وموريس بيرل هو أحد المديرين الإداريين لشركة بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، وتم تكليف فريقه بتقييم ملاءة البنوك اليونانية.
وفي صيف 2013، زار العاصمة اليونانية أثينا، وقال مؤخرا عبر الفيديو من مكتبه في نيويورك: "لقد ألقيت نظرة من النافذة ورأيت حشدا يتحرك في الشارع".
وعندما أدركت أن هؤلاء الناس كانوا يونانيين وهم بحالة يرثى لها، نظرت إلى المصرفيين الذين يكسبون جيداً من حولي: ما الفائدة التي نقدمها لهذا البلد (أي اليونان) على وجه التحديد؟".
وبعد بضعة أشهر، استقال موريس بيرل من منصبه وانضم إلى "المليونيريين الوطنيين"، وهي منظمة تضم 250 أميركيا، يتجاوز دخلهم السنوي مليون دولار (حوالي 950 ألف يورو) أو تزيد قيمة أصولهم على 5 ملايين دولار.
وبعد استقالته قال: "ليس كل الأغنياء جشعين: فنحن نريد للعالم أن يكون أفضل، ولن يكون هذا ممكنا إلا إذا دفع الناس مثلي، المزيد من الضرائب".
أما غاري ستيفنسون فكان متداولاً في لندن بين عامي 2008 و2012. وفي عام 2010، عندما كان عمره 23 عاماً فقط، حصل على أول مليون يورو له، وكان النجم الصاعد في سيتي بنك.
واعترف قائلاً: "لقد أصبحت أملك الملايين من خلال الرهان على أن أسعار الفائدة لن ترتفع ثم ادركت أن عدم المساواة ستؤدي إلى الانفجار".
وفي عام 2014، ترك وظيفته مشمئزا، واستأنف دراسة الاقتصاد. وهو الآن ينشر مقاطع فيديو على موقع يوتيوب، يشرح فيها سبب قيام النظام المالي بسحق الطبقات الوسطى، ودعم المليونيرات.
وقال "لقد كسبت ما يكفي لأتوقف عن العمل لبقية حياتي وأضاف:" يجب أن تستهدف الضرائب الأثرياء، بمن فيهم أنا، لإعادة توزيع الثروات" في المجتمع.
هل بالفعل يطالب أصحاب الملايين بدفع المزيد من الضرائب؟ قد نستغرب ذلك. وفي الواقع هناك المزيد والمزيد منهم في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الذين يطالبون بذلك. فهم يلتقون معا في جمعيات مثل "المليونيريّون الوطنيون"، و"المليونيرات من أجل الإنسانية"، و"الموارد المتحركة" في كيبيك في كندا.
والجميع يقولون نفس الشيء: أنا غني، اطلبوا مني الضرائب ويقول البريطاني فيل وايت، البالغ من العمر 71 عاماً، والذي باع شركته الاستشارية مقابل حفنة من الملايين قبل بضع سنوات، "أريد أن أدفع نفس القدر من الضرائب الذي يدفعه الآخرون لمنع المجتمع من الانهيار".
وتقول ستيفاني بريمر، الوريثة والناشطة الألمانية: "إن الأثرياء مثلنا هم الذين يتعيّن عليهم دفع ضريبة الثروة الحقيقية، والتي بالكاد يشعرون بها في الواقع، وليس الأطباء أو المهندسين من الطبقة المتوسطة".
وقالت الثرية كلير تروتييه بغضب :"كنت أخضع للضريبة على دخلي كأستاذة أكثر من الآن، فهذا ليس طبيعيا".
وفي عام 2021، تركت هذه الشابة من كيبيك منصبها في جامعة ماكجيل في مونتريال، لتكرّس نفسها لمؤسسة عائلة تروتييه، التي أنشأها والداها لورن الذي جمع ثروته من التقنيات العالية.
ولنشر أفكارهم، يقوم هؤلاء "التائبون" الأغنياء بالتوقيع على العرائض ويرسلون رسائل إلى الحكومات وإلى المنتدى السنوي لكبار الممولين في دافوس، ويعقدون المؤتمرات.
وفي عام 2021، ترك "المليونيريون الوطنيّون" بصمتهم من خلال شاحنة إعلانية تتنقل في شوارع واشنطن وتحمل شعارا قرب صورة لجيف بيزوس، مؤسس أمازون، والمعروف بمطالبته بخفض الضرائب وجاء في هذا الشعار:"افرض عليّ ضرائب إذا استطعت".
وهناك حقيقة أكدها مرة أخرى التقرير، الذي نشره المرصد الأوروبي للضرائب يوم الاثنين الماضي. وجاء في هذا التقرير "أن الأثرياء يدفعون ضرائب ، نسبياً، أقل من بقية السكان. وذلك لأن جزءاً كبيراً من دخلهم يأتي من رؤوس أموالهم (مثل أرباح الأسهم)، ويخضع لضريبة أقل، أو لا يخضع للضريبة على الإطلاق.
وهذا ما يساهم في اتساع فجوة عدم المساواة. ويسلط التقرير الضوء على أنه في حين زادت الثروة المتوسطة بنسبة 3% سنويا على مستوى العالم منذ عام 1995، فقد زادت ثروة الأشخاص الأكثر ثراء بنسبة 6% إلى 9%.
وأضاف لوكاس تشانسيل، المدير المشارك لمختبر عدم المساوات في العالم :"إن هذا التفاوت لا يهدد الديموقراطية فحسب، بل يؤدي إلى افتقار الدول للأموال لتمويل التحول في مجال الطاقة.
وأضاف ديل فينس، مؤسس الشركة البريطانية المتخصصة في الطاقات المتجددة "إيكوتريسيتي"، والذي تقدر ثروته بـ 120 مليون يورو: "هذا بالضبط ما نريد تغييره".