تقارير
تقاريرسيارات بي واي دي - رويترز

السيارات الكهربائية.. كيف فرضت الصين هيمنتها على الغرب؟

باتت الصين على وشك إعادة تشكيل صناعة السيارات العالمية، مستغلة التحول الصافي الصفري كدفعة كبيرة لزيادة تصنيع السيارات الكهربائية على وجه الخصوص.

وبعد أن ضمنت بالفعل التحول إلى الطاقة الكهربائية في سوقها المحلية، شرعت الصين في السعي لهيمنة أوسع على صناعة السيارات التي تبلغ قيمتها 2.6 تريليون دولار، وفقا لصحيفة "تليغراف" البريطانية.

وتغمر الصين الأسواق الناشئة والاقتصادات الغربية على حد سواء بالسيارات الكهربائية بأسعار تقل عن منافسيها إلى حد كبير.

* مبيعات ضخمة

وتظهر الأرقام المنشورة في تقرير توقعات السيارات الكهربائية العالمية السنوي لوكالة الطاقة الدولية أن 60% من مبيعات السيارات الكهربائية العالمية، العام الماضي، كانت في الصين، بينما كانت أوروبا تمثل 25% والولايات المتحدة 10% فقط.

وتتوقع الوكالة أن تمثل السيارات الكهربائية ما يقرب من نصف إجمالي المبيعات في الصين لعام 2024 ككل، أي ما يقرب من ضعف حصة السوق المتوقعة في أوروبا وأكثر من أربعة أضعاف تلك الحصة في الولايات المتحدة.

وبشكل عام، أصبحت السيارات الكهربائية الآن مسؤولة بالكامل عن النمو الإجمالي في مبيعات السيارات الصينية، مع انخفاض الطلب على نماذج البنزين والديزل، وتزدهر السيارات الهجينة الموصولة بالكهرباء بشكل أسرع من نماذج البطاريات النقية.

* إنتاج قوي

لكن ليس الطلب قويًا فحسب، بل هناك قوة في العرض أيضًا، إذ أنتجت شركات صناعة السيارات الصينية أكثر من نصف جميع السيارات الكهربائية المباعة في جميع أنحاء العالم في عام 2023.

وصدرت الشركات المصنعة 1.2 مليون سيارة كهربائية، بزيادة قدرها 80% مقارنة بعام 2022، وكانت أكبر الأسواق هي أوروبا والاقتصادات الناشئة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

* بناء قواعد خارجية

وبدأ المصنعون الصينيون الآن في بناء قواعد التصنيع في الخارج، فتخطط شركة BYD لبدء الإنتاج في تايلاند هذا العام بطاقة سنوية تبلغ 150 ألف سيارة.

وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الشركات الصينية تمثل بالفعل أكثر من نصف مبيعات السيارات الكهربائية في تايلاند.

وتخطط شركة BYD أيضًا لبدء التصنيع في البرازيل، باستثمار 600 مليون دولار في أول مصنع للسيارات الكهربائية خارج آسيا.

كما تعتزم منافستها شركة "جريت وول" لفتح مصنع في البرازيل أيضًا، مع توفير الوصول إلى الودائع المحلية من معادن البطاريات كحافز إضافي.

* الغرب يحاول المقاومة

وفي إطار المقاومة الغربية، حث رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأميركي، هذا الشهر، الرئيس جو بايدن على منع جميع السيارات الصينية الصنع، وفقا لتليغراف.

وقال إن طوفان الدعم الخفي يمثل "تهديدا وجوديا لصناعة السيارات الأميركية"، وقال بايدن إنهم يشكلون تهديدا للأمن القومي.

وتعتبر المكسيك حالة اختبار لقدرة الصين على إبراز قوتها الكهربائية على عتبة الولايات المتحدة، إذ تستفيد البلاد من الإعانات بموجب قانون خفض التضخم، وتفكر ثلاث شركات صينية - بي واي دي، وشيري، وسايك - في التوسع إلى المكسيك للاستفادة من هذه الميزة.

وفتح الاتحاد الأوروبي تحقيقًا لمكافحة الإغراق في السيارات الكهربائية الصينية، حتى مع بدء شركة شيري بيع علامتيها التجاريتين Omoda وJaecoo في إيطاليا، وهي السوق الأوروبية الثانية لها بعد إسبانيا.

* بريطانيا بين خيارين

كما يُتوقع أن تبدأ المبيعات الصينية في المملكة المتحدة قبل نهاية العام الجاري، وقد يؤدي وصول سيارات صينية أرخص إلى بريطانيا إلى إنقاذ سوق السيارات الكهربائية الذي تعثر في السنوات الأخيرة.

ومع ذلك، قالت وزارة النقل البريطانية إن بريطانيا ستستخدم عقوبات تجارية "قوية" لمنع الصين من إغراق سوق السيارات بالمركبات الكهربائية الرخيصة.

وعليه، ستواجه الحكومة البريطانية المقبلة قرارات صعبة في السعي إلى تشجيع اعتماد السيارات الكهربائية دون تسليم سوق المملكة المتحدة للمصنعين الصينيين، على الرغم من أن أرقام وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أن تقدمهم يكاد لا يقاوم.

* مقارنة الأسعار

ويزيد متوسط تكلفة السيارة الكهربائية بنسبة 16% عن تكلفة السيارة ذات محرك الاحتراق في الصين في عام 2018.

ومع ذلك، تُظهر بيانات من وكالة الطاقة الدولية أن السيارات الكهربائية كانت تباع، بحلول عام 2022، بسعر أقل بنسبة 14% من منافساتها التي تعمل بالبنزين والديزل، وكان ذلك حتى قبل الإعانات.

وهذا فارق كبير، إذ لا تزال تكلفة السيارات الكهربائية أعلى بنسبة 44% من تكلفة السيارات ذات محركات الاحتراق في المملكة المتحدة، و59% أكثر في الولايات المتحدة.

وفي فرنسا وألمانيا، اتسعت فجوة التكلفة بين السيارات الكهربائية وسيارات المحركات التقليدية في السنوات الأربع حتى عام 2022.

• تكافؤ الأسعار

وبشكل عام، يعتبر تحقيق التكافؤ في الأسعار بمثابة نقطة تحول رئيسية للتبني الشامل لهذه الصناعة. وتشير الدراسات الاستقصائية للسائقين الأميركيين إلى أن القدرة على تحمل التكاليف هي أكبر عائق أمام اعتمادها.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتم الوصول إلى التكافؤ في الأسعار بين السيارات الكهربائية وسيارات الوقود الأحفوري في بعض البلدان بحلول عام 2030، طالما تم الحفاظ على التوسع في البنية التحتية للشحن.

ولكن مع قيام الصين بخفض الأسعار بسرعة أكبر كثيراً من بقية دول العالم، فمن المرجح أن يتحقق التكافؤ من خلال طوفان من الواردات.

ويشير هذا إلى مستقبل غير مؤكد لبعض الأسماء الأكثر شهرة في الصناعة، فضلا عن "صداع سياسي" للحكومات الملتزمة بصافي الصفر ولكنها ملزمة بحماية اقتصادياتها.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com