تونس.. رئيس وزراء جديد وسط أزمة اقتصادية متفاقمة

التغيير الحكومي يأتي وسط أزمة البطالة ونقص حاد في الخبز والمواد الأولية وعجز التمويل
رئيس الوزراء الجديد مع الرئيس التونسي
رئيس الوزراء الجديد مع الرئيس التونسي رويترز
أقال الرئيس التونسي قيس سعيد، رئيسة الوزراء نجلاء بودن دون تقديم أي أسباب الثلاثاء، وأعلنت الرئاسة التونسية تعيين سعيد الحشاني الذي كان يشغل منصب مدير عام الموارد البشرية في البنك المركزي التونسي خلفاً لها.
ويأتي قرار الرئيس التونسي في الوقت الذي تواجه فيه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، ضائقة مالية ومصاعب اقتصادية عديدة.

وتعاني تونس من نقص في العدد من السلع الغذائية والأولية منذ شهور، لا سيما الخبز في المخابز المدعومة، والدقيق والسميد والسكر والقهوة وزيت الطهي، حيث يطلب الموردون لتلك المواد الدفع مقدماً وهو ما تواجه تونس صعوبة كبيرة في تحقيقه.

80 % ديونا

وتعاني تونس من الديون التي تبلغ حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تبحث عن المساعدات الخارجية، وتعاني تونس باستمرار من الفواتير العامة الضخمة الناجمة عن الخدمة الوطنية المدنية، التي توظف 680 ألفاً من 12 مليون مواطن.

وفي أكتوبر الماضي، توصلت تونس إلى اتفاق مبدئي للحصول على قرض قيمته 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ولكن مقابل قيامها ببرنامج شامل للإصلاح الاقتصادي، مما سيؤدي إلى إلغاء الدعم المباشر على الوقود والكهرباء بشكل تدريجي.

ووجه صندوق النقد الدولي نداءً لتونس لإصدار تشريعات، تهدف إلى إعادة هيكلة أكثر من 100 شركة مملوكة للدولة، حيث تحتكر تلك الشركات العديد من أجزاء الاقتصاد، وتعاني في كثير من الحالات من ديون ضخمة.

ومع ذلك تبدو آمال الحصول على دعم من صندوق النقد الدولي ضئيلة، حيث رفض الرئيس التونسي مراراً تلك الشروط التي ستثقل كاهل الشعب التونسي.

ويبلغ معدل النمو الاقتصادي في تونس 2% فقط، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الفقر وارتفاع معدلات البطالة، بنسبة 15% وهي نسبة عالية جداً.

وتوقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنحو 2.3% لهذا العام، متقدماً قليلاً على نمو 2.2% المتوقع لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

نما الاقتصاد التونسي 2.1 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري، رغم أن البطالة بلغت 16.1 بالمئة، بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء.

وكان مدفوعا بزيادة الإيرادات من الاتصالات والنقل والفنادق والمطاعم والمقاهي.

تراجع معدل التضخم في تونس بشكل طفيف إلى 10.1٪ في أبريل 2023، مقابل 10.3٪ في الشهر السابق.

لدى تونس أكثر من ملياري دولار من مدفوعات الديون بالعملات الأجنبية المستحقة في الربع الرابع من هذا العام، والربع الأول من عام 2024.

وتشهد تونس أزمة شاملة في المالية العامة، وفشلت الحكومات المتعاقبة في تجنب اتخاذ قرارات صعبة، ويقول محللون إنها فشلت في التعامل مع مصالح تجارية قوية أعاقت المنافسة، فيما حاولت مُعالجة مشكلة البطالة من خلال زيادة التوظيف في الشركات الحكومية، والتي أصبحت غير مربحة.

وكان صندوق النقد الدولي قد أكد فى عام 2021، أن فاتورة أجور الولة، تبلغ نحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من بين أعلى المعدلات في العالم، بينما يمثل الدعم 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وتمثل ديون الشركات الحكومية الخاسرة نسبة 40% منه، كما بلغ عجز الموازنة العام الماضي 10% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما بلغت ديون الدولة 77% منه.

ومن المتوقع أن تبلغ احتياجات الاقتراض الخارجي لهذا العام أكثر من خمسة مليارات دولار.

