خاص
خاصمواطن يحمل حبوب قمح - أرشيفية

الأمن الغذائي.. أزمة تلوح في الأفق

تُواجه منطقة الشرق الأوسط تحديات جسيمة، في ظل تفاقُم مخاطر التغيرات المناخية، لتُلقي بظلالها على استقرارها وأمنها الغذائي، ومع تصاعد حدة الصراعات في المنطقة، تُواجه البلدان العربية -التي كانت تسعى جاهدةً للتعافي من تداعيات جائحة كورونا- تحديات جديدة تُهدد بتقويض جهودها.

ويُشكّل انعدام الأمن الغذائي أحد أهم هذه التحديات، حيث تُعاني المنطقة نقصًا في الإمدادات الغذائية وارتفاعًا مُقلقًا في أسعار السلع الأساسية، وتُعزى هذه الأزمة إلى "الاضطرابات العسكرية والأمنية المستمرة في المنطقة التي تُعيق سلاسل التوريد، وتُؤثر في قدرة الدول على تلبية احتياجاتها من الغذاء".

وحسب تقرير أممي، وصلت حالة الجوع في الشرق الأوسط إلى مستويات حرجة، بعد أن تسببت جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وغزة في صعوبة الحصول على الأغذية الضرورية، إذ يعاني نحو 55 مليون نسمة نقصًا في التغذية من بين سكان الإقليم، البالغ عددهم أكثر من 450 مليون نسمة.

ويتفق الخبراء على أن "الدول العربية تحتاج إلى خطط عاجلة لمواجهة الأزمة قبل تفاقمها، في ظل اتساع فجوة الغذاء يومًا بعد يوم، نتيجة التأثير المباشر للصراعات والنزاعات الراهنة في ملف الأمن الغذائي العربي".

وشدد الخبراء على "ضرورة التصدي لأزمة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، إذ إنها مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية، لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للمنطقة".

نظام عربي مشترك

وتقول الأمينة العامة المساعدة، رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، إن "التصعيد العالمي والعربي له تأثيرات واضحة على ملف الأمن الغذائي، لذا يتطلب الأمر تكثيف الجهود من أجل إنهاء الصراع في البلدان العربية".

وأشارت أبو غزالة، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إلى أن "وفد جامعة الدول العربية ناقش خلال الساعات الماضية ملف العدالة الغذائية من منظور حقوق الإنسان خلال مؤتمر انعقد في الدوحة"، وشددت على ضرورة التحلي بروح القانون الدولي الإنساني، والتصدي لانتهاك مواد القانون.

وأوضحت السفيرة هيفاء أبو غزالة أن "الوضع الغذائي العربي بحاجة إلى خلق نظام مشترك للتصدي لتداعيات هذه القضية التي تشهد وضعًا خطيرًا، وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهو ما تعمل عليه الجهات الفاعلة في جامعة الدول العربية، من خلال إطلاق مبادرات لمواجهة التحديات، وتعزيز الفرص الاستثمارية داخل المنطقة العربية".

دور التكنولوجيا الزراعية

وبدوره، قال الخبير الأردني في الأمن الغذائي والطوارئ، وسفير الأمم المتحدة للأغذية سابقًا، الدكتور فاضل الزغبي، إن "المنطقة العربية تتعرض لموجة خطرة للغاية من انعدام الأمن الغذائي، نتيجة تأثير البلدان المجاورة بالصراعات الدائرة تارة والقيود المالية تارة أخرى، بالإضافة إلى التغيرات المناخية التي ما زالت تلقي بظلالها على العالم، والتي تسهم في تأجيج حالة انعدام الأمن الغذائي".

وأضاف الزغبي، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "هناك ضرورة مُلحة لتطوير القدرات البحثية العربية لزيادة الإنتاج الغذائي من خلال الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية التي أثبتت نجاحها في مواجهة التحديات الحالية واللاحقة، وهو ما يتطلب تغيير السياسات الحكومية الزراعية من خلال إشراك التكنولوجيا الداعمة للقطاع الزراعي".

وأوضح السفير السابق للأمم المتحدة أن "تداعيات الحرب في منطقة الشرق الأوسط تسببت في انخفاض حجم التبادل التجاري عالميًّا وإقليميًّا، نتيجة الاضطرابات الملاحية في البحر الأحمر وارتفاع كلفة الشحن، والمخاطر التي تواجه عملية الإمداد".

ومن جانبه، قال مدير حماية المستهلك بمكتب الصناعة بمحافظة مأرب اليمينة، المهندس سليم العضيلي، إن "الوضع الأمني في المنطقة العربية يُشكّل تهديدًا كبيرًا على ملف الأمن الغذائي اليمني، خاصةً مع تهديدات الجماعات المسلحة في صنعاء"، مشيرًا إلى أن "هناك 7 محافظات يمنية تُعاني حالة انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لآخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للتنمية-الأمريكية".

وأضاف العضيلي، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن "هناك 3.2 ملايين شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي، بسبب انخفاض المساعدات بنسبة تترواح ما بين 30% إلى 40%، بالإضافة إلى زيادة أسعار السلع الغذائية في المحافظات اليمنية، نتيجة استمرار عرقلة حركة الملاحة في البحر الأحمر وسيطرة الميليشيات على العديد من المناطق اليمنية".

وفي السياق ذاته، أظهرت دراسة حديثة للأمم المتحدة أن "الحرب في غزة تسببت في خسائر اقتصادية فادحة لدول الجوار، خاصة مصر والأردن ولبنان، وقد بلغت قيمة الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول 10 مليارات دولار، أي ما يعادل 2.3% من دخلها القومي".

وحذرت الدراسة من أن "استمرار الحرب لمدة 6 أشهر، قد يُؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في دول الجوار، خاصة الأردن ولبنان"، وتوقعت الدراسة أن "يُؤدي ذلك إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى 18 مليار دولار، وهو ما يُشير إلى زيادة في معدلات الفقر".

وأوضحت الدراسة أن "هذا المؤشر يدل على أن 43 ألف مواطن أردني و41 ألف مواطن لبناني قد يدخلون في خط الفقر، حال استمرار تداعيات الحرب".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com