رغم جهود الحكومات.. الملاذات الضريبية تستقطب تريليون دولار

ملاذات ضريبية
ملاذات ضريبية
تبذل الدول جهوداً حثيثة لتحصيل الضرائب، لكنها قد لا تؤدي إلى نتائج ملموسة. فهناك أكثر من ألف مليار دولار من الأرباح، حولتها الشركات الكبرى إلى الملاذات الضريبية في عام 2022، بحسب المرصد الضريبي الأوروبي.

وألف مليار دولار، أي ما يقارب 950 مليار يورو، مبلغ مذهل ويعادل مثلاً، الناتج المحلي الإجمالي للدنمارك وبلجيكا مجتمعتين.

ويقدم المرصد، الذي يتخذ من كلية باريس للاقتصاد مقرا له، ثمرة العمل غير المسبوق الذي قام به أكثر من مائة باحث حول العالم، بحسب صحيفة لي زيكو.

وهدف المرصد هو تقييم التقدم الذي تم إحرازه لمكافحة التهرب الضريبي على مدى السنوات العشر الماضية، وما لا يزال يتعين القيام به لمكافحة التهريب، وفقا للإقتصادي غابرييل زوكمان، مدير المرصد.

وهذا الموضوع ساخن أكثر من أي وقت مضى بعد أن أدت الجائحة إلى اتساع فجوة عدم المساواة والعجز العام، فيما تسعى كل الدول الآن لإيجاد السبل لتملأ الخزانات العامة والاستجابة لحالة الطوارئ المزدوجة، أي  دعم الأسر في مواجهة الصدمة التضخمية المرتبطة بالتوترات الدولية، وتوفير الموارد لتمويل التحول في مجال الطاقة.

وفي مقدمة التقرير، كتب جوزيف ستيجليتز، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2001 :"إذا لم يعتقد المواطنون أن الجميع يدفعون نصيبهم العادل من الضرائب وخاصة الأثرياء والشركات الكبرى، فسيبدؤون بدورهم برفض الضرائب".

وأضاف:"وهذا ما قد يؤدي إلى الضرر بالعمل السليم لديمقراطياتنا، وإضعاف الثقة في مؤسساتنا وتآكل العقد الاجتماعي".

 واختصر زوكمان قائلاً: "إن هذا الوضع الذي تصوره المؤلفون، فيه الجيد، والسيئ، والسيئ للغاية."

تبادل المعلومات

والجيد هو أن التهرب الضريبي في الخارج من قبل الأفراد الأثرياء، وعلى وجه التحديد الودائع المصرفية والأسهم والأوراق المالية الأخرى المحتفظ بها في الخارج ولم يتم الإعلان عنها، انخفض بشكل كبير، وذلك بفضل التبادل التلقائي للمعلومات المصرفية الذي بدأ في عام 2017 في حوالي 100 دولة.

وتفصيلاً، تقدر الثروات الخارجية بنحو 12 ألف مليار دولار عام 2022، أي 12% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

واليوم، لا يتم الإعلان عن ربع هذه الثروة للسلطات الضريبية وبالتالي يتهرب من دفع الضرائب مقارنة بأكثر من 90% في عام 2007.

وهذا يدل على أنه من الممكن تحقيق تقدم سريع عندما تتوفر سياسة الإرادة للقيام بذلك.

والسيء هو أنه في عام 2022، بلغت أرباح الشركات العالمية ما يقارب 16 تريليون دولار، منها 2.8 تريليون دولار تم كسبها في الخارج، أي في بلد آخر غير المقر الرئيسي للشركة، مثل الأرباح التي سجلتها شركة آبل خارج الولايات المتحدة.

ومع ذلك، من أصل 2800 مليار، تم تحويل 1000 مليار إلى الملاذات الضريبية، أو 35% من الأرباح المحققة في الخارج.

ووجهة هذه الملاذات الضريبية، أيرلندا وهولندا و جزر فيرجن وجزر كايمان.

وأبطال هذه  الشركات هي الشركات الأميركية المتعددة الجنسيات، التي تحوّل ما يقرب من نصف أرباحها في الخارج، إلى الملاذات الضريبية، مقارنة بنحو 30% للشركات ألأخرى.

ويشير التقرير إلى ممارسة جاءت نتيجة للمنافسة الضريبية التي أطلقتها بعض البلدان، والتي لم تكن موجودة قبل عام 1975.

وتسارعت المنافسة بشكل خاص في أوائل عام 2010، ربما بسبب الرقمنة المتزايدة للاقتصاد.

وبالنسبة للحكومات، تصل الخسارة إلى ما يعادل 10% من الإيرادات المحصلة عالمياً من الشركات.

وفي عام 2021، وافقت أكثر من 140 دولة أن تفرض على الشركات، كحد ادنى، ضريبة نسبتها 15%، وذلك تحت رعاية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وتم الاحتفال بهذا الاتفاق باعتباره انتصاراً، والذي كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في عام 2024.

ولكن منذ ذلك الحين، تم إفراغ هذا الاتفاق من جوهره من خلال سلسلة من المنافذ والإعفاءات، بحسب زوكمان.

وفي الوقت الحالي، من المتوقع أن يزيد إجمالي إيرادات الضرائب على الشركات بنسبة 4.8% فقط، بدلاً من 9.5%.

وإذا أزالت الدول الإعفاءات المختلفة، فيمكن أن تجمع 130 مليار دولار من عائدات الضرائب الإضافية، بحسب حسابات المرصد.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com