تقارير
تقاريرأبرز معالم وسط القاهرة

بعد حزمة الإنقاذ.. ارتفاع الطلب على أدوات الدين المصرية

بعدما حصلت مصر على خطة إنقاذ بقيمة 55 مليار دولار، وحزمة استثمار خليجية، لإعادة تشغيل اقتصادها المضطرب، والحيلولة دون خضوعها لتداعيات الحرب في غزة، بدأ المستثمرون الدوليون في الإسراع، من أجل شراء أدوات الدين المصرية.

إذ تزايد الطلب على السندات قصيرة الأجل، التي تصدرها أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، بأسعار فائدة في خانة العشرات منذ الإنقاذ المالي الشهر الماضي، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.

كما أدى الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه المصري، إلى تجنب أزمة الديون التي كانت تلوح في الأفق، قبل أسابيع فقط في البلاد.

وعرض المستثمرون 21 مليار دولار، مقابل 2.4 مليار دولار في سندات خزانة لأجل عام واحد، عرضتها الحكومة المصرية خلال الشهر الماضي.

وانخفض متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل عام واحد، من 32% إلى 26% نتيجة الطلب الدولي المتزايد.

وقال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي المختص بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك غولدمان ساكس، إن "هذا تغيير كبير عما كان الوضع عليه قبل بضعة أسابيع فقط".

* ضغوط كبيرة

وكانت حكومة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد تعرضت لضغوط متزايدة خلال العام الماضي، حيث رفض صندوق النقد الدولي وشركاء القاهرة التقليديون في الخليج، التدخل لإنقاذ الاقتصاد الذي اضطروا إلى إنقاذه مرارًا وتكرارًا، بحسب فايننشال تايمز.

وحصلت مصر، ثاني أكبر دولة مدينة لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، على قروض متعددة من الصندوق منذ عام 2016، وأحجمت مرارًا عن تنفيذ إصلاحات صعبة، بما في ذلك تعويم عملتها.

وانخفضت عائدات السياحة، وعائدات التجارة عبر قناة السويس، وسط الصراع، مما أدى إلى تقويض مصدرين رئيسيين للعملة الأجنبية في القاهرة.

لكن اندلاع الحرب في قطاع غزة المجاور، ساعد في تغيير مواقف المانحين، الذين كانوا يخشون أن تتجه مصر نحو التخلف عن السداد والانهيار الاقتصادي.

وسلطت الحرب الضوء أيضا، على الأهمية الاستراتيجية لمصر في منطقة مضطربة، بما في ذلك دورها في المفاوضات الرامية إلى تحرير الرهائن الإسرائيليين، فضلا عن تقديم المساعدات إلى غزة.

وقال ريكاردو فابياني، مدير شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة دولية غير حكومية، إن "الولايات المتحدة لا تريد زعزعة استقرار مصر، لأنه ستكون هناك تداعيات على إسرائيل والمنطقة، وأوروبا مرعوبة أيضًا من أزمة الهجرة".

وأضاف أنه "عندما يقولون أن مصر أكبر من أن تفشل، فهذا صحيح".

* حزم من الدعم

ويشمل الدعم المالي الجديد لمصر، قرضًا من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، و6 مليارات دولار من البنك الدولي، على مدى ثلاث سنوات، وأكثر من 7 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبي حتى عام 2027.

لكن التأثير الأكبر على المدى القصير، جاء من صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لشراء حقوق تطوير الأراضي الرئيسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مصر في منطقة رأس الحكمة.

* تأمين التعويم

وأعطت الشريحة الأولى القاهرة، الاحتياطي الذي تحتاجه لتعويم عملتها، وهي خطوة تأخرت كثيرًا، واستوفت شرطًا رئيسيًا لصندوق النقد الدولي.

وانخفض سعر الجنيه المصري منذ ذلك الحين، إلى نحو 47 جنيها للدولار، انخفاضا من نحو 30 جنيها قبل التعويم.

والنتيجة هي أن مصر تبدو الآن، وكأنها قد استقرت بعد عامين من الأزمة، التي تميزت بارتفاع التضخم، الذي تجاوز 35% في فبراير، ونقص خانق في العملات الأجنبية.

* ماذا بعد؟

ولفتت الصحيفة البريطانية، إلى أن السؤال المطروح الآن هو، ما إذا كانت القاهرة ستلتزم بالإصلاحات أم ستعود إلى الممارسات السابقة مثل تثبيت سعر الصرف.

وقال زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء المصري سابقا، إن مصر يمكنها إما "الاعتماد على هذه التدفقات الجديدة لتأجيل الإصلاح، ومواصلة إدارة الاقتصاد بنفس الطريقة التي أدت إلى الأزمة الحالية، أو استخدمها كفرصة لتعديل السياسة".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى سياسات تهدف إلى تشجيع الصناعة والسياحة والصادرات، كما نحتاج إلى تقليص دور الشركات المملوكة للدولة".

وقد التزمت القاهرة الآن بالحفاظ على نظام مرن لسعر الصرف، وخفض الإنفاق على البنية التحتية للدولة، للمساعدة في خلق فرص متكافئة للقطاع الخاص.

* فرصة للتقدم

وقالت إيفانا فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إن نظام سعر الصرف الجديد، يجب أن يكون "مستداماً".

وأشارت أيضًا إلى أن القاهرة التزمت بوضع حد للإنفاق على البنية التحتية، وتحقيق الشفافية في الشؤون المالية، لعشرات الهيئات المملوكة للدولة.

وقال سوسة إن الإصلاحات في مصر أعطت الثقة لمجتمع المستثمرين، على المدى القصير، الذين يتدفقون الآن على سوق أدوات الدين.

وأردف: "هذا تأكيد على أن مصر ستعود إلى مسار سياسة أكثر تقليدية، وأنها ستتراجع عن بعض التجاوزات التي أوصلتنا إلى هذا المكان في المقام الأول".

وأضاف: "هناك الآن فرصة، إذا تم هدرها، فسيكون ذلك بسبب العودة إلى السياسة الاقتصادية السابقة".

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com