لبنان.. سيناريو الحرب الذي قد ينهي ماتبقى من الاقتصاد

تقارير
تقاريردبابات إسرائيلية على الحدود اللبنانية - رويترز
تتزايد المخاوف في لبنان من تفاقم الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ أعوام، وذلك مع تزايد مؤشرات على احتمال امتداد الصراع بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية ليشمل حزب الله اللبناني.

وشهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية توترات في الأيام الأخيرة وتبادل الجيش الإسرائيلي وقوات حزب الله الهجمات في مناطق حدودية.

وذكر تقرير نشرته صحيفة كالكاليست الإسرائيلية، أن حزب الله اللبناني يتعرض لضغوط داخليه لعدم التدخل في القتال، وكان رئيس الوزراء اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي أكد أنه حصل على تأكيدات صريحة من قادة حزب الله تشير إلى عدم وجود نية للدخول في صراع مع إسرائيل.

وتنبع التحذيرات الداخلية لعدم التدخل من الوضع السياسي والاقتصادي الصعب في لبنان، وسط مخاوف من أن تؤدي حملة واسعة النطاق مع إسرائيل إلى الانهيار الكامل لما تبقى من مؤسسات البلاد واقتصادها.

ويعاني لبنان من انقسام سياسي حيث فشلت الأحزاب السياسية في انتخاب رئيس منذ عام تقريباً، بينما تدير البلاد حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال.

كما أن منصب حاكم مصرف لبنان المركزي لا يزال شاغراً منذ يوليو الماضي، وذلك بعد استقالة رياض سلامة الذي ظل محافظ البنك المركزي لثلاثة عقود، ليتولى السلطة التنفيذية للمصرف النائب الأول لحاكم مصرف لبنان، وسيم منصوري بالوكالة، حيث لا يوجد اتفاق حتى الآن بين الفصائل السياسية اللبنانية بشأن اختيار بديل.

ووسط الشلل السياسي الراهن الذي يعيشه لبنان، والذي لا يتيح أي فرصة تعاف للاقتصاد اللبناني، يخشى لبنان من تفاقم هذا الوضع في حالة الحرب.

وخلال الأيام الأخيرة، نشرت وسائل الإعلام اللبنانية، اقتباسات من الدوائر الاقتصادية التي تشرح لماذا لن يتمكن الاقتصاد اللبناني من الصمود أمام حملة شاملة ضد إسرائيل، في حين أن الهدف من هذه المنشورات هو محاولة الضغظ على حزب الله لعدم تصعيد الوضع.

الخوف من العقوبات الأميركية

ويشكل الخوف من العقوبات الأميركية مصدر قلق أيضاً وسط الوضع الراهن الذي يعيشه الاقتصاد اللبناني، ومن شأن الأضرار الجسيمة المتوقعة في حالة امتداد الصراع أن ترهق قدرة لبنان على تغطية التكاليف، علماً أن احتياطي البنك المركزي من النقد الأجنبي يبلغ في الوقت الحالي 7 مليارات دولار فقط، مقارنة بـ 30 مليار دولار في عام 2018 عندما بدأت الازمة الاقتصادية الحالية في لبنان.

كما تشمل المخاوف من أن يؤدي تورط حزب الله اللبناني في الصراع إلى رد فعل أميركي قوي، وفرض عقوبات قاسية، ما قد يؤثر على التحويلات الخارجية من اللبنانيين والتي تمثل 38% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

البلوك 9

ولفت تقرير الصحيفة، إلى أنه في حال امتداد الصراع إلى المجال البحري، فمن المرجح أن تتوقف أعمال الحفر في البلوك 9، والذي بات نافذة أمل للاقتصاد اللبناني عقب اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل.

ومن المتوقع أن يعلن لبنان بحلول نهاية العام ما إذا كانت هناك كميات نفطية كبيرة قد تشكل آفاقا اقتصادية واعدة للاقتصاد اللبناني.

أضرار البنية التحتية

وفي حال امتداد الصراع، قد يلحق ذلك العديد من الأضرار في البنية التحتية، بما في ذلك مطار بيروت الدولي، ومن شأن ذلك أن يؤثر سلباً على قطاع السياحة الذي عاد للانتعاش مؤخراً في لبنان.

واستقطب القطاع السياحي في لبنان نحو 700 ألف سائح في أغسطس الماضي، ما يمثل زيادة بنسبة 25% مقارنة بشهر أغسطس 2022، وبلغت معدلات إشغال الفنادق حوالي 70%، وكان لبنان يطمح لتحقيق إيرادات سياحية تبلغ نحو 9 مليارات دولار هذا العام مقارنة بـ 6.5 مليار دولار في عام 2022.

التضخم

وإلى جانب ذلك يدرك لبنان أن عواقب امتداد الصراع من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم معدل التضخم المرتفع بالفعل في لبنان، والذي يبلغ حالياً حوالي 250% سنوياً، إلى جانب زيادة معدل الفقر الذي يبلغ حوالياً حوالي 80%، وزيادة تآكل القوة الشرائية.

تصنيف فيتش

وفي أغسطس، خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، التصنيفَ طويل الأجل بالعملة المحلية للبنان من "CC" إلى حالة التخلف عن السداد المقيدة "RD"، كما خفضت التصنيف الائتمائي قصير الأجل بالعملة المحلية من "C" إلى حالة التخلف عن الدفع المقيدة "RD".

وآنذاك، قال حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري، إن احتياطي النقد الأجنبي المتوفر لدى المصرف بلغ بنهاية شهر يوليو الماضي 8.573 مليار دولار يضاف إليها القيمة السوقية لمحفظة سندات اليوروبوندر، البالغة 387 مليون دولار، وذلك بخلاف ما يملكه المصرف المركزي من احتياطي من الذهب.

ويواجه لبنان أزمة مالية واقتصادية حادة منذ أواخر عام 2019، تسببت في حجز ودائع العملاء، ما وصفه البنك الدولي بـ أسوأ الأزمات في العصر الحديث. وشهدت الأزمة تراجع قيمة الليرة اللبنانية أكثر من 98%، وسط غياب المعايير المستقرة لاحتساب سعر صرفها أمام الدولار.

وفضلاً عن ذلك، خفّض المصرف المركزي في فبراير سعر الصرف المعمول به منذ عقود من 1,500 ليرة للدولار إلى 15,000 ليرة، ويشير سياسيون ومراقبون إلى الفساد وغياب الشفافية كأحد أسباب الأزمة، إذ يخضع حاكم مصرف لبنان المركزي السابق، رياض سلامة للمحاكمة بعد ادعاء القضاء عليه في عدد من الدول الأوروبية وداخل لبنان، بتهم الفساد والاختلاس.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com