فالزراعة تواجه في الوقت الراهن ثلاث تحديات تتمثّل بتلبية الشروط الضرورية لبيئة جيدة، وتحسين دخل المزارعين، وتلبية الطلب المتزايد على الأغذية، وفق ما نقلته صحيفة لوفيغارو.
فما هي أدوات التمويل التي ستجعل من الممكن استكمال تحول أنظمتنا الغذائية بنجاح؟
أجاب على هذا السؤال فريق من الخبراء اجتمعوا خلال مؤتمر للزراعة العالمية نظّمته مؤسسة الزراعة الريفية في باريس، يوم الثلاثاء الماضي.
ومع الفوارق بين مختلف المناطق الواقعة في الجنوب أو في الشمال، فالداوفع الرئيسة هي نفسها، وتتمثّل بتقاسم المخاطر، وتوزيع الرساميل بنحو عادل، واعتماد سياسات سليمة وإشراك الجهات الممولة.
وذكّرت إيلينا أمادهيلا، المحاضرة في جامعة ناميبيا، بأن صغار المزارعين يقومون بأغلبية الإنتاج العالمي، وما يصل إلى 80% من الطلب في بعض البلدان.
ومع ذلك، فهم الذين يعانون أكثر من غيرهم من عدم كفاية الأجور ونقص التمويل، وذلك لأن الزراعة تعد استثماراً محفوفا بالمخاطر، والبنوك تتوخى الحذر فيه.
وفي ناميبيا مثلا، المزارع صغيرة وتعتمد في الغالب على الأراضي المستأجرة. وهذا ما يؤدي إلى إبطاء القدرة على الحصول على الائتمان، لأن المستثمرين لا يستطيعون التخطيط على مدى عدة سنوات.
ودعت أمادهيلا إلى إنشاء بنوك جديدة للتنمية الزراعية على غرار النموذج الهندي. وفي الواقع، أنشأت نيودلهي، عبر بنك التنمية العام فروعا مصرفية توفّر التمويل لصغار المزارعين ليتمكنوا من تطوير مزارعهم.
ويقول غيوم لوفيفر، المدير العام لشركة "أفكام" ، إن الزراعة الإيكولوجية "تطمئن المستثمرين، لأنها تأخذ في النظر عدة قضايا، مثل إدارة الموارد والصحة والعدالة الاجتماعية".
وسلط الخبير الضوء على إنشاء قروض خضراء، حيث يكون سعر الفائدة مشروطاً بالأثر البيئي للمشروع. وبالتالي يجري الجمع بين الربحية والاستدامة.
وفي كوستاريكا، تهتم شركة "وول مارت" الأميركية العملاقة بسلسلة القيمة بأكملها. وقال نائب مدير التطوير هوغو مارين برينيس: "إننا نسلط الضوء على تحول صغار المزارعين إلى رجال أعمال".
وتقوم شركة "وول مارت" بتمويل المشاريع الجاهزة بنحو مباشر وغير مباشر نظراً لقدرة المزارع على السداد. ويشكّل وجود 900 متجر لهذه الشركة سبباً كافياً لإقناع البنوك بضمان القروض.
كما أكد المتحدثون في المؤتمر أن تعاون القطاع الخاص مع القطاع العام وحده هو الذي سيجعل من الممكن قيادة التحول الزراعي نحو النظم المستدامة، وتفادي الانعدام الغذائي.
وتعد أنماط الطقس المتغيرة والظواهر المناخية المتطرفة وحالات الجفاف الناجمة عن تغير المناخ من بين العوامل الرئيسة المؤدية إلى انعدام الأمن الغذائي، كل هذه الأحداث لها تأثير كبير على إنتاج الغذاء، لأنها تحد بقدر كبير من جودة الموارد وتوافرها وإمكانية الوصول إليها، وتهدد استقرار النظم الغذائية في جميع أنحاء العالم.