تقارير
تقاريرشعار منطقة اليورو

فخ "الاقتصاد الدوار".. أوروبا عالقة بين تعظيم العائد وتراجع الجودة

يثير الخبراء تساؤلات بشأن ما إذا كانت جهود الاتحاد الأوروبي، لخفض النفايات وتعزيز عمليات إعادة التدوير كافية. وفي الوقت نفسه، تتهم صناعة المشروبات شركات الموضة بـ "تنفيذ عمليات تدوير، لإخراج منتجات أقل قيمة" من الزجاجات البلاستيكية، بطريقة يصعب معها إجراء المزيد من إعادة التدوير.

ويصل حجم المخلفات في الاتحاد الأوروبي سنويا، إلى حوالي ملياري طن- أي حوالي 4.8 طن لكل شخص.

وقالت الوكالة الأوروبية للبيئة، في عام 2021، إن معظم هذه المخلفات انتهي بها الحال إلى مكبات النفايات، والترميد (الحرق).

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى مضاعفة نسبة مساهمة المنتجات، الناجمة عن عمليات إعادة التدوير في الاقتصاد، بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات 2020. وتعرف هذه النسبة بـ "معدل استخدام المواد الدائرية".

وأضافت الوكالة الأوروبية للبيئة: "ما زلنا بعيدين عن تحقيق طموح مضاعفة حجم إعادة التدوير في الاتحاد الأوروبي، بحلول عام 2030"، مشيرة إلى "احتمال ضعيف، أو وسط" بأن طموحات التكتل في هذا الصدد يمكن "تحقيقها خلال الأعوام المقبلة".

وأشارت الوكالة إلى أن هناك الكثير من المنتجات، ذات عمر افتراضي قصير، أو ربما لا تستخدم على الإطلاق.

ورغم ذلك، لا تزال أوروبا تستخدم المزيد من منتجات معاد تدويرها بمعدل أكبر من أي منطقة أخرى في العالم.

ويرجع الفضل في ذلك إلى الجانب التشريعي. ويشار إلى أن القانون الأوروبي، فيما يتعلق بالمخلفات يتضمن 30 هدفا ملزما خلال الفترة من عام 2015 وحتى عام 2030. وقام الاتحاد الأوروبي في مارس الماضي، بمراجعة "لائحة شحن المخلفات"، والتي تطالب الدول الأعضاء، بخفض صادراتها من النفايات وزيادة عمليات إعادة التدوير.

وبمقتضى القواعد الجديدة، لا يسمح بتصدير المخلفات إلى دول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، دون موافقة الدولة المعنية (الوجهة) بشكل صريح، وأن تثبت هذه الدولة أن بإمكانها معالجة النفايات على نحو مستدام.

وبحسب الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، صدَّرَ الاتحاد الأوروبي أكثر من 32 مليون طن من النفايات إلى دول خارج التكتل، على مدار عام 2022. وذهب أكثر من ثلث هذه الكمية- 12.4 مليون طن- إلى تركيا، و3.5 مليون طن إلى الهند، ومليونا طن إلى المملكة المتحدة، و1.6 مليون إلى كل من سويسرا والنرويج.

ووافق البرلمان الأوروبي في 13 مارس الماضي، على مقترح بالحد من حجم مخلفات المواد الغذائية والمنسوجات. وصوت نواب الاتحاد الأوروبي لصالح خفض بنسبة 40% من مخلفات الطعام من المنازل، وتجار التجزئة والمطاعم بحلول عام 2030.

وبحسب تقديرات بروكسل، يصل حجم هدر الطعام في الاتحاد الأوروبي، إلى 60 مليون طن سنويا، أي بواقع 131 كيلوغراما لكل شخص.

ووافق مفاوضو الاتحاد الأوروبي، في الرابع من الشهر الماضي، على "لائحة مخلفات التعبئة والتغليف"، والتي تهدف إلى خفض النفايات الناجمة عن عمليات التعبئة والتغليف بنسبة 5%، بحلول عام 2030، مقارنة بعام 2018. والهدف من ذلك هو تحقيق خفض إضافي بواقع 10% في 2035، ثم 15% بحلول عام 2040. ومن المقرر تطبيق حظر على المواد البلاستيكية، التي تستخدم مرة واحد في المقاهي والمطاعم، بدءا من عام 2030.

ويتوقع تقرير حديث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن تتضاعف كمية العبوات البلاستيكية بواقع ثلاثة أمثال بحلول عام 2060. ويعتقد بعض علماء البيئة أن زيادة عمليات إعادة التدوير ليست علاجا للمشكلة.

صناعة المنسوجات

وعلى سبيل المثال، غالبا ما تستخدم العلامات التجارية، في مجال الأزياء البلاستيك المعاد تدويره من الزجاجات البلاستيكية – وهو أمر أثار الاستياء في أوساط صناعة المواد الغذائية، التي تتحمل تكاليف جمع الزجاجات المستعملة.

