خاص
خاصالبنك المركزى المصري

ماذا يعني تثبيت المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الثالثة ؟

للمرة الثالثة على التوالي، قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزي المصـري في اجتماعهـا، الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول الحالي، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.

وقررت اللجنة الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند مستوى 19.25%، و20.25% و19.75% على الترتيب.

ووفق بيانها، ستواصل اللجنة تقييم أثر السياسة النقدية التقييدية التي جرى اتخاذها وتأثيرها في الاقتصاد، طبقًا للبيانات الواردة خلال الفترة المقبلة، مؤكدةً أن "المسار المتوقع لأسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة، وليس معدلات التضخم السائدة".

قرار متوقع

يشير قرار البنك المركزي المصري إلى عدم وجود تغيير في قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، بالإضافة إلى أنه قرار توقعه المحللون الاقتصاديون لعدة أسباب، أبرزها انخفاض معدلات التضخم الشهرية، وفق تقدير الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة حنان رمسيس.

ورغم التحديات المرتبطة بالعديد من الأبعاد الأخرى، مثل نقص الدولار نتيجة الهبوط في تحويلات المصريين وانخفاض عوائد السياحة، فإن قرارات بعض دول الخليج بتمديد ودائعها الدولارية أسهمت في تعزيز قرار تثبيت سعر الصرف، ما أدّى إلى استبعاد احتمالات تعويم جديد للجنيه في الوقت الحالي، حسب "رمسيس".

وتقول، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، إن "انضمام مصر لتجمع البريكس، واتفاقات التبادل التجاري بالعملة المحلية مع عدد من الدول، مثل السعودية والهند، أسهم في تقليل الحاجة إلى الدولار"، متوقعةً أن تحقق هذه الاتفاقات ما يعادل بين 40 و60 مليار دولار في العام 2025.

ومن المتوقع، وفق تقدير "رمسيس"، أن "تشهد أسعار السلع استقرارًا في المرحلة المقبلة، باستثناء الحاصلات ذات العروة الشتوية كالطماطم"، ويتمثّل التحدي الأكبر في جشع التجار ورغبتهم في تحقيق هامش ربح كبير، لذلك، يتطلب الأمر دورًا أكبر لجهاز حماية المستهلك لفرض المزيد من الضوابط على الأسواق.

واعتبرت أن "قرار البنك المركزي بتثبيت سعر الصرف يُعد استكمالًا لسياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الدولة خلال الفترة الأخيرة"، مشيرة إلى أن "هذا القرار يُسهم في الحفاظ على نسب التداول والاستثمارات داخل البورصة، لأن رفع سعر الفائدة يؤدي إلى توجه الأموال من البورصة إلى القطاع المصرفي".

قرارات بعض دول الخليج بتمديد ودائعها الدولارية أسهمت في تعزيز قرار تثبيت سعر الصرف
حنان رمسيس - خبيرة اقتصادية
رفع سعر الفائدة في 2024

اتفقت المحللة الاقتصادية، رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة، مع ما ذهبت إليه "رمسيس" بشأن القرار المتوقع، في ظل تراجع مستوى التضخم عند 36.5%، موضحة أن "الرؤية المستقبلية مرتبطة بالتطورات الجيوسياسية في العديد من القضايا الإقليمية".

وعلى المستوى العالمي، تباطأ النشاط الاقتصادي، وأسهمت سياسات التشديد النقدي التي نفذتها البنوك المركزية الكبرى في انخفاض توقعات النمو الاقتصادي.

وتوقعت "يعقوب" أن يرفع المركزي المصري سعر الفائدة خلال الربع الأول من العام 2024، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتوترة التي تحيط بالدولة، خاصة أنها تُسهم في ارتفاع معدلات التضخم العالمية.

وتشير، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، إلى أن "انخفاض العوائد الدولارية عامل مؤثر للغاية، خاصة في ظل المستجدات التي يشهدها البحر الأحمر وتداعياتها على قناة السويس، والتي تُعدُّ أهم مصادر العملة الصعبة، ناهيك من تأثُّر قطاع السياحة وانخفاض تحويلات المصريين من الخارج".

