مستقبل الطائرات الكهربائية.. آمال كبيرة وصعوبات جمة

مستقبل الطائرات الكهربائية.. آمال كبيرة وصعوبات جمة
يتجه العالم الحديث حاليا نحو تقليل الانبعاثات الكربونية التي تضر بالمناخ وتزيد من الاحتباس الحراري، وتعد صناعة الطيران من بين أكبر مسببات هذه الانبعاثات، خاصة خلال عملية صعود وهبوط الطائرات التي تستهلك طاقة كبيرة، وتولد بالتالي مزيدا من الغازات الكربونية، لذا تتجه الشركات الناشئة الآن نحو النقل الجوي باستخدام أسطول من الطائرات الكهربائية.

وذكرت منظمة الطيران المدني الدولية أن الانبعاثات الكربونية ستزيد بمقدار الضعف تقريبا أو أكثر بين عامي 2016 و2055، فيما أوضحت أن الشركات تبحث العمل على خفض هذه الانبعاثات باستخدام الوقود الحيوي المستخرج من الذرة، ومضاعفة أعداد الطائرات التي تعمل بالهيدروجين الأخضر، فضلا عن أزمات إنتاج الوقود الأقل انبعاثا للكربون مثل الوقود النفاث تدفع القطاع دفعا لاستخدام الطائرات الكهربائية.

وتقول وكالة الطاقة الدولية إن قطاع الطيران يعد مسؤولا عن حوالي 900 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنويا، وهو ما يعادل حجم الانبعاثات الصادرة عن دولة صناعية بحجم ألمانيا، مع توقعات بارتفاع هذه الانبعاثات مع زيادة الطلب على النقل الجوي.

وتشارك حاليا 70 شركة في مجال البحث والتطوير في مجال الطائرات الكهربائية، حيث تقدر شركة "لارون إف إي" لبحوث الطيران أن هناك حاليا نحو 110 برامج للطائرات الكهربائية قيد التطوير حول العالم، إلا أن هذه البرامج تواجه تحديات، مثل: محدودية البطاريات الكهربائية، والتسعير التنافسي مع الطائرات التقليدية، فضلا عن البيروقراطية والموافقات التنظيمية.

تحديات جمة رغم التفاؤل

وتقول ليلي ستويمينوفا، خبيرة قطاع الطيران ومحللة أسواق المال، إن قطاع الطائرات الكهربائية -مع أنه واعد وينتظره مستقبل جيد- إلا أنه ما زال في بداياته، حيث إن معظم الطائرات الكهربائية حاليا صغيرة الحجم ولا ترقى لمستوى الطائرات التجارية الكبيرة، لأنها ذات مقعد واحد أو مقعدين أو 4 وأقصى عدد لها حتى الآن 9 مقاعد، وأقصى مدى طيران لها لا يتجاوز 900 كيلومتر، لذا فهي غير مؤهلة بعد لتصبح تجارية على المستوى المنشود.

وأوضحت ستويمينوفا، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أنه نظرا لتعقد اختبارات الطيران فإن الشركات الناشئة تواجه تحديات جمة لدخول قطاع الطائرات الكهربائية، فضلا عن أن هذه الطائرات تحتاج إلى بنية تحتية معقدة وأنظمة أكثر تقدما، وهو ما يستدعي تصميم أنظمة مولدات عالية الطاقة تتحمل كثافة الطيران التجاري.

وأضافت أن من أهم مزايا الطائرات الكهربائية هو ارتفاع مستوى الأمان، بسبب قلة احتمال الانهيار الميكانيكي، أو قلة خطر اندلاع النيران في حالات الحوادث، كما أنها تولد ضجيجاً أقل، بالإضافة إلى أنها صديقة للبيئة بسبب عدم إطلاقها لغازات الدفيئة، بينما القصور الرئيسُ للطائرات الكهربائية هو قصر مدى طيرانها، وهو ما يمكن التغلب عليه إذا ما تم تطوير صناعات بطاريات الليثيوم طويلة الأمد، وذلك إذا ما أردنا سوقا تجارية حقيقية واعدة للطائرات الكهربائية.

ولفتت خبيرة قطاع الطيران إلى أن مستقبل الطائرات الكهربائية يتوقف بمستوى كبير على البطاريات الكهربائية المستخدمة، فحاليا يتم استخدام بطاريات الليثيوم آيون، وهي تتميز بقدرة عالية على تخزين الطاقة مقارنة بحجمها ووزنها، إلا أنها ما زالت غير كافية للقيام برحلات ذات مسافات طويلة مع أعداد كبيرة من الركاب، كالرحلات التجارية الحالية التي تستخدم وقودا أحفوريا.

موافقات تنظيمية معقدة

هناك حاليا حوالي 35 دولة حول العالم أصدرت الموافقات التنظيمية لشركة "بيبيي استريل" السلوفاكية الناشئة لاستخدام طائرتها الكهربائية التي تتسع لفردين، وهو تطور كبير في عالم الطائرات الكهربائية.

ووفقا لتوقعات مؤسسة "ماركتس" لبحوث الأسواق، فمن المتوقع أن يتطور سوق الطائرات الكهربائية حول العالم ويصل حجمه إلى نحو 40 مليار دولار بحلول عام 2030، وهو يتجاوز تقريبا 4 أضعاف ما جرى توقعه خلال عام 2022 والبالغ 9 مليارات دولار.

وهناك شركات تصنيع طائرات كبيرة لها تاريخها في عالم الطيران قررت الدخول إلى عالم الطائرات الكهربائية مع هذه التوقعات بنمو هذا السوق، ومنها شركة "إيرباص"، أكبر مصنع للطائرات في العالم، حيث قررت دخول سوق الطائرات الكهربائية عام 2010 بطائرة للاستعراض الجوي مزودة بأربع محركات.

الشركات الناشئة

من جانبها، تتطلع الشركات الناشئة لاستغلال الفرصة وسط التوقعات القوية بنمو سوق الطائرات الكهربائية، ومن هذه الشركات شركة "ألفا تكنولوجي"، والتي تمكنت طائراتها الكهربائية من القيام برحلة بلغت مسافتها 2820 كيلومترا، وهي طائرة ذات جناحين ثابتين، وقادرة على الإقلاع والهبوط عموديا.

وهناك أيضا شركة "أفييشن جو" ومقرها ولاية فلوريدا وقد قامت بتسليم تاكسي طائر كهربائي إلى قاعدة غلين الجوية في أكتوبر الماضي، وهو يتسع لطيار و4 من الركاب.

كما أجرت شركة "إير إيفييشين" تجربة لطائرة كهربائية تتسع لـ 9 أفراد أطلقت عليها لقب "أليس"، وذكرت الشركة أنها تلقت طلبات بنحو 310 طائرات تبلغ قيمتها ملياري دولار.

كذلك طرحت شركات ناشئة أخرى في قطاع الطائرات الكهربائية، منها شركة "إيرسبيس" السويدية و"إكس موتورز" الصينية و"ريجي كرافت" الأمريكية، نماذج أولية للطائرات الكهربائية استعدادا لطرحها تجاريا.

كما تقوم بعض الشركات الأخرى بإجراء تجارب على طائرات هجينة مثل شركة "أمبر" ومقرها كاليفورنيا، والتي طورت طائرة هجينة تسمى "سيسان" تخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 75%، وتأمل الشركة في الحصول على الموافقات التنظيمية للقيام برحلات تجارية داخل الولايات المتحدة خلال عام 2024.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com