المستثمرون الغربيون الكبار يعزفون عن الصين

الصين وأميركا
الصين وأميركاShutterstock
بلغ تشاؤم المستثمرين الغربيين تجاه الصين مستوى قياسياً جديدا، والإجراءات العديدة التي اتخذتها السلطات الصينية لدعم البورصات المحلية، لم تؤدِ إلى إحياء اهتمام المديرين بهذه السوق.

فهل كانت هذه الإجراءات غير كافية أم أتت متأخرة؟ ففي الأسابيع الأخيرة، زادت السلطات الصينية عدد الإعلانات الهادفة لدعم أسواق الأسهم المحلية، لكن دون أن تنجح في إقناع المستثمرين الدوليين بالعودة إلى السوق. لا بل وإن تشاؤم كبار المديرين العالميين حيال الاقتصاد الصيني قد تجاوز المستوى، الذي توصل إليه عشية إعادة فتح الاقتصاد الصيني قبل عام، حسبما يظهر الاستطلاع الذي يجريه بنك أوف أميركا شهرياً.

وقد أصبح "تجنب الصين" واحداً من أكثر المواضيع الذي يحظى بتوافق آراء المديرين الذين شملهم الاستطلاع، الذي أجراه البنك الأميركي، وهؤلاء المديرون يمثلون مجتمعين أصولاً بقيمة 616 مليار دولار. وانخفضت نسبة المستثمرين الذين يتوقعون انتعاش النمو الصيني في العام المقبل، من 78% في فبراير الماضي - بعد وقت قصير من انتهاء سياسة "صفر كوفيد" - إلى 0% هذا الشهر، أي أقل من نسبة 2% التي تم الوصول إليها قبل عام.

ويظل تأثير كارثة العقارات الصينية في قلب مخاوف المستثمرين. فأزمة السيولة التي تضرب شركات التطوير العقاري تهدد بإسقاط شركة "كانتري غاردن"، وذلك بعد سقوط شركة "إيفرغراند" وكلاهما من اللاعبين الرئيسيين في القطاع العقاري.

ويُنظر الآن إلى العقارات الصينية باعتبارها المصدر الرئيسي للمخاطر الأساسية في سوق الائتمان العالمية، بعد العقارات التجارية الأوروبية والأميركية التي أضعفها ارتفاع أسعار الفائدة. كما فقد معظم المستثمرين الأمل في أن تتمكن بكين من الخروج من هذه الأزمة وتنتعش بقوة من جديد، إذ يؤمن 15% فقط من المستثمرين الدوليين بذلك.

ونتيجة لذلك، أحدث المديرون "تحولاً جذرياً" حيال الاقتصادات الناشئة. ولاحظ بنك أوف أميركا "انخفاضاً قياسياً في المخصصات للأسواق الناشئة". وهذه علامة أخرى على استمرار انعدام ثقة المستثمرين الأجانب، خاصة تجاه الصين، وذلك بعد عدة سنوات تميزت بالأزمات المتكررة.

وبدأت عدم شعبية الأسواق الصينية تؤثر على العروض التجارية لكبار المديرين. ففي نهاية شهر أغسطس، أعلنت شركة بلاك روك، أكبر شركة للإدارة في العالم، لعملائها عن الإغلاق القادم لصندوقها "أي تي إف" للأسهم الصينية المسجل في لوكسمبورغ. والسبب هو غياب أي علامة على اهتمام المستثمرين الجدد، حسبما يوضح مدير الأصول. وتم إطلاق هذا الصندوق الاستثماري المتداول في عام 2017، وكان لديه أصول بقيمة 21.4 مليون دولار في 24 أغسطس. ومن جانبها، أعلنت شركة "فنايك شاينا" الأسبوع الماضي تصفية صندوقها الاستثماري الذي تم إطلاقه في عام 2010، والذي كان يمتلك أصولًا بقيمة 12 مليون دولار في نهاية أغسطس.

وتواصل السلطات الصينية من جانبها جهودها لدعم الأسواق. وبعد خفض رسوم صناديق الاستثمار، وخفض الضريبة المحلية على المعاملات المالية إلى النصف، وتشجيع الشركات المدرجة على إعادة شراء أسهمها، أعلنت بكين مؤخراً عن مراجعة القواعد التنظيمية التي تحكم استثمارات شركات التأمين، من أجل تشجيعها على زيادة الاستثمار في الأسهم.

ومع ذلك، لم يكن لهذه التدابير أي تأثير دائم حتى الآن. ومن أحدث ما تم وضعه هو تخفيف السقف، الذي يحكم استخدام الرافعة المالية للمستثمرين المحليين، أي قدرتهم على تحمل الديون للاستثمار. وأدى هذا التغيير إلى أكبر زيادة يوم الاثنين في المبالغ المقترضة لتمويل الاستثمارات منذ ثلاث سنوات. ولكن بعد ارتفاعه بنسبة 0.74% يوم الاثنين، انخفض مؤشر CSI 300 لبورصتي شنغهاي وشنزن مرة أخرى يوم الثلاثاء. ولا يزال منخفضاً بنسبة 3% تقريباً منذ بداية العام، وأكثر من 35% مقارنة المستوى المسجل في فبراير 2021.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com