تقارير
تقاريروزير المالية الفرنسي برونو لومير - رويترز

هل يتسبب العجز والديون في خفض تصنيف فرنسا الائتماني؟

تخضع فرنسا لتدقيق مالي مكثف مع اقترابها من أسابيع مليئة بالأحداث الحاسمة، بما في ذلك مراجعات التصنيف الوشيكة من وكالات التصنيف الائتماني.

ومن المقرر أن تقدم الحكومة الفرنسية، بحلول نهاية أبريل الجاري، برنامج الاستقرار الذي سيعمل على تحديث استراتيجيتها المالية على المدى المتوسط، وفقا لموقع يورونيوز.

وتشمل اللحظات الحاسمة التي تلوح في الأفق مراجعات التصنيف من وكالة موديز (حالياً AA مع نظرة مستقبلية مستقرة) وفيتش، في 26 أبريل الجاري، (حاليا AA- مع نظرة مستقبلية مستقرة)، مع تقييم لاحق من ستاندرد أند بورز في 31 مايو المقبل (حاليا AA مع نظرة مستقبلية سلبية).

وقد أشارت المفوضية الأوروبية بالفعل إلى تعارضات محتملة مع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي في استجابتها لخطة ميزانية فرنسا لعام 2024، مما يسلط الضوء على مخاطر التعديل السلبي من قبل ستاندرد أند بورز بسبب توقعاتها السلبية الحالية.

* المشهد المالي الفرنسي

وتشير أحدث التوقعات المالية لصندوق النقد الدولي إلى أن العجز الحكومي الفرنسي سينخفض بشكل طفيف فقط من 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي المعدل بالزيادة في عام 2023 إلى 4.9% في كل من عامي 2024 و2025.

ومن المتوقع أن تظل نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى من 4% حتى عام 2029، وهو أمر ملحوظ أعلى من متوسط منطقة اليورو طوال فترة التوقعات.

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرتفع الدين الحكومي للبلاد من 110.6% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 إلى 115.2% بحلول عام 2029، أي ما يقرب من 30% فوق متوسط منطقة اليورو.

وأشار ألكسندر ستوت، الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان ساكس، إلى أن "العجز في عام 2023 وحده أدى إلى تحويل مسار الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى أعلى بشكل دائم. لكن درجة التدهور تعتمد بشكل حاسم على مسار العجز من هذه النقطة".

واقترح ستوت أن تصحيحات السياسات قد تنطوي في الغالب على تخفيضات في الإنفاق بدلا من زيادة الإيرادات، بما في ذلك التخفيضات المحتملة في ميزانية الحكومة المركزية، وحوافز للسلطات المحلية للسيطرة على الإنفاق، وتشديد سياسات سوق العمل.

وتعتقد شارلوت دي مونبلييه، الخبيرة الاقتصادية لدى ING، أن هدف الحكومة الفرنسية المتمثل في تحقيق عجز في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4% في عام 2024 يبدو الآن غير قابل للتحقيق، مع تجاوز العجز المحتمل 5% مرة أخرى بسبب نقطة بداية أسوأ من المتوقع وتوقعات نمو أضعف.

بالإضافة إلى ذلك، ترى أن المشهد السياسي المعقد، والذي يتسم بافتقار الحكومة إلى الأغلبية البرلمانية، يزيد من تعقيد أي تشريع للمالية العامة.

وكتبت دي مونبلييه: "سيتعين على الحكومة الإعلان عن إجراءات لتجنب خفض التصنيف الائتماني"، وفقا ليورونيوز.

وتتوقع أيضًا أن تتحول السياسة المالية الفرنسية من التوسعية للغاية إلى الأكثر تقييدًا في المستقبل، مما يؤثر على النمو الاقتصادي.

ويرى الخبيران الاقتصاديان في بنك أوف أميركا، إيفلين هيرمان وإيرجون ساتكو، أن الديناميكيات المالية في فرنسا "تستحق اهتماما خاصا"، وأشاروا إلى أن "الانزلاق في عام 2023 جعل مسار الديون هذا بعيد المنال".

وأضافا أن العودة إلى عتبة العجز بنسبة 3% في غضون هذا العقد تبدو بعيدة المنال، وقد يشكل انخفاض نسبة الدين خطراً ذيلياً.

* التصنيف الائتماني

وتتمثل نقطة المراقبة الحاسمة بشكل خاص في الموقف الحالي لوكالة ستاندرد أند بورز، والذي، اعتبارًا من ديسمبر 2023، وضع الديون السيادية الفرنسية عند تصنيف AA مع نظرة مستقبلية سلبية.

وشددت الوكالة على احتمال خفض تصنيف فرنسا خلال العام المقبل ما لم تكن هناك تخفيضات كبيرة في عجز الميزانية لخفض نسبة الدين الحكومي العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، أو إذا تجاوزت مدفوعات الفائدة الحكومية العامة 5% من الإيرادات.

وبالتالي، قال شارلوت دي مونبلييه: "سيتعين على الحكومة أن تعلن عن إجراءات لتجنب خفض التصنيف".

ويتأثر هذا التخفيض الوشيك بعدة عوامل، أبرزها الإنفاق العام المرتفع الذي يعيق الجهود الرامية إلى ضبط الميزانية، أو فشل الأداء الاقتصادي في تلبية التوقعات.

* الآثار المترتبة

ويؤدي خفض التصنيف الائتماني عموماً إلى ارتفاع أسعار الفائدة على السندات الحكومية، وبالتالي زيادة تكاليف الاقتراض في فرنسا.

وقد يؤدي هذا الارتفاع إلى تفاقم الضغوط المالية من خلال تضخيم نفقات خدمة الدين، مما قد يؤدي إلى تعميق العجز ما لم يتم تخفيفه من خلال إصلاحات مالية كبيرة، مثل خفض الإنفاق الحكومي أو زيادة الضرائب، وربما تتجه فرنسا نحو التقشف المالي المتجدد.

وفي الوقت الحالي، يبلغ العائد على السندات الحكومية الفرنسية لعشر سنوات ــ وهو المقياس الرئيسي لتكلفة الإليزيه لإصدار ديون جديدة في السوق ــ نحو 3%، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف متوسطه لعشر سنوات.

ويبلغ الفارق - أو الفارق في العائد - مقارنة بالسندات الألمانية 50 نقطة أساس، ومن الممكن أن يتوسع هذا الفارق بعد قرار التصنيف الائتماني السلبي.

وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، فإن خفض التصنيف يمكن أن يقوض ثقة المستثمرين، مما يؤثر ليس فقط على سوق السندات الفرنسية ولكن أيضًا على المشهد الأوسع للأسهم والاستثمار في المنطقة.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com