بعد ضغوط «التعاون الاقتصادي».. جدل الضرائب يتجدد في الكويت

بعد ضغوط «التعاون الاقتصادي».. جدل الضرائب يتجدد في الكويت

يتجدد الحديث عن ملف الإصلاحات الضريبية بدولة الكويت، بعد محاولات سابقة بلا جدوى، تلبية لنصائح صندوق النقد الدولي بالشروع في تنفيذ منظومة ضريبية تستهدف تنويع مصادر الدخل في البلد الذي يصنّف كعاشر أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، لكن هذه المرة فُتح الملف من باب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تطلب فرض ضريبة قدرها 15% على الشركات الكويتية الكبرى متعددة الجنسيات تطبيقاً لقواعدها.

وتفرض قواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ضرائب نسبتها 15% على الأقل على الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، لمنع التهرب الضريبي والحد من توجه الشركات إلى دول ذات معدلات ضريبية أقل.

والضرائب في الكويت أمر غير محبب على مسامع المشرّعين والمواطنين والمستثمرين على حد سواء، وهو ما برره اقتصاديون تحدثوا إلى "إرم الاقتصادية"، قائلين إنه لا يجوز إقرار الضرائب بغير تقديم حزمة إصلاحات للخدمات والتسهيلات التي توفرها كافة الدول المتقدمة وحتى دول الجوار الشقيقة بمجلس التعاون الخليجي، فهي تقدم محفزات لتنشيط القطاعات الاقتصادية مثل تسهيل الإجراءات وتحسين جودة الخدمات.

ضرائب شكلية

وعلى مدى العقدين الماضيين، كانت هناك محاولات مضنية لإقرار منظومة ضريبية متقدمة، أملًا في تنويع مصادر الدخل، لكن في كل مرة تصطدم بمعارضة نواب مجلس الأمة، وكان آخر تلك المساعي غير المثمرة في عام 2016 حين أعدت وزارة المالية الكويتية، بمساعدة صندوق النقد، مشروع قانون يفرض ضريبة نسبتها 10% على الشركات الوطنية، ونسبة مماثلة على الأفراد الذين يمارسون الأعمال مع إعفائهم من الضريبة على أول 50 ألف دينار يحققونها سنوياً.

وواجه مشروع القانون رفضًا من جانب الغالبية الساحقة من المستثمرين والمشرعين، الذين يكتفون بتنفيذ الضرائب المقرة منذ عام 2000، وهي ضرائب يعتبرها البعض "شكلية"، على الشركات، كما أنها لا تُقارن مع الضرائب المفروضة في مختلف دول العالم بالنظر إلى محدوديتها مقابل الأرباح المحققة.

وتفرض الكويت ضريبة نسبتها 2.5% من صافي الربح السنوي على الشركـات الكويتيـة المدرجة بسوق الكويت للأوراق المالية، بموجب القانون رقم (19) لسنة (2000) بشأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية.

كما تقر أيضا ضريبة نسبتها (1%) على صافي الربح السنوي للشركات المساهمة العامة والمقفلة الكويتية بموجب القانون رقم (46) لسنة (2006م) في شأن الزكاة، بهدف مساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة.

هذا إلى جانب الضرائب التي تدفعها الشركات الأجنبية، وتقدر بنحو 15% بموجب تعديل تشريعي في 2008، وهي نسبة ثابتة، بعدما كانت في السابق شرائح متصاعدة تتراوح ما بين 5% وصولا إلى 55%.

خطوة طاردة للاستثمار

في هذا الإطار، رفض رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمارات الوطنية الكويتية حمد العميري، توجهات الحكومة نحو إقرار ضريبة الـ 15% ما لم تهدف إلى منفعة مشتركة للاقتصاد الوطني وللشركات نفسها، بما يتوازى مع مبدأ تطبيق الضرائب بتوجيهها إلى وعاء موحد لخدمة الشركات والاقتصاد في آن، حينها لا ضير من ذلك.

أما أن نبحث عن تحصيل ضرائب فقط، فإن ذلك سيترك أثرا سلبيا كبيرا وربما يتطور إلى إقرار المزيد من الضرائب، وبالتالي تمثل هذه الخطوة عنصرا طاردا للاستثمار المحلي وتنعكس على اقتصاد البلاد.

وأضاف العميري في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية" أن مجرد إقرار ضرائب على الشركات دون أن تكون هناك آلية لكيفية الاستفادة من هذه الضرائب لصالح التنمية البشرية والاقتصادية، سيكون أمرا غير محبذ.

وأوضح أنه يتوجب على الدولة تقديم حزمة تحفيزية تضمن الآتي:

1- وضع آلية تضمن سلامة صرف المبالغ المحصلة.

2 - تحسين الخدمات العامة.

3 - تحفيز الشركات المحلية والأجنبية عبر حزمة تسهيلات لتحقيق المزيد من العوائد التي تجعلهم يلتزمون بالإقرارات الضريبية بلا عناء أو خسائر.

4 – تطبيق الضرائب بعد إقرار مميزات وتسهيلات للأنشطة الاستثمارية.

5 - إتاحة بيئة استثمارية مواتية بطرح المشاريع وتسهيل الإجراءات.

إعفاء من رسوم

من جهته، قال الخبير الاقتصادي الكويتي محمد رمضان، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، إن الكويت ليست بحاجة إلى تحصيل أموال ضرائب بقدر ما هي بحاجة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، غير أنه اقترح على الحكومة إعفاء الشركات الملتزمة بدفع الضرائب من رسوم الكهرباء والماء والوقود وغيرها من الرسوم لتصبح الضرائب بهذه الطريقة شكلية ليس أكثر حتى تلبي متطلبات منظمة التعاون الاقتصادي الدولية.

ويرى رمضان أن منظمة التعاون الاقتصادي "مُسَيسة" ويمكن استخدامها لاحقًا مثلما حدث مع قانون الامتثال الضريبي الأميركي "فاتكا"، بهدف فرض المزيد من الضرائب على الكويت في المستقبل كعقاب للدولة بسبب موقفها من أمر ما معين، وهو الأمر الذي يؤدي إلى خروج وهروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية معًا، وتصبح الكويت دولة طاردة للاستثمارات، مشددًا على ضرورة التعاطي بحذر شديد مع مثل هذه المنظمات.

وأضاف الخبير الكويتي: "أي ضريبة يتم دفعها للحكومة يجب أن يقابلها مميزات وتسهيلات نظير الالتزام بالإقرار الضريبي". وتابع: "نحن في الكويت بحاجة ماسة لجذب الاستثمارات وليس لأموال الضرائب".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com