خاص
خاصبورصة بكين

تراجع اقتصاد بكين.. هل يضرب الأسواق العالمية؟

يُواجه الاقتصاد الصيني تحدياتٍ عدة مع بداية 2024، فبعد فترة من الانتعاش، تدل المؤشرات على تباطؤٍ مُحتملٍ في النمو، بناء على معطيات عدة، أهمها أزمة القطاع العقاري والمشكلات التنظيمية.

وتُثير هذه التحديات مخاوف من احتمال انتشار الأزمة خارج حدود بكين بحكم ثقل الثين وتأثيرها الكبير على الاقتصاد العالمي.

العقارات.. التحدي الأكبر

واعتبر أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث والدارسات الصينية المصرية السابق، الدكتور ياسر جاد الله، أن أزمة العقارات السبب الرئيس في تدهور اقتصاد بكين، مشيراً إلى تخوفات لدى المواطنين والمستثمرين من ضخ مدخراتهم في قطاع العقارات، ما يجعل هذا القطاع يواجه أكبر التحديات ويؤثر عموماً على الاقتصاد الصيني.

وفي عام 2020، بدأت حكومة بكين تضيق الخناق على شركات الاقتراض في العقارات الصينية، ما أثر على عملاق التطوير العقاري الصيني إيفرجراند، التي واجهت صعوبات بإعادة تمويل ديونها. 

وتخلّفت إيفرجراند، قبل عامين، عن سداد ديونها، وتحوّلت من شركة تتمتع بأكبر قيمة سوقية إلى الشركة الأكثر مديونية في العالم، وتسببت في مخاوف من انهيار سوق العقارات الذي يواصل عرقلة نمو الاقتصاد.

وللتغلب على هذه التحديات، نجح البنك المركزي الصيني في تشجيع الاستثمار العقاري عبر خفض معدلات الفائدة على القروض العقارية.

وأدّت الإجراءات التحفيزية التي فرضتها الحكومة على العديد من القطاعات الاقتصادية في الأسواق الصينية، وأبرزها سوق العقارات، إلى حالة من التفاؤل في الأوساط الاقتصادية ببكين، وفق تصريحات الدكتور ياسر جاد الله لـ"إرم الاقتصادية".

 هذه الإجراءات أتت بنتائج سريعة للتعافي من التباطؤ الاقتصادي، ما أدى إلى توقعات إيجابية من البنك الدولي بإرتفاع معدلات نمو الاقتصاد الصيني خلال العام الحالي 5%، بحسب مدير مركز البحوث والدارسات الصينية المصرية السابق.

وأوضح أن "المشكلات التنظيمية تُعدّ من أهم معيقات الاقتصاد الصيني، وهي ظاهرة رافقت نمو الاقتصاد على مدار السنين الماضية".

وأشار إلى أن حجم الاقتصاد، الذي يُقدر بـ19 تريليون دولار، عرضة لمخاطر البيروقراطية والفساد، مشدداً على ضرورة تبني الحزب الحاكم مجموعة من السياسات الجديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية.

وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، مؤخراً، توقعاتها للاقتصاد الصيني خلال عام 2024، وقالت إن "الحكومة الصينية ستظل تواجه رياحًا معاكسة من انحسار الطلب الخارجي وتحديات قطاع العقارات، بالإضافة إلى ضبط أدوات دين الحكومات المحلية"، مشيرةً إلى أن "إجراءات دعم السياسة المالية ستنفذ بحكمة للحد من المخاطر".

مخاوف عالمية

رأى الخبير في الشؤون الآسيوية، جلال رحيم، أن الأسواق الصينية بحاجة إلى المزيد من التحفيزات للسيطرة على الاقتصاد، خاصةً قطاعي العقارات والأسهم، وأشار إلى أن "هذه التحفيزات ضرورية لمواجهة تباطؤ الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة بين فئة الشباب".

وطرحت حكومة بكين خلال الأيام الماضية حزمة إجراءات تهدف إلى تعزيز الأسواق، وفرضت حدودًا قصوى على مقايضات العائد الإجمالي عبر الحدود لبعض شركات السمسرة مع العملاء، بالإضافة إلى خطة إنقاذ حكومية قيد النظر مدعومة بنحو تريليوني يوان (280 مليار دولار)، وخفض مفاجئ لنسبة الاحتياط الإلزامي التي يفرضها بنك الشعب على البنوك.

كماأعلنت هيئة تنظيم الأوراق المالية نيتها زيادة الاستثمار في الأسهم وتشجيع الشركات المدرجة على زيادة عمليات إعادة شراء الأسهم، لتحقيق الاستقرار في الأسواق التي عانت ضغوط بيع شديدة، بسبب أزمة العقارات وتباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد.

وأعلن البنك المركزي الصيني، في أواخر يناير الماضي، عن أكبر خفض لاحتياطيات البنوك الإلزامية في عامين، مما أرسل إشارة قوية لدعم الاقتصاد الهش.

واعتبر جلال رحيم، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "تباطؤ الاقتصاد الصيني يُلقي بظلاله على آفاق النمو العالمي خلال العام الحالي، مما يثير مخاوف عالمية -خصوصًا الدول الآسيوية- من التأثر بالإخفاقات التي يشهدها سوق العقارات ببكين، لارتباط الشركات بجنسيات متعددة".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تحاول دائمًا عرقلة مساعي بكين للإصلاح الاقتصادي، وآخرها فرض القيود التجارية الأمريكية على الصين، مما تسبب في انخفاض الصادرات الصينية إلى أمريكا بنسبة 25%".

وأرجع الخبير في الشؤون الصينية، نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة "الصين اليوم"، حسين إسماعيل، الأزمات التي تواجه الاقتصاد الصيني حاليًّا إلى تحولات سوق العقارات الذي يبلغ نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى مشكلات سلاسل الإمداد.

وأضاف أن الصين بدأت في إعادة هيكلة للاقتصاد، من خلال توجهات صارمة تتمثل في التركيز على جودة الاقتصاد، وليس على حجم الإنتاج الكمي، مبيناً أن "صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد الصيني بنحو 5%، بعد هذه التحركات".

وفي مفاجأة وصفها خبراء الاقتصاد الآسيوي بـ"غير المتوقعة"، تزامنًا مع الإجراءات الحكومية، خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني توقعاتها بشأن التصنيف الائتماني للحكومة الصينية من "مستقرة" إلى "سلبية". 

وكشفت الوكالة في تفاصيل قرارها قائلةً: "هناك تباطؤ للنمو الاقتصادي على المدى المتوسط، وتسبب في العديد من المخاطر المترتبة، وأبرزها تأثر قطاع العقارات الكبير في بكين، وارتفاع معدلات الدين للعام الحالي".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com