الضريبة المفاجئة والحرب.. دول أوروبية معرضة لمخاطر كبيرة

حكومات أوروبا تفرض ضرائب مفاجئة على البنوك وشركات الطاقة
حكومات أوروبا تفرض ضرائب مفاجئة على البنوك وشركات الطاقةإرم الاقتصادية
قام العديد من الدول الأوروبية بزيادة الضرائب على نحو غير مقرر في الميزانيات السنوية، وهو أمر يحدث للمرة الأولى منذ عقود، حيث رجح العديد من الخبراء الاقتصاديين سبب الإقدام على تلك الأسباب بأنه هو عدم اليقين بشأن الحرب أو استعداداً لتداعيات الحرب التي لم تأتِ بعد، وسط عدم اليقين الاقتصادي العالمي.

كما تأتي هذه الخطوة في العديد من الدول الأوروبية لدعم موازناتها، وتهدئة الضجر الشعبي من الأرباح الطائلة، التي تحققها الشركات، خلال أسوأ أزمة تكلفة معيشية تواجهها ملايين الأسر منذ عقود.

ولطالما غابت القيود التنظيمية عن هذا النوع من الضرائب، حيث أوصت المفوضية الأوروبية، قبل فترة الدول الأعضاء بفرض ضرائب دخل مفاجئ جزئية ومؤقتة على شركات النفط، وذلك في أعقاب الأحداث الجيوسياسية التي تسببت في رفع أسعار الطاقة، وطبقت تلك التوصيات العديد من الدول الأوروبية كالمجر والتشيك والبرتغال وإسبانيا وغيرها.

إيطاليا

وقامت الحكومة الإيطالية في خطوة مفاجئة بفرض ضريبة بنسبة 40% على أرباح البنوك، وفي هذا السياق قال نائب رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو سالفيني، مبرراً تلك الخطوة بأن روما تأمل في جمع المليارات للمساعدة في تخفيف العبء على المواطنين، حيث من المقرر أن يتم تطبيق الضريبة هذا العام فقط.

يشار إلى أن البنوك الإيطالية تحقق أرباحا كبيرة حاليا، بسبب ارتفاع معدلات الفائدة على القروض. وقال سالفيني إن الإجراء الجديد يهدف لمساعدة الأسر والشركات التي تعاني.

وسوف يتم استخدام عائدات الضريبة الجديدة على سبيل المثال لدعم الأشخاص الذين يلجأون للرهن العقاري، ومن أجل خفض الضرائب الأخرى.

وذكرت تقارير إعلامية أنه من المقرر أن تحقق الضريبة الجديدة، إيرادات تتجاوز أكثر من ملياري يورو (2.2 مليار دولار).

وبعد القرار تراجعت الأسهم الإيطالية في الجلسة التالية للقرار بشكل كبير، حيث فقدت ما يصل إلى 9.5 مليار يورو، ما يعادل 10.4 مليار دولار من القيمة السوقية المجمعة.

وكتب محللو "سيتي غروب" في مذكرة، بحسب "بلومبرغ": "هذه الضريبة تعتبر سلبية إلى حد كبير بالنسبة للبنوك، بالنظر إلى التأثير على رأس المال والأرباح وكذلك على تكلفة حقوق الملكية لأسهم البنوك."

ويقدر المحللون أن الضريبة تعادل حوالي 19% من صافي دخل البنوك في عام 2023، وحوالي 3% من قيمتها الدفترية الملموسة لعام 2023، وحوالي 0.5% على الأصول المرجحة بالمخاطر لعام 2023.

وقال محللو "بلومبيرغ إنتليجنس" إن صافي دخل المقرضين الإيطاليين لعام 2023، يمكن أن ينخفض بنحو 10%.

وخففت إيطاليا ضرائبها الجديدة غير المتوقعة على البنوك، ووضعت سقفاً على المدفوعات ، بعد أن أثارت الضريبة المفاجئة مخاوف المستثمرين، وأدت إلى هبوط أسهم المقرضين المحليين.

وتراجعت الحكومة عن شروط الضريبة غير المتوقعة، بعد أقل من 24 ساعة من إعلانها، مشيرة إلى أن المقرضين لن يدفعوا أكثر من 0.1% من أصولهم أي خمس المستوى الذي كان من المتوقع أن تصله الضريبة في السابق.

وقدر المحللون في Jefferies أن الحد الأقصى سيحد من المدفوعات الجماعية لبعض أكبر البنوك المدرجة في إيطاليا - والتي تمثل حوالي 50% من الودائع الإيطالية - إلى حوالي 2.5 مليار يورو (2.2 مليار جنيه إسترليني) ، مقارنة بالتقديرات السابقة التي تصل إلى 4.9 مليار يورو.

