خاص
خاص

منطقة التجارة الحرة الإفريقية طوق نجاة للقارة السمراء

 شرعت الدول الإفريقية في عملية طموحة لدمج أسواقها بما يتجاوز الترتيبات الإقليمية القائمة لإنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA). 

ورغم أنها اتفاقية تجارية، إلا أن طموحات منطقة التجارة الحرة تذهب إلى ما هو أبعد من زيادة التجارة البينية الإفريقية، إلى إنشاء سلاسل القيمة الإقليمية وتعزيز التصنيع على مستوى القارة. 

وبعيدًا عن خفض التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية، فإن نجاح منطقة التجارة سوف يعتمد على مجموعة من العوامل الأخرى، بما في ذلك قدرتها على تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، للاستفادة من الأسواق الموسعة، وفق تقدير خبراء الاقتصاد.

ويؤكد الخبراء أن "الهدف الرئيس لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، هو إزالة الحواجز التجارية وتعزيز التجارة البينية في إفريقيا"، ويرون أيضاً: أن "تنفيذ أحكام اتفاقية تيسير التجارة من شأنه أن يكون مُكملًا قويًا لأجندة خفض التعريفات الجمركية في منطقة التجارة".

ويشير الاقتصاديون إلى أن "منطقة التجارة الحرة لها أهمية كبيرة في تعزيز التكامل الاقتصادي في القارة، وتحقيق التنمية المستدامة، ولكي تُحقق الاتفاقية أهدافها، فإنها تحتاج إلى دعم الدول الإفريقية، وتعزيز دور القطاع الخاص في التجارة البينية".

تكامُل اقتصادي

يؤكد الباحث الاقتصادي، عمرو عبد الهادي، أن "هناك العديد من التحديات المرتبطة بالقارة الإفريقية نتيجة الأزمات الدولية التي تستدعي تفعيل العمل الجماعي لتعزيز التكامل الاقتصادي".

وشدد على "ضرورة تطوير أطر قانونية وسياسية محلية متوازنة بما يتماشى مع التزامات منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وتعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة".

وأوضح لـ"إرم اقتصادية": أن "مصر تُعد إحدى أهم الدول الرائدة في منطقة التجارة الحرة التي بدأت العمل على دفع هذا المشروع بقوة منذ رئاستها للاتحاد الإفريقي عام 2019، وتوجد دول أخرى من شمال إفريقيا على غرار الجزائر وتونس، إضافة إلى عدد كبير من الدول الإفريقية".

وعلى هذه الخلفية، يُمثّل بروتوكول منطقة التجارة بشأن الاستثمار خطوة مهمة نحو خلق بيئة مواتية للاستثمار داخل القارة. ومع ذلك، لا بد من تنفيذ مثل هذه الآليات القانونية الرسمية واستخدامها لإحداث تأثير، وفق تقدير الخبير.

وتُعدُّ اتفاقية تيسير التجارة (TFA)، التي جرى توقيعها عام 2013، ودخلت حيز التنفيذ عام 2017، أول اتفاقية متعددة الأطراف منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، وهي اتفاقية يشارك فيها جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية (172 عضوًا، بما في ذلك 42 دولة إفريقية). 

هناك العديد من التحديات المرتبطة بالقارة الإفريقية نتيجة الأزمات الدولية
عمرو عبدالهادي - باحث اقتصادي
تفعيل سياسات تنموية

ومن جانبه، قال عضو برلمان بوركينا فاسو، يحيى كارامبيرى، إن "منطقة التجارة سوف تُسهم في انتشال ملايين البشر من الفقر"، موضحًا أنه "ينبغي على الدول تفعيل السياسات التنموية وتقوية البنية التحتية لجذب الاستثمارات وتعزيز التجارة، من خلال منطقة التجارة، والتجمعات الاقتصادية الكبرى الثلاث، وهي: الكوميسا، وجماعة شرق إفريقيا، ومجموعة التنمية للجنوب الإفريقي".

وأضاف لـ"إرم اقتصادية": أن "هناك ضرورة لحشد جميع أشكال الدعم من جانب الدول الإفريقية لمنطقة التجارة الحرة"، موضحًا أن "الأمر بات ضرورة لمجابهة الأزمات".

وشدد على ضرورة زيادة معدلات الاستثمار في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار والصناعات الخضراء لتعزيز تنافسية اقتصاديات القارة على المدى الطويل، مؤكدًا أن "الصناعات الخضراء تُشكّل عاملًا ضروريًّا في تعزيز تنافسية الاقتصاديات الإفريقية في الأسواق صفرية الكربون في المستقبل".

منطقة التجارة سوف تُسهم في انتشال ملايين البشر من الفقر
يحي كارامبيرى - عضو برلماني في بوركينا فاسو
طوق نجاة

وبشأن أهداف الاتفاقية، قالت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة إيمان فتحي، أن "الاتفاقية تُنظّم حركة تبادل السلع بين الدول الأعضاء، وتستهدف تعزيز التجارة البينية، وإزالة الحواجز الجمركية بين دولها، وتسهل عملية انتقال السلع والبضائع والاستثمارات، وصولًا إلى السوق الإفريقية المشتركة".

وأضافت لـ"إرم اقتصادية": أن "الاتفاقية هي الأكبر على المستوى العالمي منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، حيث تضم حاليًّا 1.2 مليار نسمة، ومن المتوقع زيادة عدد مستهلكيها إلى 2.5 مليار نسمة بحلول العام 2050"، واعتبرت أنها تُمثّل "طوق النجاة" لتنمية القارة السمراء، التي تعاني من صراعات داخلية ونزاعات حدودية بين الدول.

ويؤكد الخبير الاقتصادي، الدكتور كريم العمدة، أن "الاتفاقية القارية تُعدُّ إنجازًا إفريقيًّا يستهدف دمج اقتصاديات 54 دولة، من شأنها أن تصبح سوقًا اقتصادية عملاقة لتبادل السلع والمنتجات والخدمات".

وأضاف لـ"إرم اقتصادية": أن "الخطوة الجديدة من شأنها زيادة حجم وفاعلية الاستثمار، وتوفير فرص العمل، ومضاعفة ثروات القارة"، وأشار إلى أن "إقامة منطقة التجارة خطوة مهمة على طريق التكامل الاقتصادي بين دول القارة، ويساعد على الدخول في شراكات كبرى بين المؤسسات الاقتصادية وبين  الدول المختلفة، مما يخلق كيانات اقتصادية كبرى تساعد على تسريع وتيرة النمو بالقارة".

ووفق تقدير الخبراء، تتمثّل المهمة الرئيسة لمنطقة التجارة في إزالة الحواجز التجارية لتعزيز التجارة البينية في إفريقيا، ولا يزال يتعين الانتهاء من العديد من الصعاب والغايات، لا سيما المفاوضات بشأن مجموعة مشتركة من قواعد المنشأ لبعض المنتجات ذات القيمة العالية المطبقة.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com