ما أسباب وتداعيات رغبة تخلي دول بريكس عن الدولار؟

قمة بريكس
قمة بريكسرويترز
تسعى مجموعة بريكس خلال قمتها المنعقدة في جوهانسبرغ وتستمر حتى، يوم الخميس، لإنهاء هيمنة الدولار عالمياً من خلال مقترح عملة مشتركة بين أعضاء التحالف.

وكانت حركة إلغاء الدولرة واحدة من الاتجاهات المالية الأكثر إثارة للاهتمام لعام 2023، وهذا جهد يبذله عدد متزايد من البلدان لتقليل دور الدولار الأميركي في التجارة الدولية. 

وتسعى دول مثل الهند والصين والبرازيل وماليزيا، من بين دول أخرى، إلى إنشاء قنوات تجارية باستخدام عملات أخرى غير الدولار.

وتتوقع الكتلة أن يساعد ثقلها المتزايد في تقليل الاعتماد على العملة الأميركية. لذلك يبحث القادة سبل تعزيز المدفوعات بعملات الأعضاء، كجزء من طموح أوسع لتحدي القيادة الجيوسياسية للولايات المتحدة. وعلى المدى الطويل، تتلخص إحدى الأفكار في إطلاق عملة مشتركة لتحدي الدولار.

انتقادات ليست جديدة

ولعل الانتقادات التي تطال هيمنة عملة الدولار الأميركية وامتيازاتها ليست بجديدة، حيث ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أنه لطالما تم انتقاد الأمر، وفي السابق، انتقد أحد وزراء مالية فرنسا "الامتياز المفرط" الذي تمتعت به الولايات المتحدة لنحو ستة عقود نتيجة هيمنة الدولار.

وأوضح تحليل الصحيفة أن التحولات الجيوسياسية الحالية تقدم فرصة لتحدي هيمنة الدولار، حيث يعمل بنك التنمية لدول بريكس دوراً في تقديم القروض بعملات محلية، في حين أن هدف البنك الأساسي هو تقديم بديل للنظام المالي المقرر في الولايات المتحدة.

إقرأ أيضاً: قمة البريكس.. زعزعة هيمنة الدولار أولوية
عوامل اقتصادية

لا شك في أن معدلات التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة تؤدي إلى إضعاف مكانة الدولار على الساحة الدولية، ووفقاً لموقع يو إس نيوز، حافظت الولايات المتحدة على معدل تضخم ثابت ومنخفض، مما أعطى المدخرين في جميع أنحاء العالم الثقة للاحتفاظ بأصولهم بالدولار الأميركي.

ولكن على مدى العام الماضي، ارتفع التضخم إلى مستويات لم يكن من الممكن تصورها من قبل، الأمر الذي يدعو إلى التشكيك في أمن واستقرار الدولار بالنسبة للمدخرات والاستثمارات الطويلة الأجل.

كما أدت الأزمة المصرفية التي اندلعت في البنوك الأميركية أوائل العام الجاري، والتي أطاحت بمنصة سيلفر غيت، وبنك السيلكون فالي، وبنك سيغنتشر، وبنك فيرست ريبابليك، وجميعها مؤسسات أميركية كبيرة، إلى إثارة القلق في مصداقية الاقتصاد الأميركي على واسع، حيث إن سلسلة الإفلاسات التي جرت كانت متوقعة في الأسواق الناشئة المتعثرة، وليس في العاصمة المالية للعالم.

مخاطر الاحتياطات الأجنبية

لقرون عديدة، كان لدى العالم ما يعرف بالعملة الاحتياطية، وهذه هي العملة التي يتم التعامل بها مع غالبية المعاملات الدولية في العالم.

بات سبب الاستياء بشأن الاحتياطات الأجنبية مفهوماً بعد التحولات الجيوسياسية الأخيرة، ففرض العقوبات على روسيا كشف أبرز مخاطر الاحتفاظ بالاحتياطيات الأجنبية على شكل أصول مقومة بالدولار.

وفي الأشهر الأخيرة، أدت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، لتجميد احتياطيات الدولار، واستبعاد البنوك الروسية من نظام سويفت، وحظر واردات النفط الروسية، إلى إحياء اهتمام العديد من الدول الناشئة بـالتخلص من الدولرة، وفقاً لما نقلت صحيفة لوموند الفرنسية.

وإلى جانب ذلك، مخاطر تقلب العملات ولاسيما ارتفاع الدولار مؤخراً لأعلى مستوى له خلال 20 عاماً، حيث من الممكن أن تتسبب في أضرار اقتصادية حقيقية، وقال صندوق النقد الدولي إن ارتفاع الدولار بنسبة 10% يقلص الإنتاج في الاقتصادات الناشئة بنسبة 1.9% بعد عام.

كما سبق وأن تعرضت العملات الرئيسية للاحتياطيات للتدهور، على سبيل المثال تراجع الجنيه الإسترليني بعد الحرب العالمية الأولى.

تداعيات التخلي عن الدولار

من الممكن أن يؤدي التحول بعيداً عن الدولار، وإنشاء نظام مالي عالمي جديد، إلى إضعاف الدولار الأميركي، ورفع أسعار الفائدة الأميركية، وتقليل الطلب على سندات الخزانة الأميركية.

وكان نحو 7.4 تريليون دولار أو 31% من سندات الخزانة مملوكة لمستثمرين أجانب حتى نهاية العام الماضي.

الدولار يتفوق

وعلى الرغم من جميع المحاولات، أوضحت فايننشال تايمز أنه من غير المرجح أن يحدث أي تغيير في هيمنة الدولار، وذلك لتفوقه في تأثيرات الشبكة وعمق أسواق رأس المال الأميركية وسيادة القانون، كما أنه يحتل حصة كبيرة تبلغ 58% من احتياطات العملات الأجنبية الرسمية العالمية، على الرغم من انخفاضه بنسبة 13 نقطة مئوية منذ عام 2000، كما أنه يسيطر على المعاملات بين البنوك الدولية والتجارة العالمية.

هيمنة بكين

مؤخراً، انتقلت روسيا للتعامل باليوان الصيني الذي يمثل 16% من مدفوعات صادراتها، ومع ذلك تشعر دول أخرى في مجموعة البريكس ولا سيما الهند، بالحذر من الهيمنة المحتملة لبكين.

ورجحت صحيفة فايننشال تايمز أن تطوير عملة مشتركة لمجموعة بريكس هو مقترح لا يمكن تنفيذه.

وأشارت إلى أنه وعلى الرغم من ذلك لا ينبغي للولايات المتحدة أن تكون متساهلة فيما يخص بمحاربة الهيمنة الأميركية، مشيرة إلى ضرورة استخدام العقوبات التي تسلح الدولار بحذر، مع الأخذ في الاعتبار استقرار الأمور المالية العالمية.

مع ذلك، لم تدخر الصين جهودها منذ عام 2005 لتكثيف استخدام اليوان دولياً، حيث ضاعفت اتفاقيات تبادل العملات مع البنوك المركزية الأخرى، مثل تلك الموجودة في ماليزيا والأرجنتين ونيجيريا ومنطقة اليورو. كما أن بكين تقوم بتطوير منصة للعملة الرقمية مع هونغ كونغ وتايلاند والإمارات، والتي يمكن أن تجعل من الممكن تسوية المدفوعات عبر الحدود دون وسيط، ودون المرور عبر سويفت، بحلول نهاية العام.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com