وبعد شهرين من وصوله إلى السلطة، استطاع خافيير مايلي، الذي يواجه أوساطا سياسية معادية لتنفيذ مشروعه الإصلاحي الطموح، أن يتباهى على الأقل بتحقيق هدف "العجز الصفري" منذ يناير.
وأظهر رصيد الميزانية لشهر يناير فائضاً طفيفاً، ولم يحدث هذا منذ صيف عام 2012، ففي العام الماضي، تجاوز العجز 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويمول البنك المركزي في البلاد العجز، ما يؤدي إلى زيادة التضخم بسبب الفجوة في المالية العامة، وفي ديسمبر، شبه المتحدث باسم الحكومة مانويل أدورني الاقتصاد الأرجنتيني بـ"مريض في العناية المركزة، وعلى وشك الموت".
وللوصول إلى إيرادات تعادل تلك التي كانت في يناير 2023 بالقيمة الحقيقية، تمت التضحية بالإنفاق العام لمواجهة العجز.
وخفّضت الحكومة ما يقرب من 40% بالقيمة الحقيقية، مقارنة بشهر يناير 2023، وفقاً لتقرير صادر عن المعهد الأرجنتيني للتحليل المالي (ياراف).
وفي مقدمة التضحية، يأتي عدم دعم الطاقة (77%-)، وعدم دعم المعاشات التقاعدية (38%-)، والتوظيف في القطاع العام (27%-)، وخطط المساعدة الاجتماعية (23%-).
وسعت الحكومة إلى إعادة ضبط المتغيرات الاقتصادية، التي تراكمت عليها اختلالات غير مستدامة منذ اثني عشر عامًا.
وقال الخبير الاقتصادي مارتن كالوس، مدير الشركة الاستشارية "إيبيكا" إن هذه الإجراءات أدّت إلى انكماش اقتصادي حاد، وانخفاض واضح في الأجور الحقيقية ومعاشات التقاعد.
وعقب انخفاض قيمة البيزو الأرجنتيني 51%، ارتفع التضخم بشكل هائل، وأّضرت التدابير التي اتخذتها الحكومة بالقوة الشرائية بشدة، كما أنها تسببت في ارتفاع معدل الفقر، الذي زاد بين السكان من 49.5% في ديسمبر الماضي إلى 57.4% في يناير، بحسب المؤشر الذي وضعته الجامعة الكاثوليكية الأرجنتينية.
لمس القاع
وتمثّلت النتيجة بتسارع انكماش النشاط الاقتصادي، في الفترة بين ديسمبر ويناير، علما أن هذا الانخفاض كان بالفعل ضعيفاً قبل وصول خافيير مايلي إلى السلطة،.
وانخفض تسجيل السيارات 33% في عام واحد، كما انخفضت مبيعات التجزئة 25.5% والبناء 28.2%.
وكان الرئيس الجديد أعلن عن الركود الاقتصادي المقبل في خطاب تنصيبه، وبالفعل تم التأكد من ذلك.
وتمت مراجعة التوقعات نزولاً للوضع في الأرجنتين، مع انكماش جميع القطاعات 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024. ويتوقع صندوق النقد الدولي، من جانبه، انخفاض الناتج المحلي الإجمالي 2.8%.
وتخفي هذه الأرقام واقعاً أكثر قسوة، لأنها تأخذ في الاعتبار الآفاق الجيدة للقطاع الزراعي وصادراته بين أبريل ويوليو، في حين واجهت البلاد موجات جفاف في السنوات الأخيرة.
ويرى معظم المحللين أن التعافي يجب أن يتم في النصف الثاني من العام، ليعود في ديسمبر إلى مستويات تعادل تلك التي كانت سائدة في نهاية عام 2022.