من المتوقع أن يرفع المركزي المصري سعر الفائدة خلال الربع الأول من العام 2024
رانيا يعقوب - محللة اقتصادية
عوامل خارجية مؤثرة

في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد البهواشي، أن "قرارات البنك تعتمد بنحو رئيس على المستهدف من معدلات التضخم"، ويوضح "إذا كان المعدل في الحدود المقبولة، يُتخذ قراراً بالتثبيت، أما إذا ارتفع المعدل، فإن الدول تتدخل لرفع سعر الفائدة بهدف سحب السيولة من الأسواق".

إلا أن التضخم في الفترة الحالية، بحسب "البهواشي"، ليس مرتبطًا بالسيولة في الأسواق، وإنما بعوامل أخرى، أبرزها مداخيل الإنتاج وأسعار صرف الدولار، وتُعدُّ هذه العوامل عرضةً للتأثير بعوامل خارجية، مثل الأوضاع الإقليمية التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى الأزمات العالمية.

وفي تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أوضح الخبير الاقتصادي أن "تراجع مستويات التضخم أسهم في اتخاذ قرار تثبيت سعر الفائدة، ورغم أن الرؤية للمستقبل تبدو ضبابية وغير واضحة، فإن اللحظة الراهنة تدعو للتفاؤل في ظل تراجع التضخم".

أزمة نقص الدولار

 أما الخبير الاقتصادي، الدكتور حمدي الجمل، فيرى أن "قرار تثبيت سعر الفائدة يعكس حقيقة أن السياسات النقدية لم تعد قادرة على تحقيق أهدافها في استعادة التوازن الاقتصادي، بسبب العوامل الخارجية التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، فقد سبق للبنك المركزي الأميركي اتخاذ قرار مماثل قبل أيام".

 وتُعدُّ أزمة نقص الدولار الأزمة الحقيقية التي تواجه الاقتصاد المصري، وترجع إلى عدة عوامل، أبرزها انخفاض عوائد السياحة وتراجع تحويلات المصريين بالخارج بنحو 10 مليارات دولار في الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى الاعتماد الكبير على الاستيراد من الخارج، وفق تقدير "الجمل".

وفي تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أضاف "الجمل" أن "رفع أسعار الفائدة قد لا يكون مُجديًا في الوقت الحالي، نتيجة لما يتردد بشأن احتمالات تحرير سعر صرف الجنيه، فمن المتوقع أن يتجه أصحاب الدولارات إلى الاحتفاظ بها في ظل هذه الاحتمالية، ما يُصعّب من قدرة البنك المركزي على سحب السيولة من الأسواق". 

 وقد يُسهم اتباع سياسات نقدية مرنة في جذب الأموال المدخرة إلى الاستثمار مرة أخرى في مختلف القطاعات الاقتصادية، من خلال خفض أسعار الفائدة وتوفير بيئة استثمارية جاذبة، وفق تقدير "الجمل" الذي شدد على ضرورة "العمل على تخفيض الفاتورة الاستيرادية وزيادة المنتج المحلي، من خلال دعم الإنتاج المحلي وترشيد الواردات".

 ورغم جهود الحكومة الحثيثة للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق القرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، لم تكن مصر في العام 2023 قادرة، بسبب الوضع الاقتصادي المعقد، على تلبية الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي لإجراء المرحلة الأولى والثانية. 

 وتشمل التزامات مصر تجاه الصندوق تطبيق نظام مرن لأسعار الفائدة وأسعار الصرف، وتعزيز دور القطاع الخاص، وخفض مستويات الدين والتضخم، وطرح حصص في 35 شركة مملوكة للدولة للاستثمارات الحكومية.

قرار تثبيت سعر الفائدة يعكس حقيقة أن السياسات النقدية لم تعد قادرة على تحقيق أهدافها
حمدي الجمل - خبير اقتصادي

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com