خاص
خاصمصنع ملابس -رويترز

الاقتصاد الموازي.. مساعٍ مصرية لدمج تريليونات مهدرة للموازنة

تسعى الحكومة المصرية على مدار السنوات الماضية، لدمج الاقتصاد الموازي مع الرسمي، لتوفير نحو 4 تريليونات جنيه تدفقات نقدية تتداول خارج الموازنة العامة للدولة.

ويُعرف الاقتصاد الموازي بأنه مجموعة من كيانات الأعمال المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر غير النظامية التي تزاول أنشطة ذات قيمة اقتصادية في جميع القطاعات الاقتصادية المنتجة للعديد من السلع والخدمات التي يتم تداولها نقدًا بعيدًا عن نطاق سيطرة الجهات الرسمية بالدولة، فهذا المفهوم يقتصر على الأنشطة والمعاملات الاقتصادية المشروعة دون تلك الأنشطة غير المشروعة.

حجم الاقتصاد الموازي

وتشير بيانات أحدث تعداد اقتصادي لعام 2018، إلى أنّ حجم المنشآت الاقتصادية غير الرسمية في مصر تقدر بنحو مليوني منشأة، بنسبة 53% من إجمالي المنشآت الاقتصادية، فيما يمثل حجمه بنسبة 55% من إجمالي الاقتصاد المصري، حسب تقديرات وزارة المالية.

ويبلغ عدد العاملين به نحو 4 ملايين عامل، بما يعادل 31.4% من إجمالي العاملين، ويصل حجم الإنتاج إلى 362.1 مليار جنيه بنسبة 11.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ويصل التكوين الرأسمالي به نحو 8.7 مليار جنيه. وفي مقابل ذلك، تقدر القيمة المضافة المتولدة عن هذا القطاع بنحو 238.8 مليار جنيه بنسبة 12.8%.

ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن 59% من المنشآت الاقتصادية غير الرسمية تعمل في تجارة الجملة والتجزئة، تليها الصناعات التحويلية بنسبة 14%، وهي في معظمها منشآت صغيرة ومتناهية الصغر، حيث تصل نسبة المنشآت التي يبلغ رأسمالها المستثمَر أقل من 100 ألف جنيه نحو 81% من الإجمالي، تليها المنشآت الأقل من 200 ألف جنيه، وأكثر من 100 ألف بنسبة 18%، لذلك فإن نسبة المنشآت التي يعمل بها أقل من 5 أشخاص تصل إلى 96% من الإجمالي، تليها المنشآت التي تستخدم من 5 إلى أقل من 10 أشخاص بنسبة 4%، ولذلك يتم أخذ نحو 95% منها شكلَ المنشأة الفردية من الناحية القانونية.

كما تشير البيانات إلى أن نحو 72% من هذه المنشآت تم إنشاؤها بعد عام 2010، مما يؤدي إلى ضياع جزء لا يستهان به من الإيرادات العامة للدولة بسبب تهرب تلك المنشات من الضرائب.

وحسب دراسة سابقة للجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصري، فإن الضرائب المفترض تحصيلها من المنشآت الاقتصادية غير الرسمية تزيد على 1.4 تريليون جنيه.

التعداد الاقتصادي

وتتخذ السلطات المصرية العديد من الإجراءات لتقنين أوضاع اقتصاد الظل للاستفادة من موارده المالية، أحدثها ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أمس الأحد، ببدء تنفيذ التعداد الاقتصادي السادس الذي يهدف إلى حصر المنشآت الاقتصادية على مستوى الجمهورية وتستمر أعماله بدءا من أكتوبر الجاري ولمدة تتراوح من 6 إلى 8 أشهر. 

ويُعرف التعداد الاقتصادي، بأنه حصر لكل منشأة تمارس نشاطًا اقتصاديًا من مكان ثابت، ويعد واحدًا من التعدادات التي يجريها الجهاز المركزي بدورية كل خمس سنوات.

 وقد أُجرى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أول تعداد اقتصادي بمفهومه الشامل عام 1991/1992، وتلاه العديد من التعدادات الاقتصادية؛ حيث تم تنفيذ التعداد الثاني عام 1996/1997، والثالث عام 2000/2001، والرابع عام 2012 / 2013، والخامس عام 2017/2018، وحاليًا التعداد السادس عن العام 2022/2023، حيث سيكون العام المرجعي للتعداد الحالي هو العام المالي 2022/2023 بالنسبة لمنشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام، بينما يعد العام المرجعي لمنشآت القطاع الخاص هـو العام الميلادي 2022.

ويأتي التعداد الاقتصادي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت؛ حيث يوفر قاعدة بيانات تفصيلية ومحدثة عن كافة الأنشطة الاقتصادية طبقاً لأحدث المفاهيم والمعايير الدولية، ومدى مساهمة كل نشاط في الناتج المحلي الإجمالي.

جهود مصرية

وتواصل الحكومة المصرية، جهودها الحثيثة لدمج وتقنين أوضاع الاقتصاد الموازي، حيث تهدف استراتيجية التنمية المستدامة 2030 إلى ضرورة بذل مزيد من الجهود نحو دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي والعمل على خفض المعاملات غير الرسمية، وذلك من خلال إعداد قاعدة بيانات شاملة وتوفير حزمة من الحوافز والتشريعات وخلق وكالات تمثل هؤلاء الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الذين يعملون بعيدًا عن رصد الدولة لنشاطهم الاقتصادي، فضلًا عن إزالة جميع المعوقات التي تقف أمام جهود الدولة لاحتواء هذه الظاهرة الخطيرة.

تشريعات وتحركات مصرية

وعن هذه الجهود الحكومية، يقول الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن الدولة المصرية تقوم بشن حرب على اقتصاد الظل منذ عام 2011، حيث انتشرت الأنشطة الموازية عقب ما سمي بثورات الربيع العربي، وبدا ذلك جليًا في التعدادات الاقتصادية التي يقوم بها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ضمن جهوده لحصر هذه المنشآت.

وأضاف عبده أن السلطات المصرية سعت إلى تعزيز الثقة مع أصحاب المنشآت غير الرسمية عبر تقديم الحوافز والضمانات وضع قواعد وإجراءات محددة ومبسطة بعيدة عن التعقيدات الإدارية والتشابكات التنظيمية، وتعميم تجربة الشباك، وإعطاء مزايا تمويلية وقروض ائتمانية لكل من يسعى للعمل بشكل شرعي، وكمثال أن يكون هناك اشتراط بأن يحصل الكيان غير الرسمي على القرض من خلال تسجيله للنشاط الذي يعمل به.

وأوضح رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن السلطات أقرت عددا من التشريعات التي تدعم العاملين في الاقتصاد غير الرسمي، من بينها تعديل قانون بشأن إشغال الطرق العامة والذي يمنح الحق في الحصول على تصاريح لعربات المأكولات والتي تعتبر ضمن المنظومة غير الرسمية في السابق، وكذلك قانون شركات المساهمة والتوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، بالإضافة إلى قانون المحال العامة الجديد الذي قضى على كافة المشاكل التي كانت تواجه المستثمرين عند إصدار تراخيص المحال التجارية.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com