خاص
خاص

وزير صناعة لبنان: دول عربية تعرقل دخول صادراتنا.. ويجب التعامل معهم بالمثل

أكد وزير الصناعة في لبنان جورج بوشكيان أن بلده يخطئ خطأ استراتيجياً بعدم تبني سياسة المعاملة بالمثل تجاه دول عربية تضع معوقات تقنية وجمركية تعرقل دخول الصناعة اللبنانية لحماية إنتاجها وتفادي المنافسة.

واعتبر، في حديث لـ"إرم الاقتصادية"، أن تحقيق التنمية المستدامة في دول المنطقة العربية يحتاج إلى التعاون والوحدة لتحقيق التكامل الاقتصادي المفقود، كاشفاً أن الاضطرابات الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية العالمية، فضلاً عن الاختلافات في السياسات المتبعة، كلها عوامل لا تساعد على تحقيق هذا الهدف. 

وأضاف أن مكافحة التضخم يجب أن تترافق مع سياسات حكومية ومقاربات تأخذ في الاعتبار المتغيرات التي شهدها العالم منذ أعوام، لا سيما بعد تفشي جائحة كورونا وما رتبته من انعكاسات على الاقتصاد العالمي. 

فيما يلي نص الحوار:

* هل تكافح الدول العربية التضخم بفاعلية؟ وما السياسات المتبعة لتحقيق ذلك؟

- أعتقد أن المسألة يجب أن تُطرح من منظار آخر.. حول ما إذا كانت الدول العربية تكافح أساساً التضخّم فعلاً. وبأيّ وسائل؟ وهل تؤتي بالنتائج المرجوّة؟ وطالما هذه القضية مرتبطة بسياسات الدول، فالإجابة يجب أن تكون خاصة بكل دولة على حدة، نظراً إلى التفاوت في السياسات المتبعة وما تقوم به كل دولة انطلاقاً من أوضاعها. ولذلك فإن نسب التضخم تتفاوت بين دولة وأخرى ولاسيما بين الدول المرتفعة الدخل، وتلك ذات الدخل المتوسط أو المنخفض.

بالنسبة إلى ما يخصّنا في لبنان، طرحت حكومتنا موازنة للعام الحالي لا عجز فيها. وهي المرّة الأولى بتاريخ الحكومات اللبنانية المتعاقبة التي تضع الموازنة أرقامها مع مراعاة الإنفاق وترشيده ليكون على مستوى الإيرادات، وقد أقرّها المجلس النيابي.

وهذه السياسة التي تقوم على عصر النفقات العامة تؤدّي حكماُ إلى مكافحة التضخّم وتخفيض العجز، ورفع الناتج المحلي، والحدّ من المديونية العامة وخلق نوع  من توازن في الميزان التجاري.

*  في ظل تحديات التكتلات الاقتصادية الكبرى، والثروات التي يملكها العالم العربي، كيف يمكن تعزيز التنمية المستدامة في الاقتصادات العربية؟

الحديث عن الاقتصادات العربية يُظهر اقتصاداتنا وكأنّها موحّدة أو مشتركة على قواسم جامعة.. وهذا الأمر غير صحيح للأسف.. فالتنمية المستدامة هي شعار رنّان قابل للتحقّق في حال إقامة السوق العربية المشتركة.

أمّا اليوم، فكلّ دولة تعمل على نموّ اقتصادها وازدهار شعبها.. وهذا حقّ لها وواجب عليها تجاه مواطنيها.. لكنّ الأمر لا يمنع التعاون العربي المشترك وتفعيله تحت مظلّة الجامعة العربية.

وإذا أخذنا مجلس التعاون الخليجي فهو يضمّ دولاً نفطية وصناعية غنية ومتجانسة وتلتقي على أهداف وسياسات مشتركة، والثروات الطبيعيّة في هذه الدول تتيح لها وضع سياسات ورؤى مستقبلية وتطبيقها على مراحل، وينجم عنها مضاعفة الثروة التي تؤمّن الخدمات والرفاهية والاستقرار السياسي والاقتصادي.

