تجاوزت فخ الجائحة.. صناعة الطيران التركية تجني الثمار

تحت راية "الرهان الرابح"، تزدهر صناعة الطيران في تركيا، إذ تجني شركات الطيران والمطارات، ثمار سنوات من الاستثمار والرهان على أن السفر الدولي، سوف ينتعش من الوباء بسرعة أكبر مما توقعه المنافسون.

وقامت شركات الطيران الرئيسية في البلاد، بنقل 115 مليون مسافر، العام الماضي، بزيادة 10% على عام 2019، العام الذي سبق الوباء، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

وتوضح تقييمات شركة OAG للبيانات أن مطار إسطنبول، كان الأكثر ازدحاما في المنطقة، من حيث أعداد الرحلات في العام الماضي، في حين كانت الخطوط الجوية التركية ثالث أكثر شركات الطيران ازدحاما، بعد رايان إير وإيزي جيت.

وأدى التوسع السريع في قطاع الطيران التركي، مقارنة بالمنافسين، إلى أن تصبح البلاد لاعبًا مهيمنًا في السوق الأوروبية.

ويأتي هذا النمو في الوقت الذي استثمرت فيه شركات الطيران والمطارات في البلاد، في ترقية البنية التحتية والأساطيل، وسارعت إلى إعادة طاقتها بعد الوباء، كما قدمت صناعة السياحة المزدهرة في تركيا دفعة قوية.

وقالت جوليز أوزتورك، الرئيس التنفيذي لشركة بيغاسوس إيرلاينز، المدرجة في بورصة إسطنبول: "كان الطيران التركي في ارتفاع، منذ ما قبل الوباء، من حيث البنية التحتية، كما أن شركات النقل التركية، لديها الرغبة في النمو. لقد زدنا طاقتنا الاستيعابية، وبدأنا في الحصول على الطلب".

ويتناقض صعود الطيران التركي بشكل حاد، مع الصورة في أوروبا الغربية، حيث تتراجع أجزاء من الصناعة، إذ لا تزال مجموعات شركات الطيران الوطنية الكبرى في المنطقة، تسيّر جداول زمنية أصغر مما كانت عليه في عام 2019، بعد إعادة بناء أعمالها بحذر من الاضطراب الناجم عن الوباء.

وفي الوقت نفسه، تكافح المطارات الرائدة من أجل التوسع، وسط التركيز المتزايد على تأثير الضوضاء والتلوث على السكان المحليين، وانبعاثات الكربون الأوسع نطاقًا، الناجمة عن زيادة الرحلات الجوية.

على سبيل المثال، يركز مطار هيثرو في لندن، على خطة نمو مصغرة بعد صراعات استمرت عقودا من أجل بناء مدرج ثالث، في حين تسعى الحكومة الهولندية إلى خفض عدد الرحلات الجوية في مطار شيفول بأمستردام.

وقال أندرو تشارلتون، من شركة "أفييشن أدفوكاسي" الاستشارية: "تركيا دولة نامية تشهد طفرة ديموغرافية، يمكن أن تدفع البلاد بأكملها إلى الأمام، لذا فإن إعدادات السياسة يجب أن تبحر نحو النمو".

* تعزيز القدرات

وعززت الخطوط الجوية التركية عدد الكيلومترات المتاحة من المقاعد (ASK)، وهو مقياس رئيسي للصناعة، بنحو 25% في العام الماضي، مقارنة بعام 2019، حيث قامت بتوسيع خريطة مساراتها وأسطول طائراتها. وبالمثل، قامت شركة بيغاسوس بزيادة قدرتها، على الرغم من الوباء، من خلال بناء أسطولها.

بينما تظهر بيانات اتحاد النقل الجوي الدولي، أن مؤشر ASK على مستوى الصناعة تقلص بنسبة 5.6% خلال الفترة نفسها، مع قيام العديد من شركات الطيران بتقليص نفقاتها خلال الوباء.

وتخطط الخطوط الجوية التركية لمزيد من التوسع بعد أن طلبت، في ديسمبر الماضي، أكثر من 200 طائرة إيرباص، بينما تتوقع شركة بيغاسوس استلام 68 طائرة إيرباص ذات الممر الواحد، موجهة نحو رحلات متوسطة المدى، على مدى السنوات الخمس المقبلة.

ولم تقتصر الاستثمارات في قطاع الطيران التركي، على مطارها الرئيسي في إسطنبول، أكبر مدينة في البلاد، إذ تم مؤخراً افتتاح مدرج ثانٍ في مطار صبيحة كوكجن بإسطنبول، بينما تجري التوسعات في العاصمة أنقرة ومنطقة أنطاليا السياحية.

وقال سيركان كابتان، الرئيس التنفيذي لشركة TAV، التي تدير العديد من المطارات الرئيسية في تركيا، إن المجموعة كانت "تضع أسس النمو من خلال برنامج استثماري مستمر امتد خلال الوباء".

ووفقا لفايننشال تايمز، من المتوقع أن تصل إيرادات السياحة، التي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 54 مليار دولار العام الماضي، إلى 60 مليار دولار في عام 2024، مع ارتفاع قوي في أعداد الزوار الأجانب، بفضل ضعف العملة.

وساعد انخفاض الليرة بنسبة 80% مقابل الدولار، على مدى السنوات الخمس الماضية، شركات الطيران التركية، لأنها تولد حصة كبيرة من الإيرادات بالعملات الأجنبية.

وقال ساتيش سيفاكومار، رئيس قسم النقل والبنية التحتية الأوروبية في سيتي جروب: "من ناحية التكلفة، فإنهم يستفيدون من انخفاض سعر الليرة. إن هذا يجعلها قادرة على المنافسة إلى حد كبير، عندما تحاول التنافس مع شركات الطيران الأوروبية مثل لوفتهانزا".

وتظهر بيانات FactSet أن إيرادات الخطوط الجوية التركية ارتفعت، في عام 2023، بنسبة 14% تقريبًا إلى 21 مليار دولار، مما وضعها ضمن أفضل 10 شركات طيران عالمية من حيث المبيعات.

ومع ذلك، يشير بنك جيه بي مورغان، إلى أنه يتوقع أن "يتراجع الأداء التشغيلي عن الذروة، في الفترة 2024-2025، حيث تؤثر المنافسة المتزايدة، وتراجع نمو الركاب، على الأرباح التشغيلية".