أسعار القمح تحت رحمة "النينيو" والحركة في البحر الأسود

سفينة تنقل الحبوب الأوكرانية
سفينة تنقل الحبوب الأوكرانية
تجد أسعار القمح حالياً نفسها تحت رحمة ظاهرة"النينيو" والصادرات الروسية عبر الحركة الملاحية في البحر الأسود. ورغم تراجع أسعار طن القمح من نحو 430 يورو عند بدء الحرب في أوكرانيا إلى نحو 230 دولاراً حالياً، تبقى الأسعار شديدة التأثر بعوامل خارجة عن السيطرة مثل المناخ والحرب.

وأعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن ظاهرة النينيو بدأت أول حدوث لها منذ سبع سنوات، وتنطوي على ارتفاع غير عادي في درجة حرارة المحيط الهادئ، حتى عام 2023، وستكون معتدلة القوة، بحسب ما ذكرته شبكة «graincentral».

وأظهر تحليل أجرته رويترز، أنه من المتوقع أن يؤدي الجفاف إلى انخفاض مخزونات القمح العالمية بين المصدرين الرئيسيين إلى أدنى مستوياتها في أكثر من عقد، وتشير تقديرات إلى أن يكون المحصول الأسترالي أقل من 25 مليون طن، حيث كان الجو حارًا وجافًا، خاصة على الساحل الشرقي وبعض أجزاء غرب أستراليا.

وتجلب أحداث ظاهرة النينيو طقساً أكثر سخونة وجفافاً إلى أماكن مثل البرازيل وأستراليا وإندونيسيا، مما يزيد مخاطر حرائق الغابات والجفاف، وفي أماكن أخرى، مثل بيرو والإكوادور، يزيد هطول الأمطار، مما يؤدي إلى فيضانات.

وتوصف ظاهرة النينيو بأنها قد تكون معاينة لـ«الوضع الطبيعي الجديد» وذلك في أعقاب تغير المناخ الذي أحدثه الإنسان، مما يثير ذلك القلق بوجه خاص التأثير في الإنتاج الزراعي، ومن ثم على أسعار الأغذية، ولا سيما المواد الأساسية من «سلة الخبز» مثل القمح والذرة والأرز.

والآثار العالمية لظاهرة النينو معقدة ومتعددة الأوجه، حيث يمكنها أن تؤثر في حياة غالبية سكان العالم، وينطبق هذا على نحو خاص على الأسر الفقيرة والريفية التي ترتبط مصائرها ارتباطًا وثيقًا بالمناخ والزراعة.

وبالإضافة إلى ظاهر النينيو، كانت أسعار القمح تلقت دعما من تصاعد الأعمال العدائية بين روسيا وأوكرانيا في البحر الأسود، الذي يعتبر الممر البحري الأهم لتصدير الحبوب الأوكرانية والروسية.

وفي هذا السياق، يتوجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مدينة سوتشي الروسية اليوم الاثنين ليبحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين العودة إلى مبادرة البحر الأسود لتصدير الحبوب والمبادرة الروسية لتصدير الحبوب إلى الدول المحتاجة. وكانت روسيا قد أنهت سابقاًَ العمل باتفاق أتاح لسفن شحن تصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر بحري آمن، مشترطة أخذ مصالحها في الاعتبار لإعادة العمل بها.

وسمحت الاتفاقية التي تُوصّل إليها في صيف 2022 برعاية تركيا والأمم المتحدة، بتصدير الحبوب من أوكرانيا، وتهدئة المخاوف عالميا حيال ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وتأمل تركيا في إحياء الاتفاق بشكل يؤسس لمفاوضات سلام أكثر شمولا بين موسكو وكييف، معوّلة على العلاقة الوثيقة بين بوتين وأردوغان.

وأصبحت القنوات النهرية الأوكرانية مهمة بشكل متزايد، للتحايل على الحصار الذي تفرضه موسكو على نقل الحبوب عبر البحر الأسود.

وأحكمت روسيا سيطرتها على إمدادات القمح العالمية بعد الحرب على أوكرانيا، معززة بذلك دور الكرملين في إمدادات الغذاء العالمية للحصول على الدعم السياسي والعملة الصعبة.

وفي ظل بدء حصاد المحصول الوفير من الأراضي الخصبة، مثل منطقة شمال القوقاز، ستكون روسيا مصدراً لشحنة واحدة كل 5 شحنات من صادرات القمح في الموسم الذي بدأ في 1 يوليو، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية. وعلى النقيض، ستنخفض حصة أوكرانيا عن مستوياتها قبل الحب بمقدار النصف لتقارب 5%، حيث تكبد الإنتاج أضراراً طويلة الأجل بسبب حقول الألغام وتعطل سلاسل الإمداد والتوريد.

وتبرز قوة روسيا المتزايدة في ظل انسحاب منها شركات التجارة العالمية، مثل شركة "كارغيل" (Cargill) بعد أن تعرضت إلى ضغوط لإخلاء الساحة للشركات المحلية. وأدت تلك التغيرات إلى إعطاء القوى المحلية مزيداً من السيطرة، ما قد يسهل على الشركات المحلية شحن الحبوب المزروعة في الأراضي الأوكرانية المحتلة، وييسر على موسكو التأثير في الأسعار.

وصدّرت روسيا حبوباً بقيمة 10 مليارات دولار في العام السابق على الحرب، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. وفيما تبدو قيمة تلك الصادرات قليلةً مقارنة بالإيرادات الهائلة من الطاقة، إلا أن أهميتها تتجاوز الدخل. فالمستورد الأساسي هي دول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي امتنعت عن الانضمام إلى العقوبات أو معارضة روسيا على نحو مباشر في الأمم المتحدة.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com