logo
اقتصاد

عكس المعتاد.. الاقتصاديون يتوقعون اقتراب الركود

عكس المعتاد.. الاقتصاديون يتوقعون اقتراب الركود
تاريخ النشر:10 ديسمبر 2022, 09:24 م

إذا انكمش الاقتصاد العام القادم، فلا داعي لاندهاش أحد فلطالما واجهنا الركود تاريخيًا، ولا يبدو أن المستثمرين يهتمون.

تشير التوقعات في المتوسط إلى بلوغ الركود أوروبا والمملكة المتحدة بينما يبلغ متوسط التوقعات للولايات المتحدة العام المقبل تحقيق نمو طفيف بنسبة 0.2%، وفقًا لإجماع الاقتصاديين ليسجل ثالث أدنى مستوى منذ 1989.

كشف استطلاع وول ستريت جورنال الدوري توقع الاقتصاديين فرصة بنسبة 63% للركود العام المقبل. كما أظهر استطلاع بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا لرأي خبراء الاقتصاد والمستثمرين توقع تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي ثلاثة أو أربعة أرباع، في أطول مدة تراجع منذ وقت طويل مطلع 1968.

لا يعني اقتناع خبراء الاقتصاد بتوقعاتهم أنهم على حق. فمنذ بدء استطلاع بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، لم ينجحوا في توقع ركوداً واحداً قبل عام من حدوثه، وأخطأوا في توقع الركود أعوام 1990 و2001 و2008.

لكن هل يُمكن أن يكون خبراء الاقتصاد على حق هذه المرة؟ وإذا حدث ذلك، فهل يعني ذلك أن أسعار الأسهم وعائدات السندات ينبغي أن ترتفع أو تنخفض؟

يميل المتشائمون (وأنا من ضمنهم) للرد "يا لحماقة" الخيارين. من الواضح أن خبراء الاقتصاد ليس لديهم كرة بلورية ليتنبؤوا، ومن الواضح أن الركود يعني انخفاض الأسهم، وربما انخفاض عائدات السندات، كما كانت الحال دوماً.

كرة بلورية

من الواضح أن الاقتصاديين ليس لديهم كرة بلورية وأن الركود يعني تراجع الأسهم، وربما انخفاض عوائد السندات كما يحدث دائماً.

ومع ذلك، هناك أسباب كثيرة للشك في ذلك.

لنبدأ بالاقتصاديين. يبرع خبراء الاقتصاد، مثل الجنرالات في خوض حروبهم الأخيرة. حيث يبنوا نماذج تدمج المشاكل السابقة، لكنهم عادةً ما تحمل المشاكل الجديدة مفاجأة لهم. وهذه المرة، يعتقد الخبراء أنهم يفهمون الأمر جيداً لأن المشكلة اقتصادية وواضحة للغاية وهي أن البنك المركزي يرفع أسعار الفائدة بقوة لمكافحة التضخم.

يقول سوشيل وادواني، صانع السياسات النقدية السابق في "بنك إنجلترا" والمسؤول الاستثماري الأول بصندوق التحوط "كيو إم إيه وداواني: "يعتقد الناس أنهم شاهدوا هذا الفيلم عدة مرات وأدركوا أن تأخر البنوك المركزية [في التشديد النقدي] يجعل التخفيف التدريجي أكثر صعوبة".

لم يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الفائدة بتلك الوتيرة المتسارعة منذ تصدي الرئيس بول فولكر للتضخم نهاية السبعينيات وقد تبع التشديد وقتها فترتي ركود وليس واحدة في وقت قصير.

المنحنى المقلوب

تعلم الاقتصاديون والمستثمرون على حد سواء كيفية توقع مؤشر السوق الذي يسبق الركود في الماضي، حيث منحنى العائد المقلوب، وقتها تكون عائدات السندات طويلة الأجل أقل من قصيرة الأجل. وقد بلغ عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات 0.8% الآن وهو أقل من عائد السندات لأجل 3 أشهر، لتسجل أكبر فجوة منذ ديسمبر 2000 فيما يعتبر، وفقًا لكامبل هارفي من جامعة ديوك، المؤشر الأكثر ثقة في توقع الركود.

