ماركت واتش
ماركت واتش

كيف تؤثر قوة سوق العمل الأميركي على فرص انتخاب بايدن؟

أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن، بياناً يوم الجمعة، يحتفل فيه بالبيانات التي جاءت بالتقرير الأخير للوظائف، وجاء في البيان: "شهدنا شهراً آخر من المكاسب القوية في الأجور، وزيادة الوظائف لأكثر من 350 ألفا في يناير، في مواصلة للنمو القوي من العام الماضي".

وأضاف البيان "أن نتائج الأداء هي دليل على أن الاقتصاد الأميركي هو الأقوى في العالم". وأشار تقرير نشر على موقع ماركت واتش "أن أرقام الوظائف الأخيرة، قد تكون غير مفيدة لحملة إعادة انتخاب الرئيس، وذلك لأنها تشكل خطرين من المخاطر المحتملة خلال الأشهر القادمة، وهما: خطر حدوث المزيد من التضخم، وخطر الركود الاقتصادي". 

وكانت بيانات الوظائف -عدا الوظائف الزراعية- في شهر يناير، ضعف ما توقعه الاقتصاديون، ولُوحظ كذلك ارتفاع أجور العاملين بالساعة. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام جيدة للعمال والباحثين عن عمل، إلا أنّهم يثيرون المخاوف من أن خطة الاحتياطي الفيدرالي، لم تؤت ثمارها المتوقعة.

مخاوف جديدة

وكتب جيف شولز، رئيس الاستراتيجية الاقتصادية والتسويقية في ClearBridge Investments، في مذكرة للعملاء: "جاءت الأجور المرتفعة بنسبة 0.6% -وهو أعلى معدل منذ مارس 2022 إلى جانب عدد الوظائف الإجمالي- مبددةً آمال خفض الفائدة في مارس المقبل، وينبغي أن تثير هذه النسبة مخاوف جديدة، بشأن احتمال تسارع التضخم".

وقد يكون ذلك شديد الوضوح من رد فعل الأسواق بعد صدور البيانات. أما فيما يخص أسواق العقود الآجلة، التي تراهن على أسعار الفائدة في المستقبل، فقد خفضت للتو رهاناتها مرة أخرى على التخفيضات المبكرة لأسعار الفائدة، كما خفضت تقديراتها مرة أخرى، لتخفيضات أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام. وفي حال لم يستقر التضخم، قد يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول.

وقبل شهر، توقعت أسواق العقود الآجلة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بنحو 1.25 نقطة مئوية، من الآن وحتى اجتماعه في سبتمبر، والذي سيكون الأخير قبل الانتخابات. وتراجعت توقعات السوق بأن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، بما لا يزيد على 0.5 نقطة مئوية إلى 0% من 10%. إضافة إلى ذلك، يوجد سعر الفائدة، الذي لا يتحكم فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل مباشر، ولكن له تأثير كبير على الاقتصاد، وهو سعر سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، وبعد صدور بيانات التوظيف، قفزت عائدات سندات الخزانة أعلى 4% من 3.9%.

ولا يعد سعر الفائدة لعشر سنوات، مجرد معيار حاسم لاقتراض الشركات والأسواق المالية، بل هو أيضاً السعر الرئيسي الذي يستخدمه المقرضون، على القروض العقارية الثابتة لمدة 30 عاماً.

ولذلك، فإن أحدث بيانات الوظائف قد تساعد في الحفاظ على معدلات الرهن العقاري مرتفعة لفترة أطول، وتأخير اليوم الذي تبدأ فيه بالانخفاض.

وتؤدي أسعار الفائدة المرتفعة نسبياً على الرهن العقاري، إلى تجميد قسم كبير من سوق العقارات. ولا يريد أصحاب المنازل التخلي عن تلك القروض العقارية ذات السعر الثابت الكبير، والتي احتفظوا بها أثناء الوباء، ويمتنع الكثير عن البيع.

أنباء ليست جيدة

ويدرك دونالد ترامب تماماً أهمية أسعار الفائدة المرتفعة في حملته الانتخابية، وخلال ظهوره يوم الجمعة على قناة فوكس بزنس، حاول الضغط على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، لإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة. واشتكى من أنه يحاول خفض أسعار الفائدة لمساعدة بايدن في حملته الانتخابية، على الرغم من أن ترامب هو من اختار باول لقيادة الاحتياطي الفيدرالي عام 2017.

لكن إذا كانت بيانات الوظائف خارج الزراعة غير مفيدة، فإن مجموعة مختلفة تمامًا من الأرقام، تم إصدارها أيضًا يوم الجمعة من قبل وزارة العمل: تلك الناتجة عن مسح ثانٍ، يتم فيه الاستفسار عن الأسر بدلاً من أصحاب العمل.

ومن اللافت للنظر، أن تلك البيانات لا تظهر استمرار قوة سوق العمل، بل على العكس من ذلك. وأبلغت الأسر عن انخفاض أرقام التوظيف الشهر الماضي، بمقدار 31 ألف وظيفة في يناير على أساس معدل موسمياً، وانخفض عدد الوظائف بمقدار 714 ألف وظيفة منذ نوفمبر وفقاً لهذا الاستطلاع. 

والأمر المثير للقلق أكثر، هو أن مسح الأسر يظهر أن التوظيف بدوام كامل -وهو مؤشر رئيسي لسوق الوظائف الصحية- بلغ ذروته في يونيو. ومنذ ذلك الحين، انخفض بمقدار 1.6 مليونًا (مرة أخرى على أساس معدل موسميا).

كما ارتفعت أيضًا مقاييس أخرى تشير غالبًا إلى ضعف سوق العمل، مثل عدد العمال المحتملين، الذين تخلوا عن البحث عن وظيفة.

ويتم إجراء المسحين بالتوازي كل شهر، لكنهما مختلفان تماما: الأول، وهو استطلاع "المؤسسة"، يظهر آراء إلى أصحاب العمل.

أما الآخر، فيظهر آراء "الأسر" (العمال والعاملين المحتملين). ويحذر شولز من شركة ClearBridge، من أنه على الرغم من أهمية سلسلتي البيانات، فإن المسح الثاني -الأسر- يكون في بعض الأحيان مؤشرا أفضل للأمام. وفي الماضي، كان أسرع في اكتشاف التغيرات الكبيرة في اتجاه الاقتصاد. ويقول إنّ الأمر ظل يروي باستمرار قصة أكثر شُؤمًا عن سوق الوظائف لمدة عام.

ويكتب قائلاً: "هذا الاختلاف يستحق المراقبة، حيث إن مسح الأسر تاريخياً كان أكثر دقة عند نقاط الانعطاف، مما يشير إلى أن نمو الوظائف قد يكون أقل إثارة للإعجاب مما يبدو حالياً". وبعبارة أخرى، إذا كان الاقتصاد يتجه نحو الركود هذا العام، فقد يُتوقع ظهوره في مسح الأسر، قبل أن يظهر في مسح المؤسسات الأكثر شهرة، والذي ينتج أرقام الرواتب غير الزراعية.

ويعتقد أغلب خبراء الاقتصاد أن الولايات المتحدة سوف تتجنب الركود، وأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف ينجح في هندسة الهبوط الناعم الانكماشي (حتى لو جاءت تخفيضات أسعار الفائدة في وقت لاحق عما كان يأمله كثيرون). ولكن المؤكد، أن أرقام مسح الأسر تبدو غريبة إلى جانب البيانات الواردة من مسح المؤسسات، التي تزعم أننا نعيش في طفرة وظائف غير مسبوقة. 

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com