خاص
خاصشترستوك

هل قرار فيتش مؤشر على ركود الاقتصاد الأميركي؟

خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني مؤخراً، تصنيف الائتمان لحكومة الولايات المتحدة، بعد أسابيع فقط من اقتراب الرئيس جو بايدن والجمهوريين في الكونغرس، من حافة تخلف تاريخي، حيث حذرت من العبء المتزايد للدين وعدم القدرة على التوافق السياسي في واشنطن.

ويعتبر هذا التخفيض، الأول من قبل إحدى كبرى وكالات التصنيف لأكثر من عقد، دليلاً على أن النزاعات السياسية المتزايدة بشأن مالية حكومة الولايات المتحدة، تعمل على تشويش الآفاق لسوق الخزانة العالمية البالغة 25 تريليون دولار.

وتعتبر سمعة الولايات المتحدة في سداد التزاماتها، لها دور لا غنى عنه في الأسواق العالمية، حيث تقدم سندات الخزانة استعادة دخل تقريباً خالية من المخاطر.

وتعد سندات الخزانة معياراً حاسماً للعائدات على الأسهم والسندات الأخرى، حيث يطلب المستثمرون عادةً عائدات أعلى على أي أوراق مالية أخرى يشترونها.

ومن ناحيته قال الخبير في إدارة المخاطر المالية سليم بن علي، في تصريح خاص لإرم الاقتصادية، إن قرار فيتش جاء مفاجئاً وشكل صدمة لبعض المستثمرين والسياسيين، ولاقى انتقادات واسعة من قبل البيت الأبيض الذي يرى أن التخفيض كان تعسفياً، نظراً لما يمر به الاقتصاد الأميركي نوعا ما من الانتعاش.

اقتصاد مرن

وأضاف سليم بن علي أنه بالفعل أثبت الاقتصاد الأميركي أنه اقتصاد مرن في جميع الأزمات، وهو ما أثبتته البيانات الأخيرة بأنه لا يزال متماسكاً.

وأشار بن علي إلى أن البعض يرى أن قرار فيتش كان قاسياً، فعلى سبيل المثال أثبت سوق العمل أنه لا يزال يؤدي أداءً جيداً، وكذلك الأمر بالنسبة للإنفاق الاستهلاكي، مشيراً إلى أن فيتش تجاهلت تلك البيانات، وكان تركيزها منحصراً على ارتفاع العجز وارتفاع نسبة الديون الأميركية.

وأوضح أيضاً أن قرار فيتش كان نتيجة التخبط أو المواجهات، التي شهدتها الولايات المتحدة فيما يخص أزمة سقف الدين وبعض القرارات.

إقرأ أيضاً: بنك أوف أميركا يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 2% هذا العام

ليست المرة الأولى

ونوه بن علي إلى أن هذه هي ليست المرة الأولى، التي يتم فيها تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، حيث حدث ذلك في وقت سابق في 2011، من قبل وكالات تصنيف أخرى، مؤكداً أنه حينها كان تأثير ذلك منحصراً على المدى القصير، ويعتقد أن تأثيره في المدى الطويل سيكون محدوداً، كما حصل في المرة السابقة، ليكتفي بتأثير محدود على المدى القصير.

التأثير في الأسواق

أوضح سليم بن علي أن يؤدي تخفيض التصنيف الأخير إلى تراجع أسواق الأسهم، مؤكداً أنه من البديهي أن نشهد ارتفاعاً في الذهب كونه ملاذاً آمناً، مؤكداً أن جميع ما ذكر ليس سوى تأثير محدود.

وأضاف أن تخفيض التصنيف لن يكون المحرك الرئيسي للأسواق والمستثمرين وشهية المستثمرين، التي تتأثر بقرارات الفيدرالي بالدرجة الأولى.

وأوضح أن أنظار المستثمرين سوف تتجه إلى التركيز أكثر مع قرارات الاحتياطي الفيدرالي، وما سيفعله في الأشهر القادمة، موضحاً أن تلك القرارات ستكون مبنية على البيانات الصادرة عن الاقتصاد الأميركي.

