ليبيا تتحرك لإنقاذ اقتصادها المنهار بتوحيد مصرفها المركزي

مصرف ليبيا المركزي
مصرف ليبيا المركزي shutterstock
أشاد العديد من المنظمات الدولية بأهمية إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي بعد سنوات من الانقسام، وذلك في خطوة يراها الجميع أنها من شأنها أن تساهم في توحيد المؤسسات الاقتصادية والتخفيف من حدة المشاكل المالية، وتسرع في تعافي الاقتصاد الليبي.

وأعلن مصرف ليبيا المركزي في بيان أمس الأحد أن المصرف عاد مؤسسة سيادية موحدة، بعد قرابة عقد من الانقسام إلى فرعين بسبب الصراع داخل البلاد.

ودخلت ليبيا في انقسام سياسي في عام 2014، وامتد هذا الانقسام إلى المؤسسات المالية، وعلى رأسها المصرف المركزي الذي انقسم إلى اثنين الأول يعمل من طرابلس برئاسة الصديق الكبير، والثاني من مدينة البيضاء قبل أن ينتقل إلى بنغازي، برئاسة علي الحبري، الذي أقاله مجلس النواب في نوفمبر الماضي.

وبدأت إجراءات عملية التوحيد في ديسمبر 2021 داخل البنك المركزي المنقسم، وفي يوليو تموز 2020، أعلنت الأمم المتحدة أنها انتهت من الإجراءات اللازمة لإجراء تحقيق دولي مستقل، في حسابات الفرعين كخطوة رئيسية على طريق إعادة توحيدهما.

إصلاح الاقتصاد

في السابق أدى انقسام الكيانات الاقتصادية في ليبيا إلى مزيد من الفوضى في النظام المالي، لاسيما في عائدات النفط، وتباين أسعار الصرف ونقص السيولة وتضخم الديون العامة، مما أضر بالاقتصاد الليبي المنهك بالفعل.

وستؤدي خطوة توحيد المصرف المركزي إلى معالجة تلك التداعيات، حيث يرى المراقبون أنها خطوة إيجابية، من شأنها خلق دعامات لاستقرار الاقتصاد الليبي والحد من حالة الانقسام في المشهد السياسي.

ولا شك في أن معالجة تلك الأضرار الناجمة عن انقسام هيكل اقتصاد البلاد، لن يكون أمراً سهلاً وقد يتطلب سنوات، وذلك ضمن وضع استراتيجية واضحة ومدروسة لإعادة توازن استقرار النظام المالي الليبي.

كما سيؤدي توحيد المصرفين إلى إقرار سياسة نقدية فاعلة، واتخاذ إجراءات داعمة لسياسة سعر الصرف، ومضاعفة الجهود لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب تنويع مصادر الدخل وإطلاق مشروعات تنمية وخلق فرص عمل.

تداعيات الانقسام

شهدت البنوك التجارية في ليبيا ضغوطا وخسائر مالية، لاسيما أزمة المقاصة وتداعياتها على الأوضاع المالية المصرفية وتلاشي الدور الرقابي، وضعف جودة وكفاءة الإنفاق العام، والخلل الهيكلي في الاقتصاد الليبي، واعتماده على مصدر وحيد للدخل هو النفط، وما تعرض له من إقفال متكرر للحقول وموانئ التصدير.

كما أعاق وجود مصرفين مركزيين متنافسين تنفيذ سياسة نقدية موحدة، مما أدى إلى انخفاض الدينار الليبي بشكل حاد منذ أحداث 2011.

ويتولى البنك المركزي الليبي في طرابلس، إدارة عائدات النفط، وأدى انقسام البنك إلى فرض حصار على صادرات النفط الليبية لعدة مرات.

الدينار الليبي

يستمر الدينار الليبي بالتراجع مقابل الدولار الأميركي، وبلغ سعر الدينار الليبي مقابل الدولار 4.82 حتى تاريخ اليوم.

وساهم وجود فرعين متنافسين في البلاد إلى تلاشي السياسة النقدية الموحدة، مما أدى إلى انخفاض كبير في قيمة الدينار الليبي.

كما أدى انخفاض إنتاج النفط الليبي في السنوات الأخير بسبب الصراعات إلى انخفاض قيمة الدينار، وانخفاض عائدات البلاد من النقد الأجنبي.

وبلغ إجمالي عائدات ليبيا النفطية في النصف الأول من عام 2023، 6.9 مليار دولار، وهو رقم لا يزال أقل بكثير من الأرقام، التي تم تسجيلها قبل الوباء، إلا أنها شهدت تحسناً كبيراً عن مستويات عام 2020 عند 3.8 مليار دولار.

وأثر الانقسام بشكل كبير على سعر الصرف الأجنبي وتخصيص الثروة النفطية في بلد يضم أكبر احتياطيات مؤكدة في إفريقيا، وقال الكبير في وقت سابق إن إعادة التوحيد ستسمح في النهاية للبنك بتوحيد السياسة النقدية وإلغاء الإنفاق الموازي.

وفي ديسمبر 2021، وبعد انتظار دام أكثر من سبع سنوات، تم البدء فعلياً بتنفيذ خطة من عدة مراحل لتوحيد المؤسسات المالية، وجاءت الخطوة حينها "تتويجاً للجهود التي بذلت لإنجاز المهمة التي استمرت لأشهر، حيث وقع كل من الكبير والحبري، اتفاقاً نص على "إطلاق عملية توحيد المصرف المركزي بشكل فعلي، والتوافق على مسارات العمل والفرق الفنية المعنية بتنفيذ عملية التوحيد، والتعهد بمواصلة التقدم لتحقيق الأهداف المرجوة من توحيد المصرف".

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com