فيحب ماسك، وهو مثير للجدل بالفطرة وأصبح أغنى رجل في العالم (210 مليارات دولار، وفقاً لمجلة فوربس)، كسر القواعد والإدلاء بتصريحات متشددة ونكات شبيهة بتلك التي يطلقها تلاميذ المدارس ذات الأذواق السيئة وفقاً لما نقلت صحيفة لوفيغارو. ومع تقدمه في السن، لم يصبح رجل الأعمال هذا أكثر هدوءاً بل على العكس من ذلك تماماً.
وعندما أصبح عمره 52 عاماً ، لم يعد هذا الرجل يضع حدوداً لنفسه إلى أن أصبح كصورة كاريكاتورية لزعيم مصاب بجنون العظمة يهين المعلنين في "اكس" ( تويتر سابقا) ويتبنى تعليقات ضد السامية ثم يعتذر عنها.
ويمكن تفسير هذه الأخطاء المتكررة إلى حد ما، باستهلاك إيلون ماسك شتى أنواع المخدرات بشكل مفرط كالكوكايين والكيتامين، وهو مسكن قوي يستخدم في الجراحة البيطرية، مما يجعله يفقد إحساسه بالواقع.
وجسدياً، تغيّر ايلون ماسك كثيراً خلال عشرين عاماً. ويقول فرانسوا شوبارد، رئيس شركة "ستاربورست أييروسبايس اكسيليتور" والتي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها، "لقد تحول من شخص هزيل إلى رجل ضخم". وكالعديد من رؤساء وادي السيليكون، الذين يعملون بجنون، يجرب ماسك كل مادة يمكن تخيلها. ويتناول حبوباً لتحسين أداء دماغه.
ولكن ماسك المزعج يعرف كيف يكون جاداً، وفي مايو الماضي، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، وهو يرتدي بذلة ويضع ربطة عنق، وكان مهذباً وودوداً، قبل أن يشارك، كرئيس محترم ومهذب، في قمة بعنوان "اختر فرنسا".
فإيلون ماسك شخصية غير نمطية ولها عدة وجوه. وقد اعترف مؤخراً بأن عقله "يشبه في كثير من الأحيان عاصفة شديدة للغاية"، ويجتازها باستمرار "سيل من الأفكار".
وتتجاوز هذه الأفكار مجال الأعمال، ويتم استقبال ماسك كرئيس دولة في جميع أنحاء العالم، وهو يفتخر، وفقاً لمنتقديه، بالسياسة والجغرافيا السياسية، لدرجة التدخل في الصراع بين روسيا وأوكرانيا.
وفي عام 2022، قطع ماسك إشارة الإنترنت لكوكبة ستارلينك الخاصة به، بالقرب من ساحل شبه جزيرة القرم، لعرقلة هجوم أوكراني على الأسطول البحري الروسي.
وكان الدافع وراء هذا القرار، وفقاً لكاتب سيرة ماسك والتر إيزاكسون، "الخوف الشديد من رد روسيا على الهجوم الأوكراني على شبه جزيرة القرم بأسلحة نووية، وهو خوف عززته محادثات ماسك مع كبار المسؤولين الروس."
وهدد ماسك عدة مرات بقطع الوصول إلى ستارلينك، وهو أمر ضروري لجيوش كييف، مما دفع المسؤولين الأوكرانيين والأمريكيين أيضاً إلى "التوسل" إليه لإعادة تشغيل الاتصال. وأزعجت هذه الحادثة إدارة بايدن والبنتاغون بشكل كبير، إذ بدأتا لا تثقان بالملياردير الذي تعتبره مصادر جيدة "غير جدير بالثقة".
ويعاني ماسك من شكل من أشكال التوحد، وأصبح لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وسلوكه خرج عن نطاق السيطرة، مما أثار قلق العديد من المديرين التنفيذيين في شركتي "تيسلا" و"سبيس إكس".
ويبدو أن قلقهم مبرر، نظراً لما حدث لمؤسس تويتر السابق. فتعد شبكة التواصل الاجتماعي المثال الأكثر وضوحاً على أن ماسك هو سبب تدمير هذه الشبكة القيّمة .
وفي شركة "تسلا"، فإن موقف ماسك وقراراته تعتبر مربكة وخصوصاً في ما يتعلق بحرب الأسعار المدمرة، والأهواء الصناعية والتسويقية، والغموض المستمر بشأن القيادة الذاتية للسيارات، وعدم الثقة في قرارات المحكمة.
فإيلون ماسك، الذي رفع شركة تسلا إلى مرتبة مرموقة في سوق الأوراق المالية، إلى جانب أمازون، وألفابت، ومايكروسوفت، وأبل، قد كسر الديناميكية الهائلة للشركة المصنعة للسيارات الكهربائية. فالمستثمرون يبتعدون عن تسلا. والأسهم التي كانت بارزة في وول ستريت قبل عامين أصبحت تهبط وخسرت ربع قيمتها منذ بداية العام.