إسبانيا

وفرضت إسبانيا في أواخر عام 2022 عددا من الضرائب تستهدف القطاعات، التي حققت أرباحاً استثنائية كالبنوك وشركات الطاقة، في حين ألمح البعض إلى أن تلك الضرائب قد تمتد إلى قطاعات أخرى تشهد ارتفاعاً في الأرباح خلال الركود الاقتصادي.

وكان البرلمان الإسباني قد وافق، في أواخر 2022، على ضريبة جديدة تهدف إلى جمع مليارات اليورو من المرافق والبنوك، وهما قطاعان شهدا قفزة في الأرباح خلال الأشهر الأخيرة، وفق وكالة بلومبرغ .

ودخل القانون حيز التنفيذ في 1 يناير 2023، لكنه قوبل بطعون قانونية رفعتها شركة "ريبسول" الإسبانية للطاقة وممثلو بنكي "بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا" و"بانكو دي ساباديل" الإسبانيين.

وإذا صمد القانون في وجه هذه الطعون، فإنه سيشكل سابقة كنهج بديل لفرض رسوم على الشركات، التي تحقق ارتفاعاً في الأرباح، دون فرض ضرائب فعلية على الأرباح، وفقاً للعديد من خبراء الضرائب.

ضرائب أخرى

ولم تتوقف ضرائب البنوك التي تتمتع بأرباح عالية وسط رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة عند تلك الدول، بل قامت كل من جمهورية التشيك وليتوانيا وسلوفاكيا، والمجر، بفرض رسوم على القطاع، ومن الممكن أن تتجه لاتفيا في الاتجاه نفسه.

وفرضت كرواتيا ضرائب على جميع الشركات التي تتجاوز حداً معيناً للإيرادات، وليتوانيا استخدمت هذه الضريبة لتمويل إنفاقها الدفاعي، أما إستونيا فقد رفعت الضرائب إلى 18% من 14%.

وتخطط بعض الدول لاستمرار تلك الضرائب حتى عام 2024، وفي بعض الحالات حتى عام 2025، بينما في المملكة المتحدة تمتد هذه الضريبة إلى مارس 2028.

وقامت بلدان أخرى بفرض الضرائب المفاجئة على قطاعات أخرى، فعلى سبيل المثال قمت المجر بفرض ضرائب على جميع المؤسسات المالية، بما في ذلك شركات التأمين، والمجموعات الصيدلانية.

كما فرضت البرتغال ضريبة بنسبة 33% على موزعي المواد الغذائية بسبب ارتفاع أرباح القطاع.

ومن ناحية أخرى اقترحت كرواتيا ضريبة على جميع الشركات، التي تبلغ عن إيرادات أعلى من 40 مليون يورو لعام 2022، كما تخطط بلغاريا لمجموعة من ضرائب القطاعات التي حققت مكاسب غير متوقعة.

بريطانيا

وفي أبريل الماضي قامت بريطانيا التي تمتلك أدنى معدل ضرائب على الشركات في مجموعة السبع، برفع الضرائب الشركات بنسبة 6% لتصل إلى 25%.

وخلال طفرة أسعار الطاقة العالمية التي حصلت في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت إلى انتعاش أرباح شركة الطاقة، قامت الحكومة البريطانية برفع ضريبة الأرباح بشكل مفاجئ، على الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز في نوفمبر 2022، حيث تم رفع الضريبة المفاجئة إلى 35% من 25%، وذلك للمساعدة في سد الفجوة المالية في بريطانيا، وستمتد حتى نهاية مارس 2028، وبذلك يصل إجمالي الضريبة على القطاع إلى 75%.

وهذه الضريبة قد تبرر في بعض الحالات بأنها ضريبة شعوبية، تسعى لتقليل أرباح الشركات الكبيرة وتحويلها لعامة الناس.

ولم تتوقف الضرائب النظيفة في بريطانيا عن قطاع النفط والغاز، بل امتد ليشمل شركات الكهرباء النظيفة في المملكة المتحدة، وفي نوفمبر الماضي أعلنت الحكومة أن ضريبة أرباح الغاز والنفط، ستشمل أرباح شركات توليد الطاقة.

كما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز في تقرير حديث، أن الضريبة على أسعار الأدوية في بريطانيا، ارتفعت من 5% من قيمة فاتورة NHS للأدوية المؤهلة قبل عامين، إلى 26.5% هذا العام.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com