وول ستريت
وول ستريتمنجم وادي بينغهام للنحاس في يوتا، رويترز

ارتفاع أسعار السلع يعني اقتصاداً أفضل.. لكن يعقّد معركة التضخم

قد يعرقل ارتفاع الأسعار خطة الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة
ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز غولدمان ساكس" للسلع الأساسية (S&P GSCI)، بنسبة 12% هذا العام، متجاوزاً الارتفاع في مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500)، الذي قفز بنسبة 9.1%. وارتفعت أسعار النحاس والنفط بأكثر من 10% و17% على التوالي. وحتى الذهب سجل أرقاماً قياسية جديدة، حيث ارتفع 13%، ليصل إلى 2332 دولاراً للأوقية.

يرجع هذا الارتفاع بحسب محللين إلى توقعات بأن النمو الاقتصادي، سيزيد الطلب من الولايات المتحدة والصين. وساعد تقريران الأسبوع الماضي عن التعافي في قطاعي الصناعات التحويلية في كلا البلدين، في إثارة موجة جديدة من الشراء. وأدى ذلك إلى استمرار الارتفاع الذي عزز أسهم شركات الطاقة والمواد، بينما هدد برفع سعر البنزين قبل موسم القيادة الصيفي.

ويتوقع الكثيرون أن يستمر الارتفاع لبعض الوقت، وقال فريق استراتيجية السلع في مجموعة ماكواري في تقرير، إن نمو الدخل الحقيقي أدى إلى إعادة تسارع الطلب العالمي على السلع، ومن المرجح أن يدفع أسعار السلع إلى الارتفاع.

وقد يؤدي ذلك إلى تعقيد معركة خفض التضخم، التي يشنها بنك الاحتياطي الفيدرالي، حيث يشكك المستثمرون بالفعل فيما إذا كان البنك المركزي، يمكنه خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام. وساعد احتمال انخفاض تكاليف الاقتراض قريباً، في تحفيز ارتفاع سوق الأوراق المالية، الذي حمل المؤشرات الرئيسية إلى أرقام قياسية.

وفي هذا الشأن قال فرانسيسكو بلانش، رئيس أبحاث السلع العالمية والمشتقات المالية في بنك أوف أميركا: "ستكون السلع الأولية أحد العوامل، التي يمكن أن تؤثر على تخفيضات بنك الاحتياطي الفيدرالي".

ويعكس الارتفاع انخفاضاً استمر 18 شهراً من أعلى المستويات، التي تم الوصول إليها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي، والحبوب والمعادن الصناعية بشكل كبير.

كما أن التوقعات الاقتصادية القاتمة للولايات المتحدة، بما في ذلك الركود المتوقع، وارتفاع أسعار الفائدة، والاقتصاد الصيني الذي يكافح للتعافي من عمليات الإغلاق المشددة، التي فرضها في فترة كوفيد، كلها عوامل أثرت على العقود الآجلة في الأشهر اللاحقة.

وبدلاً من ذلك، لم يحدث الركود أبداً، وظل الاقتصاد الأميركي قوياً، حتى مع تباطؤ التضخم، وتجاوز سوق العمل التوقعات مراراً وتكراراً. ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا الأسبوع الماضي، تقديراته المعدلة حسب التضخم للنمو الأميركي للربع الأول، بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.8%.

والآن، تظهر التحركات الأخيرة في سوق النفط، كيف أن الطلب العالمي المتزايد، قد انضم إلى عوامل زيادة تكاليف السلع الأساسية الرئيسية.

وساعدت هجمات الطائرات بدون طيار في روسيا والصراع في الشرق الأوسط، على دفع أسعار النفط إلى الارتفاع. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت، إلى ما يزيد على 90 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ أعقاب هجوم حماس في أكتوبر على إسرائيل. وقال بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع الأولية لدى "إس إي بي" (SEB)، في مذكرة الأسبوع الماضي، إن الإمدادات تقلصت في الآونة الأخيرة، بسبب تباطؤ نمو الإنتاج الأميركي وتخفيضات الإنتاج، من قبل منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها.

وفي الوقت نفسه، دفعت التوقعات الاقتصادية الإيجابية، المحللين في وكالة الطاقة الدولية، إلى رفع توقعاتهم للطلب العالمي على النفط هذا العام.

وكتب شيلدروب: "إن السوق الضيقة والتفاؤل المتزايد في الاقتصاد الكلي، يدفعان أسعار النفط الخام إلى الارتفاع".

ويؤدي ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع أسهم منتجي النفط، حيث تعد الطاقة ثاني أفضل القطاعات أداءً على مؤشر "إس أند بي 500" هذا العام، بزيادة 16%، ووصل سهم إكسون موبيل إلى مستوى قياسي يوم الجمعة. كما أدى الطلب القوي على البنزين والديزل ووقود الطائرات إلى ارتفاع أسهم شركات التكرير، بما في ذلك "فاليرو إنيرجي" و"ماراثون بتروليوم" و"فيليبس 66"، إلى مستويات قياسية.

وغذت عوامل مماثلة الارتفاع الأخير في أسعار النحاس - وهو مقياس لقوة الاقتصاد، بسبب استخدامه في البناء والإلكترونيات. وقفزت العقود الآجلة أكثر من 16% في الشهرين الماضيين إلى 4.28 دولار للرطل، وهو أعلى مستوى لها منذ يونيو 2022. وأفاد بنك غولدمان ساكس أن الطلب من الصين، التي تضم أكثر من نصف الإجمالي العالمي، كان أعلى بنسبة 12% عن العام الماضي.

وقال بعض المحللين إن ارتفاع أسعار السلع اشتد بسبب المضاربين. وارتفعت الرهانات الصعودية على النحاس في بورصة لندن للمعادن، إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2021، وفقًا لشركة "تي دي سيكيوريتز" (TD Securities).

وقال بوب إليوت، الرئيس التنفيذي لشركة "أنلميتد" (Unlimited)، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، لتتبع نشاط التداول في الوقت الفعلي، إن الارتفاع الأخير للنفط قد تضخم بسبب صناديق التحوط، التي تسعى لفك الرهانات على انخفاض الأسعار.

وقال: "إن مراكز صناديق التحوط، بدأت تتعرض للضغط، ما يضيف المزيد من الحركة الصعودية في السعر".

وبما أن أسعار السلع الأساسية هي محرك مهم للأسعار في جميع أنحاء الاقتصاد، فإن المستثمرين غالباً ما يلجأون إلى العقود الآجلة كتحوط ضد التضخم. وقد ساعد ذلك في دعم المرحلة الأخيرة من ارتفاع الذهب إلى مستويات قياسية.

وقال دانا غريغ، رئيس شركة "كاميلوتا أدفايزرز" (Camelotta Advisors) لإدارة الثروات، إن شركته ركزت على "توجه دورة النمو المبكر" في بداية هذا العام. فهو يضع جزءاً من أموال عملائه في النفط والذهب، كتحوط من التضخم وللرهان على النمو الاقتصادي، وقد نما هذا الجزء مع ارتفاع الأسعار.

وقال غريغ: "نريد اللحاق بالموجة وركوبها".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com