خاص
خاص

ضرائب الثروة.. طوق نجاة للموازنات العربية المنهكة أم فخ جديد

أثار مقترح أعضاء مجلس النواب المغربي بزيادة الضرائب على أصحاب الثروات، بدلا من إلغاء الدعم عن سلع وخدمات تستهلكها الفئات ذات الدخل المحدود، الكثير من الجدل حول إمكانية نجاح ضرائب الثروة في إنعاش موازنات الدول العربية المنهكة، وهل يمكن لهذه الضرائب أن تكون طوق النجاة لهذه الدول، خاصة مع العجز الكبير في موازناتها.

وبحسب صحيفة إندبندنت البريطانية، فإنه لطالما لجأت الدول إلى الأغنياء في أوقات الأزمات الكبرى، مشيرة إلى أنه بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، أقرت الدول الأوروبية واليابان، ضرائب على الثروة لمرة واحدة لتمويل إعادة الإعمار.

وفي الآونة الأخيرة، استخدمت أيرلندا وأيسلندا مثل هذه الضرائب للمساعدة في إعادة ملء خزائن الدولة بعد الأزمة المالية العالمية.

ما هى ضريبة الثروة؟

وفقا لدليل صندوق النقد للموازنة العامة، فإن ضريبة الثروة أو ضريبة الممتلكات، هي ضريبة على امتلاك واستخدام أو انتقال الأصول بعد خصم الديون، وتنقسم إلى ممتلكات منقولة مثل الأسهم والأوراق المالية، وممتلكات غير منقولة مثل العقارات والأراضي.

وتبنت الأرجنتين، المثقلة بالديون، ضريبة خاصة لمرة واحدة على الأغنياء في ديسمبر 2020، وطالبت بما يصل إلى 3.5% من إجمالي صافي ثروة المواطنين الذين يمتلكون ما لا يقل عن 200 مليون بيزو من الأصول.

وأقرت بوليفيا في 2020 ضريبة ثروة طويلة الأجل تطال أي شخص لديه أكثر من 30 مليون بوليفيانو (4.3 ملايين دولار)، كما لجأت إليها أيضا دول مثل تشيلي وبيرو والنرويج وإسبانيا.

ويبلغ مثلا عجز الموازنة المصرية 2023/2024 نحو 824.44 مليار جنيه، بينما سجلت ميزانية المغرب عجزًا بقيمة 32.4 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2023، وتتوقع تونس أن يبلغ العجز بموازنة 2023 نحو 7.7 مليارات دينار. 

 ليست المرة الأولى

مقترحات فرض ضريبة الثروة في المغرب الآن ليست الأولى، ولكن سبقها مطالبات أخرى في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية، حيث طالب برلمانيون في مجلس النواب المصري منهم النائب عبد المنعم إمام، بفرض ضرائب ثروة على 78 ألف شخص في مصر، يملكون أكثر من 5 ملايين دولار، وعدم المساس بالطبقة المتوسطة والفقيرة.

وفي تونس، اقترح الرئيس قيس سعيد، فرض ضرائب على الأثرياء وتوظيف الحصيلة لفائدة الطبقات الفقيرة.

 نتائج عكسية على الاقتصاد

في هذا الصدد، قال المحلل الاقتصادي المغربي، إدريس العيساوي، إن هناك مقترحات ومطالب متعددة من أحزاب اليسار المغربية الموجودة في المعارضة تطالب بفرض ضرائب على الثروة على الأشخاص والمؤسسات، لكن هذه المقترحات صعبة التحقيق من الناحية السياسية والاقتصادية، لأنها ضرائب غير عادلة وتفرق بين المواطنين في البلد الواحد.

وأضاف العيساوي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن هذه المسألة غير صحيحة لأن فرض الضرائب الكبيرة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، بعيدة عن الأهداف التي تريدها الدولة في مثل هذه الحالات.

وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن فرض ضرائب على الأغنياء حلم لدى الكثير من المناضلين والمناضلات في المعارضة، لكن الدولة المغربية لديها اهتمامات أخرى بأن يكون الاقتصاد من ضمن الاقتصادات المتطورة، خاصة وأن المملكة المغربية نفذت مجموعة من المشروعات التي سبقت فيها الكثير من الدول الأفريقية الأخرى.

وأوضح العيساوي أن فرض ضرائب الثروة قد يُحدث شرخا داخل المجتمع المغربي، وقد لا يؤدي إلى النتائج المرجوة في هذا المجال، لكن رغم ذلك سيظل الحلم والرغبة لدى البرلمانيين المغربيين في فرضها موجودا، وربما نرى في السنوات القادمة تغييرا في السياسات الضريبية المغربية، أما الآن لن تكون هناك نية لفرضها بسبب عدم جدواها على الاقتصاد المغربي.

هروب الثروات للخارج

بينما قال الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور شريف الدمرداش، إن الغرض من أي تشريع ضريبي ناجح ليس فقط الجباية وإنما تحقيق العدالة الاجتماعية، أي أن الضريبة لها دور في تحقيق العدالة.

وأضاف الدمرداش، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن تفكير أي دولة في تطبيق ضريبة على الثروة يعني أن التشريع الضريبي في هذه الدولة فشل في تحقيق هذه العدالة.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مشكلة بعض النواب أنهم يريدون تطبيق النظام الضريبي كنظام جباية وفي نفس الوقت إلغاء دوره في العدالة الاجتماعية، واستحداث نظام جديد يحقق الدور المهمل في التشريع الضريبي العام، وهذا تحايل، ولذلك فالخلل موجود في النظام الضريبي الأساسي.

وأوضح الدمرداش، أن علاج هذا الخلل لا يعالج بالقرارات الاستثنائية مثل فرض ضرائب الثروة، وإنما العلاج يكون بوضع منظومة ضريبية ليس لها غرض الجباية فحسب، ولكن تحصيل الإيرادات مع تحقيق العدالة الاجتماعية في تشريع ضريبي واحد، لأن التشريعات الاستثنائية تُعد تغولا على أشياء كثيرة ونتائجها دائما ستكون عكسية، وبداية لأمور في منتهى الخطورة سوف تحدث في المستقبل، أهمها تهريب الثروات خارج البلاد وحرمان الاقتصاد منها.

واختتم تصريحاته بالقول: "لو تم تعديل المنظومة الضريبية بشكل صحيح، الدول سوف تجد نفسها غير محتاجة إلى فرض ضريبة الثروة".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com