التضخم

وأعلن المعهد الوطني للإحصاء في تونس، بأن معدل التضخم السنوي تراجع إلى 9.3% في يونيو، من 9.6% في مايو، في ثاني انخفاض على التوالي.

وبلغ معدل التضخم 10.1% في أبريل، وسجل أعلى مستوى عند 10.4% في فبراير.

احتياطي النقد الأجنبي

وبلغ احتياطي النقد الأجنبي لتونس 21 مليار دينار تونسي (6.7 مليار دولار) حتى يوم السابع من يونيو الجاري، ما يغطي 91 يوما من التوريد، وفق البنك المركزي التونسي.

وبلغ احتياطي النقد في نفس الفترة من العام الماضي 24.4 مليار دينار تونسي، ما يكفي لتغطية 123 يوما من عمليات التوريد، وهذا أدنى مستوى لتراجع الاحتياطي منذ مايو عام 2019، حين شهد هبوطا إلى مستوى 75 يوما من عمليات التوريد.

اختفاء سلع أساسية

يوجد بالفعل مؤشرات على التداعي منها اختفاء سلع أساسية مدعومة وأدوية من المتاجر بشكل دوري، مما يشير إلى مشاكل في تمويل الواردات. وفي العام الماضي تأخر صرف أجور بعض موظفي الدولة.

ومعظم ديون الدولة مستحقة للبنوك التونسية، لكن الفرصة ضئيلة لإقراض الحكومة لمزيد من الدينارات.

ومن شأن طباعة النقود، لسداد الديون المستحقة للبنوك المحلية أو الوفاء بالتزامات أخرى، تقويض العملة التونسية، مما قد يؤدي إلى تفاقم جميع المشاكل الأخرى.

وخفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لتونس، التي يجب أن تسدد أقساطا كبيرة في وقت لاحق من هذا العام.

كما تضاءل احتياطي العملات الأجنبية بنحو الربع، وهو ما يكفي لتغطية نفقات الواردات لمدة 91 يوما مقارنة مع 123 يوما قبل عام.

وبالرغم من ذلك فقد شهدت البلاد تعافي قطاع السياحة ليُدر مزيدا من العملة الصعبة على البلاد وانخفاض أسعار الطاقة العالمية مقارنة بالعام الماضي لتنخفض فاتورة الوقود المتوقعة.

خطة الإنقاذ المقترحة

تفاوضت الحكومة التونسية على اتفاق مبدئي للحصول على قرض قيمته 1.9 مليار دولار من صندوق النقد في أكتوبر الماضي، لكن المحادثات لوضع اللمسات النهائية توقفت منذ أشهر.

واستند الاتفاق على التزامات بوضع أسس أكثر استدامة للنهوض بالشؤون المالية التونسية، وطمأنة المانحين بإمكانية سداد القروض، إلى جانب الإصلاحات التي تهدف إلى تنمية الاقتصاد.

واقترحت الحكومة توسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ سياسات تستهدف مساعدة الفقراء، لتحل محل الدعم الباهظ للوقود والغذاء، وإعادة هيكلة الشركات الخاسرة المملوكة للدولة.

مساعدات ولكن

يقول مانحون إن تقديم مساعدات ثنائية كبيرة يعتمد على إتمام تونس لاتفاق صندوق النقد.

ومع هذا، تخشى الدول الأوروبية، لا سيما إيطاليا، أن يؤدي انهيار الاقتصاد التونسي إلى تبعات منها تصاعد موجة الهجرة وظهور تهديدات جديدة من إرهابيين.

وعرض الاتحاد الأوروبي دعما بنحو مليار يورو، لكن يبدو أن معظمه مرتبط باتفاق صندوق النقد، أو إصلاحات اقتصادية أخرى غير محددة.

وقد يتوفر حافز وقدرة على التدخل لدى جارتي تونس المصدرتين للنفط، الجزائر وليبيا. لكن ليس من الواضح على الإطلاق مقدار ما يمكن أن يقدمه أي منهما.

ويترك ذلك تونس تعتمد على منح أصغر بكثير للمساعدة في تغطية واردات معينة أو مشاريع تنموية أو غير ذلك من المشكلات الملحة بمبالغ أقل بكثير من متطلبات الموازنة الإجمالية.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com