زيادة عجز  الميزانية في اوروبا
زيادة عجز الميزانية في اوروبارويترز

معضلة الأوروبيين.. الإنفاق على التسلح أم الرفاهية الاجتماعية؟

يتوجب على دول الاتحاد الأوروبي أن تستثمر 470 مليار يورو بحلول عام 2028 للوصول إلى نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي المخصصة للدفاع، والتي يتطلبها حلف شمال الأطلسي، في وقت تتعرض فيه الميزانيات في الاتحاد الأوروبي لضغوط كبيرة.

وأصبح الأوروبيون الآن أمام خيار صعب: فإذا كانوا يرغبون في أن يرتقوا إلى مستوى طموحاتهم الاستراتيجية، فلا بدّ لهم من أن يستثمروا مبالغ هائلة للتعويض عن التأخير الذي تراكم على مدى عقود من الزمن في هذا المجال. والمشكلة هي أن الحصول على هذه المبالغ ليس مضمون في ميزانياتهم، وقد يضغط على الرفاهية الاجتماعية في القارة العجوز.
وستكون هذه المسألة أحد التحديات ذات الأولوية التي ستواجهها المفوضية الأوروبية بعد الانتخابات في يونيو المقبل بحسب صحيفة لو فيغارو الفرنسية.

الإنفاق الأميركي

ولا تزال الولايات المتحدة تساهم بنسبة 70% في الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي. وخلال المجلس الأوروبي الأخير الذي عقد في نهاية مارس الماضي، طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على نظرائه فكرة قرض مشترك جديد مخصص للدفاع.

ولاقت هذه الفكرة دعماً من بعض البلدان ومنها دول البلطيق وحتى فنلندا، ولكن مفهوم السندات الدفاعية يترك العديد من الدول الأعضاء، مثل ألمانيا وهولندا والنمسا، متشائمة بالنسبة للقرض.

ويقدّر مفوض السوق الداخلية تييري بريتون هذا القرض بنحو 100 مليار يورو. وسيكون تلك مجرد بداية.

وأنفقت الدول السبعة والعشرون 280 مليار يورو في عام 2023 على دفاعها، مقارنة بـ 184 مليار يورو قبل عامين، وفقًا ليوروستات. وللمقارنة، بلغت ميزانية البنتاغون هذا العام، 886 مليار دولار . ولا تزال الولايات المتحدة تساهم بنسبة 70% من الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي. ولكن إذا أعيد انتخاب الرئيس السابق  دونالد ترامب ونفذ تهديداته المتكررة بوضع حد لهذا الوضع، فسوف يكون لزاماً على أوروبا أن تسد فجوة هائلة لضمان أمنها.

وإذا كان لا بد من استبدال "المظلة" الأمنية الأميركية، فتحتاج أوروبا إلى زيادة الاستثمار في الدفاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

وازداد كثيراً عدد دول الاتحاد الأوروبي في الحلف الأطلسي. فبعد ان كان عددها ثلاث دول فقط في عام 2014، وصلت إلى 11 دولة العام الماضي، فأصبح من الممكن لدول حلف شمال الأطلسي أن تصل إلى الهدف الذي حدد منذ 10 سنوات والمتمثلّ بـ 2% من الناتج المحلي الإجمالي والمخصص لأغراض الدفاع.

ومنذ سقوط جدار برلين، قامت أوروبا بسحب استثماراتها إلى حد كبير في مجال الدفاع ولكنها قررت مجدداً أن تستثمر في هذا المجال وبلغت استثماراتها 350 مليار يورو في عام 2024، أي ما يقرب من ضعف ما كانت عليه قبل ثلاث سنوات.

وإذا استمرت في هذا الجهد، حتى عام 2028 سيتكلف الأوروبيون 470 مليار يورو إضافية، وفقاً لدراسة أجرتها شركة أليانز. وفي غياب التمويل المجتمع، سيكون العبء أثقل على بعض الأعضاء. 

وأعلنت حكومة أولاف شولتز في عام 2022 عن إنشاء صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو مما سيسمح لها بالوصول إلى 2% هذا العام أو العام المقبل. وعلى الرغم من القيود التي يفرضها قانونها الدستوري على "كبح الديون"، فإن ألمانيا تمتلك الوسائل اللازمة. وديونها أقل من 65% من ناتجها المحلي الإجمالي، كما تم احتواء عجز ميزانيتها.

مجال المناورة ضيق

وبالنسبة للآخرين، فإن مجال المناورة ضيق. وفي عام 2023، خصصت إستونيا وليتوانيا فقط 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، مع احترام معايير ماستريخت بشأن الديون والعجز، والتي دخلت حيز التنفيذ مرة أخرى منذ بداية العام بعد ثلاث سنوات من التعليق أثناء كوفيد.

وينبغي للديون المنخفضة للدنمارك ولوكسمبورغ وهولندا والسويد أن تسمح لها بتعويض التأخير في استثماراتها العسكرية. ولكن بعد الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة على مدى العامين الماضيين، أصبحت سبع دول أوروبية تنفق بالفعل على ديونها أكثر مما تنفقه على الدفاع. بما في ذلك إيطاليا، التي تدفع فائدة على ديونها ثلاثة أضعاف ما تستثمره في الدفاع، وفقًا لمعهد "ايفو".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com