الركود

وفيما يتعلق بدخول الاقتصاد الأميركي مرحلة الركود، أكد بن علي أنه لا يرى أي مؤشرات على حدوث ركود في الاقتصاد الأميركي، مشيراً إلى مرونته قدرته على تجاوز الركود حالياً.

وأشار إلى أن تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من المحتمل أن يكون مجرد مؤشر على أن الركود سوف يكون ممكناً في الفترات اللاحقة، منوهاً إلى أنه في الوقت الحالي، أظهرت البيانات الاقتصادية الأميركية صلابة الاقتصاد الأميركي ولكن من المؤكد أن الأنظار سوف تتوجه إلى خطط الفيدرالي المستقبلية وقراراته بناءً على البيانات الاقتصادية القادمة.

الدين الأميركي

حذر معهد أبحاث "رينسانس ماكرو" من أن الحكومة الأميركية ستغرق في الديون خلال العقود القليلة المقبلة، وهو ما قد يؤدي إلى كارثة للأسواق والاقتصاد.

ارتفاع نسبة الدين 222%

ووفق المعهد فإن توقعات حديثة من مكتب الميزانية في الكونغرس، أشارت إلى أن نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع بنحو الضعف من مستوى 98% في عام 2023، إلى181% في عام 2053.

إلا أنه تحدث عن سيناريو بديل صاغه "المجلس المعني بالميزانية الفيدرالية المسؤولة"، لافتا إلى أنه يمكن أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 222% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2053، بحسب شبكة سي إن بي سي.

الفائدة إلى أعلى مستوى

وتعد مستويات الفائدة حاليا الأعلى منذ عام 2001، مع رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى نطاق 5.25 - 5.5% في يوليو.

وفي غضون ذلك، ارتفعت تكاليف خدمة دين الحكومة إلى 475 مليار دولار في عام 2022، بزيادة 35% على 352 مليار دولار، التي تم إنفاقها على خدمة الدين القومي في عام 2021.

ومن المتوقع أن ترتفع تكاليف خدمة الدين إلى 663 مليار دولار هذا العام، وفق تقدير مكتب الميزانية، مع إمكانية ارتفاع إجمالي مدفوعات الفائدة على الدين، إلى 10.6 تريليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وتعد تكاليف خدمة الدين المتزايدة مشكلة كبيرة للأسواق والاقتصادات.

وتاريخياً، يؤدي تجاوز تكاليف خدمة الدين الوطنية، نسبة 14% من الإيرادات الوطنية، إلى "فترة طويلة من التقشف"، كما قالت مؤسسة "جلينميد" في مذكرة سابقة، والتي يمكن أن تؤثر في الاقتصاد وأرباح الشركات.

نمو الاقتصاد

وفي الأسبوع الماضي رفع بنك أوف أميركا توقعاته لنمو اقتصاد الولايات المتحدة، خلال العام الجاري إلى 2% في المتوسط، ارتفاعًا من توقعات سابقة عند 1.5%، عقب بيانات أميركية صدرت مؤخرًا أظهرت مرونة في سوق العمل.

وتوقع بنك أوف أميركا "هبوطاً هادئاً" لاقتصاد الولايات المتحدة العام القادم، بعد أن كان يتوقع ركوداً في عام 2024.

وأرجع البنك ذلك إلى ظهور بيانات الأسبوع الماضي، تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي نما بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، حيث دعم سوق العمل المرن الإنفاق الاستهلاكي، في حين عززت الشركات الاستثمار في المعدات وبنت المزيد من المصانع.

وقال خبراء في بنك أوف أميركا: "بلغ متوسط النمو في النشاط الاقتصادي، خلال الأرباع الثلاثة الماضية 2.3%، وظل معدل البطالة بالقرب من أدنى مستوياته على الإطلاق، وتتحرك ضغوط الأجور والأسعار في الاتجاه الصحيح، وإن كان ذلك بشكل تدريجي".

ويرجح بنك أوف أميركا كذلك خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، معدلات الفائدة بمعدل أبطأ بداية من يونيو 2024، تليها تخفيضات ربع سنوية بمقدار 25 نقطة أساس، لما مجموعه 75 نقطة أساس من التخفيضات في الأسعار في عام 2024، كما يتوقع تخفيضات 100 نقطة أساس في عام 2025.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com