كما تقول دوائر صناعة المشروبات، إنه في الوقت الذي يمكن فيه إعادة تدوير الزجاجات المصنوعة من البولي إيثيلين تيريفثالات (بي إي تي)، لصنع زجاجات جديدة عدة مرات، لا يمكن استخدام البلاستيك بهذه الطريقة حال تحويله إلى منسوجات.

وجاء في رسالة مفتوحة بعث بها ائتلاف، يضم اتحادات صناعة المشروبات للبرلمان الأوروبي العام الماضي: "ليكن واضحا: هذه ليست تدويرية".

وجاء في الرسالة: "هناك في الاتحاد الأوروبي حاليا، ما يقدر بنحو 32% من زجاجات المشروبات المصنوعة من /بي إي تي/ كان تم جمعها لإعادة تدويرها – لا تزال في دائرة مغلقة من إعادة التدوير، أي تتم إعادة تدويرها لإنتاج زجاجات جديدة".

وأوضحت الرسالة أنه "يجرى تحويل نسبة الـ68% الباقية إلى تطبيقات أخرى لمنتجات /بي إي تي/، حيث لا يمكن استعادتها وإعادة تدويرها مجددا، لإخراج زجاجات جديدة بسبب التغير في خصائص المواد الخاصة بها.'

ويقول الاتحاد الأوروبي إنه تتم إعادة تدوير أقل من 1% من المنسوجات في أنحاء العالم حاليا، وأن التكتل ينتج حوالي 12.6 مليون طن من مخلفات المنسوجات كل عام.

وأظهرت دراسة حديثة أجرتها الوكالة الأوروبية للبيئة، أن ما يتراوح بين 4% و9% من المنسوجات التي ترد إلى الأسواق الأوروبية، انتهى المطاف إلى تدميرها دون استخدامها على الإطلاق، ولكن نجم عنها 5.6 مليون طن من الانبعاثات الكربونية.

وينتهى الأمر بقرابة 50% من مخلفات النسيج التي تجمع في أوروبا في قارة إفريقيا، في أسواق السلع المستخدمة، أو في كثير من الأحيان، في "مكبات المخلفات المفتوحة"، بحسب ما أوضحته أرقام أصدرتها الوكالة الأوروبية للبيئة تعود لعام 2019. وتذهب نسبة 41% أخرى من نفايات النسيج من التكتل إلى آسيا، غالبيتها "إلى مناطق اقتصادية مخصصة حيث يتم فرزها ومعالجتها".

وتقول المنظمات غير الحكومية إن الكثير من مخلفات الملابس الأوروبية التي تجد طريقها إلى آسيا تذهب إلى "مناطق إعداد الصادرات". ويقول بول رولاند، من "حملة الملابس النظيفة" إن هذه المناطق "تشتهر بأنها توفر مواقع "خارجة عن القانون، حيث لا مراعاة حتى لمعايير العمل المنخفضة في باكستان والهند'".

النفايات الإلكترونية تفتقر للطاقة

جرى التخلص من حوالي 62 مليون طن من الإلكترونيات في عام 2022.

ويزداد حجم "النفايات الإلكترونية"، التي تشمل الهواتف المحمولة، وأجهزة التلفاز والسجائر الإلكترونية (فيب)، "بمعدل أسرع بخمسة أمثال من إعادة التدوير الموثقة"، وفقا للاتحاد الدولي للاتصالات ومعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، حيث يحدد الاثنان النفايات الإلكترونية، على أنها مثل أي مخلفات أخرى بقوابس أو بطاريات.

وكان الحجم في عام 2022، أعلى بنسبة تزيد على 80%، مقارنة بـ 2010.

وحذر الاتحاد الدولي ومعهد الأمم المتحدة، من أنه "جرى إهدار، والتخلص، من موارد لها قيمة استراتيجية، بمليارات الدولارات. وحذرا من أنه تتم تلبية 1% فقط من الطلب على العناصر الأرضية النادرة، عبر إعادة تدوير النفايات الإلكترونية.

المخلفات الغذائية- "مأساة عالمية"

تخلصت الأسر في جميع أنحاء العالم، من مليار وجبة يوميا في عام 2022، فيما وصفه أحدث تقرير لمؤشر هدر الطعام الصادر عن الأمم المتحدة في 27 آذار/مارس، بأنه "مأساة عالمية".

وقد أهدرت الأسر والشركات، أكثر من تريليون دولار من المواد الغذائية، في وقت يعاني فيه ما يقرب من 800 مليون شخص من الجوع.

وقال التقرير إن أكثر من مليار طن من الغذاء - ما يقرب من 20% من جميع المنتجات المتاحة في الأسواق- أهدرت في 2022، معظمها من قبل الأسر.

وقال ريتشارد سوانيل، من منظمة " برنامج عمل النفايات والموارد"، وهي منظمة غير ربحية، شاركت في إعداد التقرير مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة: "لو كان حجم هدر الطعام دولة، لكانت ثالث أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة على كوكب الأرض بعد أميركا والصين."

وهذا التقرير هو الثاني فحسب، الذي أعدته الأمم المتحدة عن الهدر في الأغذية العالمية ، وهو يقدم الصورة الأكثر اكتمالا حتى الآن.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com