خاص
خاص

الاستثمار في مصر.. العرب بالمقدمة والعقار والخدمات الأبرز

تعاني مصر من أزمة حادة نتيجة نقص العملة الصعبة منذ عامين تقريبا، بسبب الظروف الجيوسياسية والاقتصادية العالمية التي تسببت في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما أدى إلى زيادة فاتورة الاستيراد، بالتزامن مع تراجع معدلات الاستثمارات الأجنبية في الأسواق الناشئة عموما؛ تأثرا بإجراءات التشديد النقدي التي يقودها الفيدرالي الأميركي، ورفع أسعار الفائدة لمستويات غير مسبوقة، ما دفع المستثمرين إلى ضخ أموالهم في أسواق السندات الأميركية للاستفادة من الفائدة المرتفعة من ناحية، والتحوط من تقلبات الأسواق الناشئة من ناحية أخرى.

وسعت السلطات المصرية في الفترة الأخيرة إلى توفير حوافز وتسهيلات لتحفيز الاستثمارات الأجنبية على القدوم، بعدِّها أحد الحلول الرئيسة لتوفير العملة الأجنبية، فضلا عن فوائدها الأخرى في توفير فرص عمل وضخ دماء جديدة في شرايين الاقتصاد، وزيادة قيمة الصادرات والحد من الواردات، عبر إيجاد بدائل محلية للسلع المستوردة.

واستطاعت الحكومة المصرية، خلال العام المالي الماضي، الذي انتهى في 30 يونيو 2023، تحقيق زيادة مهمة في معدل جذب الاستثمارات، من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتهيئته ليكون جاذبا لمختلف القطاعات. ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، فقد ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بنسبة 12.3% خلال العام المالي الماضي 2022/2023، ليبلغ 10.04 مليارات دولار، مقابل 8.94 مليارات دولار في 2022/2021.

خريطة الاستثمار الأجنبي

تصدرت السعودية قائمة الدول المستثمرة في مصر في الفترة من يوليو 2022 إلى نهاية يونيو 2023، بنحو 2.14 مليار دولار، تمثل 21.3% من إجمالي الاستثمارات العالمية للفترة ذاتها.

واستحوذت الدول العربية على 42.9% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر، نصفها جاء من السعودية، ثم جاءت في المركز الثاني الإمارات بنحو 1.27 مليار دولار، والثالث الصين بنحو 748 مليون دولار.

وفي المركز الرابع جاءت هولندا بنحو 711 مليون دولار، ثم لوكسمبرج 709 ملايين دولار، والولايات المتحدة سادسا بـ691 مليون دولار.

وحلت سويسرا في المركز السابع بنحو 676 مليون دولار، ثم قطر والكويت في المركزين الثامن والتاسع بقيمة 461 مليون دولار، بينما جاءت سنغافورة عاشرا بنحو 402 مليون دولار.

ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، سجلت قيمة صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر 66.7 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية.

ويعد الاتحاد الأوروبي من المستثمرين الرؤساء في مصر، حيث يبلغ حجم استثماراته المتراكمة حوالي 38.8 مليار يورو تمثل حوالي 39% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد، كما تظل مصر ثاني أكبر متلق للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

قطاعات رئيسة

ووفقا لبيانات العام المالي 2021/2022، فإن 94.4% من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر تركزت في 4 قطاعات هي، الخدمات، والصناعة، والبترول، والقطاع الإنشائي، وكان القطاع الخدمي الأعلى بنسبة بلغت 40.2% من إجمالي التدفقات، يليه القطاع الصناعي بنسبة 26.5%، ثم البترول بنسبة 21.1%.

وأعطت مصر أولوية لعدة قطاعات اقتصادية في ضوء التوجه نحو تركيز الاستثمارات في قطاعات التنمية الحقيقية، والمتمثلة في قطاع الصناعات التحويلية كثيفة التكنولوجيا، وقطاع الزراعة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع التشييد والنقل.

وقد كشف حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مؤخرا عن وضع خطة عمل تتواكب مع المتغيرات الجديدة واستثمار التحديات التي أفرزتها الأزمات المتلاحقة التي أثرت على الاقتصاد العالمي، من خلال تحويلها إلى فرص واعدة لجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي إلى مصر.

وفيما يتعلق بتفاصيل الخريطة الاستثمارية، لفت هيبة، إلى أن الفرص المتاحة حالياً على هذه الخريطة تصل إلى 1250 فرصة استثمارية، تتنوع بين القطاعات الصناعية، والخدمية، والزراعية، والسياحية.

