وفي السنوات الأخيرة، حقق الأميركيون من أصل هندي نجاحا مبهرا داخل الولايات المتحدة، حيث نما ثقلهم في المجتمع الأميركي نظرا لمواردهم المالية المتزايدة، كما ارتفع عددهم داخل الولايات المتحدة إلى 4.8 مليون نسمة في عام 2021 بعدما كانوا مليونا واحدا في عام 2000، ليصبحوا أكبر ثالث مجموعة مهاجرة بعد الصينيين والمكسيكيين.
ويبلغ متوسط دخل الأسرة الهندية الأميركية نحو 119 ألف دولار سنويا، مقارنة بالمعدل الوطني لباقي الأميركيين البالغ 62 ألف دولار سنويا، فضلا عن أن رؤساء من أصل هندي يقودون عددا هائلا من المجموعات الأميركية الكبيرة، مثل ستاربكس ومايكروسوفت وألفابت، الشركة الأم لغوغل، وآي بي إم وفيديكس. لكن على الضفة الأخرى، نجد أن رجال الأعمال الأميركيين يكافحون بصعوبة من أجل البقاء في السوق الهندي.
فها هي شركة "والت ديزني"، عملاق صناعة الترفيه في العالم، المالكة لشركة "ستار إنديا"، تقترب من إبرام عقد صفقة لتصفية أعمالها في الهند، حيث تجري محادثات في هذا الخصوص مع الملياردير الهندي موكيش إمباني، وتردد أن الشركة عرضت بيع أصولها مقابل 10 مليارات دولار، إلا أن الملياردير الهندي يرى أن قيمتها تتراوح بين 7 و8 مليارات دولار فقط.
وفقدت منصة ديزني بلاس 18 مليون مشترك عالميا، وذلك يرجع بشكل أساسي إلى التراجع الكبير لعدد المشتركين في السوق الهندي، إذ تستحوذ "هوتستار" وهي نسخة "ديزني بلاس" المخصصة للهند، على ثلث عدد المشتركين عالميا في المنصة، إلا أنها تعرضت لصدمة قوية بعدما فقدت حقوق بث بطولة الكريكيت الوطنية، ما دفعها نحو التخارج من السوق الهندي لصالح رجل الأعمال الهندي موكيش إمباني.
وتأتي مفاوضات الاستحواذ بعد أن نجحت شركة "فياكوم 18" التابعة للملياردير الهندي موكيش أمباني، في الحصول على الحقوق الرقمية للكريكيت، الدوري الهندي الممتاز، وتمكنت من إزاحة "والت ديزني" على مدى السنوات الخمس المقبلة.
في يونيو الماضي، اتفقت الولايات المتحدة والهند على إنهاء 6 نزاعات تجارية عالقة بينهما في منظمة التجارية العالمية، حيث أعلنت الهند موافقتها على إلغاء رسوم جمركية ثأرية فرضتها على عدد من المنتجات الأميركية.
وفرضت الهند رسوما على 28 منتجا أميركيا، مثل الحمص والعدس واللوز والجوز والتفاح وحمض البوريك، والمواد الكاشفة في التشخيص، وذلك في رد فعل ثأري على إجراءات الأمن القومي الأميركي المتعلقة بالصلب والألومنيوم. وتوقع خبراء أنه بهذا الاتفاق فقد حصل المصدرون الهنود على مميزات ضريبية مهمة.
ويقول كينيث روجوف، محلل أسواق المال والخبير الاقتصادي بمؤسسة ماركت ووتش، في تصريح لـ "إرم الاقتصادية"، إن الولايات المتحدة تنظر للهند باعتبارها دولة ديمقراطية صديقة، وباعتبارها أيضا القوة الصاعدة الأكثر أهمية في العالم، لافتا إلى أن هناك العديد من القضايا الهامة التي لا يمكن العمل على حلها بمعزل عن الهند، ومنها تغير المناخ ومكافحة الأوبئة.
ولفت روجوف إلى أن أي صانع قرار أميركي لا يمكن أن يتجاهل وجود 4 ملايين أميركي ثري من أصل هندي، يؤثرون بشكل كبير في صناعة القرار داخل الولايات المتحدة، فضلا عن أن واشنطن تنظر إلى الهند كحصن حقيقي ضد الصين.
وأضاف روجوف أن الهند أصبحت الآن قوة صاعدة، من خلال كونها شريكا تجاريا موثوقا فيه، موضحا أن نيودلهي كانت تعتمد على الصين في التبادل التجاري حتى عام 2021، حيث وصل حجمه إلى 115 مليار دولار إلا أن الولايات المتحدة تمكنت من الحصول على لقب الشريك التجاري الأول للهند، بحجم معاملات بلغ 119 مليار دولار في 2022، بعد أن كان حوالي 80 مليار دولار في 2021.
ولفت إلى أنه كلما تزايد معدل تحرير السياسة التجارية للهند، فإن ذلك قد يشكل فرصة لمضاعفة حجم التجارة الثنائية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن تجارة الهند مع كل من بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة، تقدر حاليا بنحو 259 مليار دولار سنويا من إجمالي حجم التجارة الهندية الكلية البالغ تريليون دولار. وتعد الهند من بين المقاصد المفضلة لهجرة شركات التقنية الأميركية، وذلك بسبب ضخامة عدد المستهلكين في سوقها البالغ 1.4 مليار نسمة.