التحقيقات، أصدرت قاضية فرنسية في باريس، والمدعية العامة في ميونيخ مذكرتي توقيف في حق سلامة، جرى تعميمهما عبر الإنتربول، وقرر القضاء اللبناني بناء عليهما منعه من السفر وصادر جوازي سفره اللبناني والفرنسي.

وبالتوازي مع التحقيقات الأوروبية، يقود القضاء اللبناني تحقيقاً محلياً حول ثروة سلامة، وقد فرض قبل أسبوعين حجزاً احتياطياً على ممتلكاته.

اقتحامات وحوادث

ومنذ العام الماضي تتعرض البنوك اللبنانية لتكرار حوادث الاقتحام من قبل المودعين، للحصول على أموالهم، على الرغم من اتخاذ عدة إجراءات للحيلولة دون تكرار الواقعة.

وتعرضت المصارف اللبنانية لعمليات اقتحام بقوة السلاح من قبل مودعين، بغية الحصول على أموالهم المجمدة.

ووضعت البنوك شروطا جديدة لدخول الزبائن إلى فروع المصارف في لبنان، حيث سيخضع المتعاملون لعمليات تفتيش دقيقة بحثاً عن السلاح أو أي مادة أو أداة، يمكن أن تستخدم لتهديد الموظفين.

كما سيتم تحديد حد أقصى لعدد الزبائن المسموح بدخولهم دفعة واحدة إلى المصرف، حيث يتوجب على البقية الانتظار في الخارج لحين حلول دورهم.

قيود مشددة

وتفرض المصارف اللبنانية منذ خريف 2019 قيوداً مشددة على سحب الودائع، تزايدت شيئاً فشيئاً، حتى أصبح من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصا تلك المودعة بالدولار الأمريكي، مع تراجع قيمة الليرة أكثر من تسعين في المئة أمام الدولار. وصنّف البنك الدولي أزمة لبنان الاقتصادية من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com