تقارير
تقارير

من الغاز الروسي للأميركي.. أوروبا تتأرجح بين المخاطر

لفترة طويلة، اعتمدت أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي، حتى بدأت الحرب بأوكرانيا، لتحل واشنطن محل موسكو في استبدال العائق بآخر محتمل، وهو الأمر الذي جعل نظام الطاقة لديها ضعيفاً ومكشوفاً.
بديل يزداد خطورة

وكبديل مفضل، يُنظر إلى الغاز من الولايات المتحدة على أنه وفير ومستساغ سياسيا، وأقل عرضة للاختناق من خطوط الأنابيب القادمة من سيبيريا، لكن البديل يزداد خطورة يومًا بعد يوم، وفقا لوكالة "بلومبرغ" للأنباء.

وتمكنت الولايات المتحدة من الحصول على حصة كبيرة من إمدادات الغاز الأوروبية، متفوقة بذلك على أي إمدادات روسية متبقية، وتشكل الشحنات الأميركية نحو نصف واردات المنطقة من الغاز الطبيعي المسال، وهي حصة من المتوقع أن تنمو بشكل أكبر.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تعتبر حليفاً رئيسياً لمجموعة السبع، وتتمتع بنفوذ اقتصادي غير مسبوق واستقرار سياسي نسبي، إلا أن الاعتماد الكبير حتى على دولة صديقة ينطوي على مخاطر.

وبداية، أعلن البيت الأبيض عن قرار بوقف الموافقة على تصاريح التصدير الجديدة للغاز الطبيعي المسال، ويهدد بتأخير أو حتى إخراج بعض المشاريع الضخمة المتوقع أن تصل إلى السوق في نهاية العقد وما بعده عن مسارها.

حجر الزاوية

وقال ليزلي بالتي جوزمان، رئيس قسم الأبحاث واستخبارات السوق في شركة SynMax: "لا يزال الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، يشكل حجر الزاوية في استراتيجية تنويع الإمدادات في أوروبا".

ويبعث قرار الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة حقيقية "فيما يتعلق بتماسك وموثوقية إمداداته على المدى المتوسط ​​إلى الطويل، وهذا أمر بالغ الأهمية بشكل خاص، في منعطف يمكن أن تكون فيه الإمدادات من روسيا وغيرها خارج حدود التنبؤ بحدوثها".

واعتبرت بلومبرغ أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت المراجعة الأميركية، ستجبر أي شركة على سحب خططها بشكل دائم.

قرارات سياسية

وعليه، قال ديفيد سيدوسكي، محلل الغاز في شركة إنرجي أسبكتس: "قد يكون هذا توقفًا لأغراض سياسية، لإرضاء قاعدة بايدن، في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة، وإذا فاز جمهوري، مثل دونالد ترامب، فمن شبه المؤكد أنه سيتم التراجع عن الوقف التنظيمي في أوائل عام 2025".

إلى ذلك، ينظر إلى القرار الذي اتخذته أوروبا بمبادلة الغاز الروسي بالغاز الطبيعي المسال الأميركي، بدلاً من التركيز بشكل أكثر صرامة على مصادر الطاقة المتجددة، يعني أن أمن الطاقة لديها يظل يعتمد على عوامل خارج نطاق سيطرتها.

ومن أجل شراء الوقود الذي يعتبر أساسياً لتدفئة منازل أوروبا وتوليد الطاقة وتغذية صناعاتها، يتعين على تجار الطاقة الآن أن يأخذوا في الاعتبار الأحداث، التي تقع على بعد آلاف الأميال.

وقال إيرا جوزيف، كبير الباحثين في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، إن "الخطر هو حدوث تغيير كبير في سياسة الولايات المتحدة في المستقبل".

ووفقا لبلومبرغ، تتمثل مخاطر اعتماد أوروبا على الغاز الأميركي في 4 عوامل، وهي:

• الأحداث التي تقع على بعد 5000 ميل، ستؤثر على إمدادات الطاقة في الاتحاد الأوروبي

• يمنح الولايات المتحدة نفوذاً جيوسياسياً هائلاً

ففي ذروة أزمة الغاز، حذر وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، من أن مصدري الغاز الطبيعي المسال، استغلوا الحرب لتشجيع " الهيمنة الاقتصادية الأميركية وإضعاف أوروبا".

وقال أوجان كوس، العضو المنتدب في شركة أكسنتشر الاستشارية: "أوروبا تخاطر بالاعتماد على مورد واحد، وفي نهاية المطاف تحت رحمة الأسعار التي يحددونها".

تضخم فواتير الطاقة

قال ماسيمو دي أوداردو، نائب رئيس أبحاث الغاز والغاز الطبيعي المسال في شركة Wood Mackenzie، إن معظم إمدادات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا، يتم تسعيرها في السوق الفورية المتقلبة، وبالتالي، المشترون هناك أكثر عرضة لمد وتدفق الإمدادات العالمية من المشترين الآسيويين، الذين يحصلون عليها بشكل رئيسي بموجب عقود طويلة الأجل مرتبطة بسعر النفط.

يجلب تأثيرًا مناخيًا كبيرًا

على الرغم من أن الغاز تنبعث منه كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بالفحم عند حرقه، إلا أن البعض يجادل بأن تسرب غاز الميثان عبر سلاسل التوريد العالمية للغاز الطبيعي المسال، يمكن أن يجعل الأمر أسوأ بالنسبة للمناخ.

وقال كريستوفر جونكالفيس، المدير الإداري للطاقة والمناخ في مجموعة بيركلي للأبحاث في واشنطن، إن الغاز الطبيعي المسال الأميركي، قد تنبعث منه كميات أقل من غاز الميثان مقارنة ببعض خطوط أنابيب الغاز إلى أوروبا.

يخاطر بتأخير نشر حلول الطاقة الخضراء

إذ يخاطر الاعتماد على الغاز الطبيعي بتأخير نشر حلول الطاقة المتجددة، التي حددها الاتحاد الأوروبي، في 2022، مثل مشاريع الهيدروجين الأخضر.

ولا تزال مشاريع الهيدروجين محدودة، في حين يواجه الدفع بالطاقة المتجددة ضربة من مشاكل صناعة طاقة الرياح البحرية.

كما أن التدابير الحالية التي تتخذها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ليست كافية لخفض الانبعاثات بنسبة 55% المستهدفة بحلول عام 2030.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com