وفي تقديرات صدرت في أواخر أبريل الماضي، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للهند سيصل إلى 4.34 تريليون دولار في عام 2025، متجاوزا الناتج المحلي الإجمالي في اليابان البالغ 4.31 تريليون دولار، وفقا لموقع الإذاعة الألمانية.
وكان الإعلان عن أن الهند سوف تتفوق على اليابان في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بالقيمة الدولارية في عام 2025 صدمة لطوكيو.
اليابان، حتى عام 2010، كانت موطنا لثاني أكبر اقتصاد في العالم بلا منازع، لكنها الآن على وشك الانزلاق إلى المركز الخامس، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ضعف الين الياباني.
ويأتي تراجع اليابان في الترتيب الاقتصادي العالمي بعد تأكيد الحكومة أن البلاد تراجعت عن ألمانيا في عام 2023.
كما قال مارتن شولتز، كبير الاقتصاديين في وحدة استخبارات السوق العالمية التابعة لشركة فوجيتسو: "بالنسبة لليابان، يعد هذا مصدر قلق كبير للغاية، لكن قلة من الناس يتحدثون عنه علانية لأنه أمر محرج ويصعب للغاية حله".
وأضاف شولتز أن المشاكل التي تواجهها البلاد اعترف بها شينزو آبي عندما أصبح رئيسا للوزراء في عام 2012، وأعلن عن خطط شاملة أطلق عليها اسم "آبينوميكس" لرفع النمو الياباني.
ورغم أن اثنين من "الأسهم الثلاثة" لهذه السياسة -التيسير النقدي من قِبَل بنك اليابان والتحفيز المالي من خلال الإنفاق الحكومي- حظيا بدرجة جيدة من النجاح، فإن السهم الثالث، الإصلاحات البنيوية، فشل في تحقيقه.
وقال شولتز: "كانت فكرة اقتصاد آبي بأكملها هي دفع النمو في الشركات، لكن الإصلاحات الهيكلية كانت ضرورية أيضًا لدفع الإنتاجية".
وأردف: "ولكن من الصعب للغاية القيام بذلك في بلد يعاني من الشيخوخة السكانية، وحيث توجد مقاومة للتغيير والتحول الرقمي، والأشخاص الذين ظلوا في مناصبهم لفترة طويلة يفضلون ببساطة الطرق القديمة".
وكما هو الحال في أماكن أخرى، كان لوباء فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) والحرب الروسية في أوكرانيا تأثير لا يزال ملموسا على الاقتصاد الياباني.
وقالت ناعومي فينك، الخبيرة الاستراتيجية العالمية والمديرة الإدارية لشركة نيكو لإدارة الأصول في طوكيو، إن بعض المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها اليابان يمكن ربطها بـ "العقود الثلاثة الضائعة" من النمو الاقتصادي الراكد.
واستطردت: "كل من الولايات المتحدة واليابان من الأسواق المتقدمة ولا يمكن أن نتوقع أن تنمو بنفس السرعة التي تنمو بها الأسواق الناشئة، مثل الصين والهند، إذ تحتل الطبقة المتوسطة حصة متزايدة من الناتج المحلي الإجمالي، ولا يزال هناك حاجة إلى بناء البنية التحتية، وباختصار، هناك حاجة إلى بناء البنية التحتية".
وأضافت: "من الطبيعي تمامًا أن تنمو الدول المتقدمة بنحو أبطأ من الأسواق الناشئة، فليس أمامها سوى قدر أقل من النمو قبل أن تصل إلى توازن النمو، وعادة ما تعاني من شيخوخة السكان، حتى مع وجود درجة من الهجرة الداخلية".
وأشارت إلى أن مفتاح النمو المستقبلي في اليابان سيكون الاستثمار في نمو الإنتاجية، والتكنولوجيا، ورأس المال البشري، وتحسين العمليات التجارية، وذلك لأن النمو السكاني لن يظل المحرك الرئيس للتوسع الاقتصادي.
من جانبه، قال شولز إن الين الضعيف هو التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة اليابانية في الوقت الحالي، كما يتضح من تدخلين واضحين في السوق في أبريل كانا محاولة لدعم العملة.
وشدد على أن التدخل في السوق كان "عديم الجدوى"، وسيظل كذلك طالما بقيت أسعار الفائدة ثابتة، مشيرا إلى أن الحل هو أن يتبنى بنك اليابان سياسة نقدية أكثر صرامة وأن تركز البلاد على تحسين الإنتاجية.