بدوره أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، خلال زيارته قبل أيام لمجموعة من المصانع في مدينة العاشر من رمضان الصناعية، ثقة الاستثمار الأجنبي في مصر، وهو ما تمثل في ضخ ملايين الدولارات لإقامة المصانع، لافتا إلى أن الاهتمام بملف الصناعة يأتي على رأس أولويات عمل الحكومة؛ بالإضافة إلى العمل على تشجيع القطاع الخاص للقيام بدوره في قيادة الاقتصاد المصري في مختلف الأنشطة التنموية، وعلى رأسها قطاع الصناعة.

وأشار إلى إقرار المزيد من الحوافز والتيسيرات لمختلف المصانع، والتي من شأنها تقليل فاتورة الاستيراد والطلب على الدولار، بما يسهم في إنهاء أزمة العملة والمشكلات الاقتصادية.

هدف استراتيجي

من جانبه لفت الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد النبي عبد المطلب، إلى أن تشجيع وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر هو أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للحكومة المصرية، والكل يعلم أهمية الاستثمار الأجنبي ودوره في تعميق التكنولوجيا وتحسين جودة الإنتاج ورفع الإنتاجية.

وأضاف عبد المطلب، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن مصر والعالم كله عانى من آثار جائحة كورونا وغلق الحدود، والتي كانت من أهم الأسباب ارتفاع معدلات التضخم على المستوى العالمي وتراجع الاستثمارات وارتفاع أسعار الطاقة التي تعد جزءا مهما في العملية الإنتاجية، ولذلك تسعى مصر حاليا إلى استعادة جزء من الاستثمارات التي غابت عنها خلال الفترة الماضية.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مصر بها قطاعات متنوعة جاذبة للاستثمار، وتمتلك مجموعة فرص استثمارية في معظم المجالات والقطاعات، وربما يكون القطاع العقاري أحد أهم القطاعات التي يفضل المستثمرون الأجانب الدخول فيها، بسبب توسع الدولة في الإنشاءات والمباني خلال السنوات الماضية والقادمة.

وأضاف: "نحن نتحدث عن أكثر من 30 مدينة جديدة يجري إنشاؤها، وعلى رأسها العاصمة الإدارية، التي تؤكد رغبة الاستثمار الأجنبي المباشر في الحضور بقطاع العقارات المصري".

وتابع عبد المطلب أنه "من ضمن القطاعات الأخرى الجاذبة أيضا قطاع السياحة، من خلال المنتجعات وإنشاء القرى السياحية وإنشاء الفنادق وإعادة تأهيل بعضها"، فضلا عن المشروعات الواعدة في قطاعات الطاقة مثل الهيدروجين الأخضر والغاز المسال والاكتشافات الجديدة في النفط والغاز، خصوصا أنها تحقق أرباحا كبيرة، بالإضافة إلى القطاع الصناعي، وفي مقدمته تصنيع مواد البناء لعلاقتها الوثيقة بالقطاع العقاري.

فرص ومعوقات

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن مصر بها الكثير من الفرص الجاذبة لكل من يبحث عن الأرباح خاصة في ظل الظروف السياسية التي يشهدها العالم الآن، وأهمها الحرب الروسية الأوكرانية التي ما زالت تهدد الاستثمارات في أوروبا أو آسيا، ومن هنا فإن الأماكن الأكثر أمانا للاستثمار هي أفريقيا، وأهم الدول المؤهلة لذلك مصر، لكن المشكلة تتمثل في أن جذب الاستثمار يحتاج إلى مجموعة من الحوافز وتهيئة مناخ الاستثمار بصورة جيدة، وإذا تمكنت الحكومة من تهيئة هذا المناخ فمن المؤكد أن التوقعات ستكون إيجابية.

وأضاف عبد المطلب "إذا استمرت الأوضاع كما هي بغياب الرؤية الواضحة، وغياب تعامل شفاف مع سعر الصرف للعملات الأجنبية، وعدم تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية، فإن الحال لن يتغير وسيظل مناخ الاستثمار في مصر طاردا وليس جاذبا".

وشدد على أن مصر تحتاج إلى تهيئة مناخ الاستثمار بحيث يكون جاذبا، من خلال مجموعة من الحوافز ووضع خطة واضحة معلنة لجذب الاستثمارات، مع تسويق الحوافز والخدمات والمميزات التي تقدمها الحكومة المصرية للمستثمر القادم إليها.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com