يقول البروفيسور هارفي: "كان هناك إجماع بعد الأزمة المالية العالمية 2008-2009 على عدم إمكانية تجاهل الأمر لذلك يؤثر المنحنى المقلوب على التوقعات".

تشير توقعات الاقتصاديون إلى أن الأوضاع صعبة للغاية، والأنباء الاقتصادية السيئة غالباً ما تعي ركوداً، لكن ماذا تعني الأنباء الجيدة.

يقول أليكس برازييه، نائب رئيس عملاق الاستثمار "بلاك روك": "يعني فقط أنه يتعين على البنوك المركزية أن تقوم بالمزيد. وإذا أراد بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض التضخم الأساسي إلى المستوى المستهدف 2% فيجب حدوث ركود".

مسار مغاير للأسهم

قد يخطئ الاقتصاديون مرة أخرى. المقارنة مع السبعينيات ليست مثالية حيث تسبب الإغلاق الوبائي وإعادة الفتح مجددًا في تحولات سريعة بالاقتصاد. وبالتالي، منحنى العائد ليس مؤشراً سحرياً حيث يعكس المنحنى المقلوب توقعات المستثمرين بخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بدءًا من العام المقبل، مع تضاؤل الضغوط التضخمية، كما لا يتفق كافة الخبراء أن الركود أمراً حتمياً.

يقول جان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في "غولدمان ساكس": "البيانات الأكثر تأثيراً، وخاصة بيانات السوق، لا تشير إلى اقتراب الركود". حيث تشير إلى قوة سوق العمل الذي يدعم دخل الأسر، خاصة وأن مؤشر التضخم العام من المرجح أن ينخفض العام المقبل. تبلغ توقعات بنك "غولدمان ساكس" لمخاطر الركود 35%، وهي نسبة أقل بكثير من إجماع الخبراء.

إذا حدث ركود، هل ينبغي على المستثمرين القلق؟. تاريخياً، صاحب الركود هبوط حاد بأسعار الأسهم وعائدات السندات، لكن منذ بلوغ مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" أدنى مستوياته منذ بداية العام  قبل ستة أسابيع، ارتفعت الأسهم 17%، حتى مع خفض محللي وول ستريت توقعاتهم للأرباح خلال العام المقبل بنحو 3%.

الأسهم تتحرك عكس عوائد السندات حالياً، ما يشير إلى اهتمام المستثمرين بتوقعات أسعار الفائدة أكثر من الأرباح وهو ما يرجع نسبياً إلى تراجع الأرباح المتوقعة بنسب تحت السيطرة.

تراجع تلقائي

المحللون متشائمون مثل خبراء الاقتصاد ويتوقعون حدوث ركوداً.

ارتفاع الأسهم جاء مدفوعاً بسيناريو متفائل بتراجع التضخم دون قتل بنك الاحتياطي الفيدرالي للاقتصاد، ما يسمح بخفض أسعار الفائدة نهاية العام المقبل.

التخفيض التدريجي محتمل لكن حتى في ظل ذلك السيناريو، يتعين على المستثمرين المتفائلين أيضاً الاقتناع بأن صناع السياسات النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يتخلون بسرعة عن مخاوفهم بشأن التضخم ويدركوا في وقت ما العام المقبل إمكانية خفض أسعار الفائدة.

يحتاج المستثمرون الذين يحاولون اتخاذ قراراً بشأن شراء الأسهم وارتفاع السندات إلى ثلاثة أشياء حتى يمضي الأمر على ما يرام. أولًا، تراجع التضخم تلقائياً وليس نتيجة انهيار الطلب. ثانيًا، إدراك بنك الاحتياطي الفيدرالي في الوقت المناسب لعدم الحاجة لتحطيم الطلب لإعادة التضخم للمستوى المستهدف. ثالثًا، الارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار الفائدة لا يُسبب ركودًا، أو أن الركود ضعيفاً لدرجة أن أرباح الشركات جيدة.

لا أثق كثيرًا في النماذج الاقتصادية التي لم تتوقع العديد من فترات الركود قبل ذلك. لكن يصعب عليك أن تؤمن بأن الأسهم لديها احتمال آخر غير الانتعاش في السوق الهابطة أيضًا.  

المصدر: وول ستريت جورنال

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC