وفي عام 2021، كانت معدلات الخصوبة في كل من إسبانيا وإيطاليا على سبيل المثال: 1.25 و1.19 طفلًا لكل امرأة على التوالي.
وقد ترتفع نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً من 20% اليوم إلى 30% بحلول العام 2050، وفقاً لصحيفة لوفيغارو.
وفي عام 2100، سيتراجع عدد سكان الاتحاد الأوروبي، وسيفوق عدد كبار السن، الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً، عدد الشباب الذين تقل أعمارهم عن 20 عاماً.
ويقول جيل بيسون، مستشار المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية "إيناد": "مع انخفاض الخصوبة، فالزيادة في متوسط العمر تؤدي منذ فترة طويلة إلى تفاقم شيخوخة السكان".
وفي الوقت الذي تحتلّ فيه التحولات البيئية والرقمية الأولوية في المناقشة الاقتصادية، يهمل الساسة ما سيخلفه التحول الديموغرافي من تأثير.
وبحلول عام 2050، أي بعد ما يزيد قليلاً عن خمسة وعشرين عاماً من الآن، سيكون في الاتحاد الأوروبي أقل من شخصين بالغين في سن العمل مقابل كل شخص مسن.
وبطبيعة الحال، من المتوقع أن يكون التحدي المتمثل في تمويل الحماية الاجتماعية هائلاً. فالشيخوخة تتطلب تحولاً كاملاً في الاقتصاد والمجتمع، وتكييف المعدات والبنية التحتية، وتنظيم الدراسات والرعاية.
وفي فرنسا، يتوقع خبير الديموغرافيا هيبوليت دالبيس أنه إذا استمر التطور الديموغرافي بهذه الوتيرة، سيتراجع الناتج المحلي الإجمالي، نحو ست نقاط مئوية بحلول 2050".
ويشدد الخبير الاقتصادي أيضا على ضرورة "الانتباه إلى نمو الشعور بالظلم بين الأجيال الوسطى، والتي ستشكل أهم اليد العاملة".
وفي القارة العجوز، تسعى الحكومات جاهدة إلى عكس هذا الاتجاه الديموغرافي الخطير. وعلى أمل تعزيز الخصوبة، طورت جميع الدول الأوروبية سياسة عائلية تعتمد على المساعدات، وإعطاء إجازة للوالدين بعد الولادة، والعمل على خدمات رعاية الأطفال.
لكن هذه المساعدات تختلف كثيراً من دولة إلى أخرى، خصوصاً في البلدان الجنوبية من القارة الأوروبية، حيث كانت تمثل في عام 2015 حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما كانت 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الدول الشمالية.
وهكذا أقرّت إيطاليا عام 2021، مساعدة شهرية تتراوح بين 57 و199 يورو لكل طفل، ولكن دون وجود تأثير واضح حتى الآن على معدل المواليد، ولا حتى على معدل الخصوبة الذي انخفض إلى 1.22 طفل لكل امرأة في سن الإنجاب عام 2023.
ويرى أليساندرو روزينا، عالم الديموغرافيا في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو، أن هناك حاجة إلى المزيد من الدعم، مع التأكيد على أن رئيسة الحكومة المحافظة، جورجيا ميلوني، قدمت العديد من الوعود، لكنها في النهاية لم تغير شيئًا في سياسة إيطاليا المناصرة للإنجاب.
وأضاف هذا العالِم: "ما يزال هناك نقص حاد في دور الحضانة التي من شأنها أن تجعل من الممكن التوفيق بين الحياة الأسرية والحياة المهنية بشكل أفضل، ناهيك عن أن للشباب في إيطاليا أدنى معدل توظيف في أوروبا، ويعيشون مع والديهم حتى سن الثلاثين".
وفي إسبانيا، ولمواجهة "مشكلة الأطفال"، اتخذت حكومة بيدرو سانشيز اليسارية، تدابير تهدف إلى تعزيز المساواة بين المرأة والرجل.
ومنذ عام 2021، يستفيد الآباء الشباب من نفس الإجازة التي تستفيد منها الأمهات، وهذه الإجازة تستغرق 16 أسبوعاً مدفوعة الأجر بنسبة 100%. ويتم توسيع هذه المزايا، وتمويل إيداع الأطفال في دور الحضانة في مناطق معينة.
وفي ألمانيا، ومنذ عام 2011 -وهو العام الأسوأ منذ عام 1946 فيما يتعلق بالخصوبة-، عاد معدل المواليد للارتفاع. وفي العام الماضي، تم تسجيل 738 ألف مولود جديد، أي أكثر من 70 ألفاً مقارنة بالعام الذي سبقه، على الرغم من انخفاض معدل الخصوبة إلى 1.46 طفلاً لكل امرأة.
وطوّرت برلين برامج الدعم والبناء لدور الحضانة التي كانت مفقودة للغاية، والتي مكنت من حدوث طفرة ديموغرافية. لكنها غير كافية لتغذية الاقتصاد الوطني.
وفيما تحاول الدول الأوروبية تحفيز الولادات، تضطر أيضا إلى إدارة ما للشيخوخة أيضا من آثار. فمع تقاعد مجموعات من جيل طفرة المواليد كل عام، تواجه الشركات الأوروبية نقصاً في العمالة.
وفي الربع الثاني من عام 2023، تجاوز معدل الوظائف الشاغرة الذي يقيس نسبة الوظائف الشاغرة إلى إجمالي عدد الوظائف في الاقتصاد "4% في ألمانيا وهولندا"، في حين كان المتوسط في الاتحاد الأوروبي لا يزيد بالكاد عن 1%.
وبحلول عام 2040، من المتوقع أن ينخفض عدد السكان في سن العمل بنسبة 11.7% في إيطاليا، و4.9% في ألمانيا، و2.4% في فرنسا.