تقارير
تقاريرمواطنون ينتظرون ملء المياه

اجتماعات الربيع.. كيف تمثل حياة أو موت للفقراء؟

تتجه أنظار العالم، اليوم الاثنين، إلى واشنطن مع بدء اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والجميع ينتظر أنباء جادة حول الاقتصاد العالمي والتوترات الجيوسياسية والمناخ.

لكن ديفيد ميليباند، الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية ووزير خارجية المملكة المتحدة الأسبق، سلط الضوء، خلال مقال رأي في "فورين بوليسي" الأميركية، اليوم الاثنين، على أهمية هذه الاجتماعات بالنسبة لأفقر الناس في العالم.

واعتبر ميليباند أن القرارات التي يتم اتخاذها خلال هذه الاجتماعات هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للفقراء حول العالم، واقترح بعض السبل والآليات التي يجب التركيز عليها من قبل البنك الدولي لحل أزمة الفقر المدقع.

فمنذ تسعينيات القرن الماضي، سهّل البنك الدولي تحقيق انخفاض كبير في معدلات الفقر المدقع على مستوى العالم، من أكثر من شخص واحد من كل ثلاثة أشخاص كانوا يعيشون في فقر مدقع في عام 1990 إلى أقل من شخص واحد من كل 10 أشخاص اليوم.

لكن البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار، شهدت اتجاها معاكسا؛ ففي تلك الأماكن، يتزايد الفقر المدقع، وبحلول عام 2030، سيتملك الفقر من نحو 59% من مجموع السكان.

كما أدى تقارب الصراعات وتغير المناخ والصدمات الاقتصادية إلى جعل أكثر من 300 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء.

واعتبر ميليباند أن اجتماعات هذا الأسبوع في واشنطن تتيح الفرصة للبنك الدولي لسد هذه الفجوة من خلال تجديد نهجه في التعامل مع الفقر المدقع، وسوف يتطلب هذا قدراً أكبر مما رأيناه تاريخياً من المجتمعات التنموية والإنسانية.

وأضاف أنه في حالة تمكن البنك من كسر أطر التنمية التقليدية وتحسين مدى وصوله وحجمه واستدامته، فسوف يكون قادرا على تقديم دعم أفضل لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليه.

* قواعد مختلفة

ولفت ميليباند إلى أن اقتصاديات التنمية في الدول المستقرة أصبح لها الآن قواعد لعب تتجاوز إجماع واشنطن، وتتميز بمبادئ السوق الحرة وإلغاء القيود التنظيمية؛ وتدعم المؤسسات المالية الدولية الآن نماذج النمو المستدام والشامل.

ولكن في الدول المتضررة من الأزمات، حيث يشكل العمل الإنساني الفعّال الخطوة الأولى على طريق التنمية، فإن أجندة سياسات البنك الدولي أقل تطوراً بكثير.

وقد أدرك البنك الدولي نفسه هذه الحقيقة، إذ تدرك خريطة طريق التطور الجديدة التي وضعها البنك، والتي يقودها رئيسه أجاي بانغا، الحاجة الملحة إلى التركيز على الهشاشة والصراع وتغير المناخ ــ بين تحديات عالمية أخرى ــ لتحقيق مهمته المتمثلة في القضاء على الفقر على كوكب صالح للعيش. لكنها لا تزال بحاجة إلى خطة ملموسة.

وتاريخياً، اعتمد البنك الدولي على شراكات حكومية قوية. ومع ذلك، فمع تغير مشهد الفقر، سوف تحتاج إلى اعتماد نهج أكثر مرونة.

* سُبل السيطرة

إذ ينبغي للبنك أن يوسع نطاق تقديم خدماته من خلال الشركاء غير الحكوميين، الذين يمكنهم في كثير من الأحيان الوصول بشكل أفضل إلى المجتمعات المحتاجة، وهذا مهم بشكل خاص في حالات الأزمات حيث قد لا تتمكن الحكومة من الوصول إلى أجزاء من البلاد.

على سبيل المثال، دخلت لجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، في شراكة ناجحة مع غافي، المنظمة العالمية التي تسعى إلى تحسين الوصول إلى اللقاحات، جنبًا إلى جنب مع مجموعات المجتمع المدني التي تقودها أفريقيا في إثيوبيا والصومال والسودان.

وحتى شهر فبراير الماضي، قدمت الشراكة أكثر من مليون جرعة من اللقاحات المنقذة للحياة للأطفال. وقبل الشراكة، لم تتمكن لجنة الإنقاذ الدولية من الوصول إلا إلى 16% من المجتمعات المستهدفة في القرن الأفريقي، والآن، أصبحت قادرة على الوصول إلى 77% من تلك المناطق.

ويحتاج البنك الدولي أيضاً إلى خطة لتوسيع نطاق عملياته، ولا يتطلب هذا بناء القدرات فحسب، بل يتطلب أيضًا تقليل الضغوط على الأنظمة الوطنية مثل شبكات المستشفيات، والتي غالبًا ما تكون ضعيفة أثناء الأزمات.

على سبيل المثال، نجحت المنظمات الإنسانية، مثل لجنة الإنقاذ الدولية، في الحد من سوء التغذية الحاد بين الأطفال من خلال الشراكة مع العاملين في مجال الصحة المجتمعية لتشخيص الحالات وإدارة العلاج بدلاً من زيادة عدد الحالات في المستشفيات.

فضلا عن ذلك، سيكون من المهم بالنسبة للبنك أن يضمن قدرة برامجه على دعم أي تقدم يحرزه. وسوف يتطلب هذا توطيناً حقيقياً وليس خطابياً، أي تحويل السلطة إلى المستجيبين المحليين وبناء الثقة معهم حتى يتمكنوا من قيادة جهود الإغاثة وتنفيذها.

وأخيراً، يتعين على البنك الدولي أن يطلق نموذجاً جديداً لمؤسسة التنمية الدولية التابعة له، وهي واحدة من أكبر مصادر تمويل التنمية لأشد بلدان العالم فقراً.

وبينما تتفاوض قيادة البنك الدولي والجهات المانحة بشأن تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية هذا العام، فيتعين عليها أن تعمل على تحسين آليات تمويلها حتى تصبح أكثر استجابة للمخاطر التي تواجهها البلدان، ونقاط ضعفها، وقدرتها على الوصول إلى مصادر التمويل الأخرى.

على سبيل المثال، يمكن لنافذة الاستجابة للأزمات التابعة للمؤسسة الدولية للتنمية - التي تزود البلدان بموارد إضافية للاستجابة للصدمات المناخية والصحية والاقتصادية - أن تتضمن معايير أفضل لتقييم مدى تأثير الهشاشة والصراع والعنف على هذه الصدمات.

وسيكون المزيد من التمويل الشامل عنصرا أساسيا في هذه الجهود، ففي عام 2021، وهي المرة الأخيرة التي تفاوض فيها البنك على حزمة تمويل للمؤسسة الدولية للتنمية، اتفق شركاء التنمية على حزمة بقيمة 93 مليار دولار لدعم التنمية المستدامة في أفقر بلدان العالم.

وهذا العام، ينبغي للجهات المانحة أن تقدم مساهمات أكثر طموحا من شأنها أن تضع المؤسسة الدولية للتنمية على المسار الصحيح نحو مضاعفة حجمها ثلاث مرات بحلول عام 2030.

كما أن توسيع الشراكات غير الحكومية سيساعد البنك أيضا على تحسين صرف وتسليم أموال المؤسسة الدولية للتنمية.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com