أما الدول العربية التي تشهد مشكلات على مختلف الصعد، فإنّ غالبيتها رازحة تحت ديون طائلة، ومعظم شعوبها يُصنّف تحت خط الفقر،

أما القسم الآخر من الدول العربية فتعيش حروباً واضطرابات أمنية.. فكيف يمكن تحقيق الاستدامة في التنمية بهذه الظروف؟ 

* ما تأثير الديون العامة على استقرار الاقتصاد في بعض الدول العربية خصوصاً في ظل الاضطرابات الجيوسياسية.

مع الأسف، تُطيح الديون بالسيادة وتفقد الدول المديونة استقلالها، وتصبح مرهونة للدول الكبرى والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والجهات المانحة. هذه هي حال الدول الفقيرة أينما كان في العالم.

لذلك تتجّه الحكومات القادرة إلى إبقاء ديونها داخلية، لتجنّب التبعيّة للخارج.

وفي لبنان، حصل ما وصفه المراقبون والخبراء بـ"سرقة العصر" وهي تتمثل بمصادرة  أموال المودعين  في المصارف، والانقضاض على جنى عمرهم من المدّخرات، من دون أيّ بارقة أمل تضمن حقوقهم، وتطمئنهم إلى إمكانية استرداد أموالهم ولو بالتقسيط وبناء على فترة زمنية.

فاقمت هذه الأزمة أزمة المديونية العامة. فأدّى ذلك الى انكماش هائل بسبب فقدان السيولة بالعملة الأجنبية وخصوصاً الدولار، وإلى ركود وجمود في الأسواق، جعل غالبية المستثمرين يمتنعون عن التوظيف في بيئة غير مشجّعة كثيراً.

الحكومات القادرة تتجّه إلى إبقاء ديونها داخلية لتجنّب التبعيّة للخارج
جورج بوشكيان - وزير الصناعة اللبناني
* هل يستفيد لبنان من اتفاقية التيسير العربية وما هي المعوقات التي تواجه الإنتاج اللبناني لدخول أسواق جديدة او التوسع في الأسواق العربية؟

- لا يجد لبنان مع الأسف سهولة في الاستفادة من اتفاقية التيسير العربية، كون الصعوبة من جانب الدول العربية المقابلة، تكمن في عدم اعترافها بشهادات المطابقة الصادرة عن الجهة اللبنانية المخوّلة إصدارها. أما المعوقات أمام انسياب السلع والمنتجات اللبنانية إلى الدول العربية، فهي لا تتعلّق بالمواصفات ولا بالجودة، كون المنتج اللبناني يدخل الى الأسواق الأوروبية والأميركية.

إن بعض الدول العربية لحماية انتاجها ولتفادي المنافسة، تضع معوقات تقنية وجمركية تعرقل دخول الصناعة اللبنانية.. ولأن لبنان يتجنّب المواجهة، لا يقدم على تبنّي سياسة المعاملة بالمثل.. وهذا خطأ استراتيجي، يجب معالجته.

* هل تبحثون عن حلول لمشكلة التصدير مع بعض الدول العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية؟

- إن المشكلة في كيفية تخطّي معوقات  التصدير إلى بعض الدول العربية، تتطلب كما ذكرت، عملاً مشتركاً مع الدول التي تضع قيوداً او مواصفات على شهادات المنشأ.

أما بالنسبة الى المملكة العربية السعودية، فهي دولة شقيقة وصديقة وعزيزة على قلوب اللبنانيين، وتربطها بلبنان علاقات تاريخية ووطيدة. إن ما يجمع لبنان والمملكة وثيق جداً وقد وقفت السعودية الى جانب لبنان في المحن التي اعترضته. لا ينسى لبنان واللبنانيون مواقف المملكة المشرّفة.

ونحن نسعى ونأمل ان تكون الجهود المبذولة في لبنان إلى تذليل العقبات التي تحول دون عودة التصدير إلى المملكة.

أحب ان أشير هنا إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة شكلت في العام 2023 المرتبة الأولى في الاستيراد من لبنان بنسبة بلغت 20%. وحلت تركيا في المرتبة الثانية بنسبة 6.6% تلتها مصر فالعراق.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com