وقال سائح فرنسي أمضى أسبوعين في شهر أبريل في الأرخبيل مع زوجته: "لقد كانت مفاجأة ممتازة، خاصة وأن اليابان كانت تتمتع بسمعة بأنها باهظة الثمن".
وتمكن الزوجان من الاستمتاع بالوجبات الرخيصة في المطاعم والاستفادة من الأسعار المنخفضة في وسائل النقل العام، وذلك لسبب وجيه: واصلت العملة اليابانية انخفاضها لتتجاوز للمرة الأولى عتبة 160 يناً مقابل الدولار منذ عام 1990 بحسب صحيفة "لوموند".
وخلال عقد من الزمن، انخفضت بنسبة 35% مقابل الدولار و17% مقابل اليورو. وترجع هذه الظاهرة إلى حد كبير إلى عدم التطابق في السياسات النقدية: فأسعار الفائدة أصبحت أعلى في أوروبا، وخاصة في الولايات المتحدة، مقارنة باليابان التي ظلت في ظل نمو ضعيف لمدة ثلاثة عقود من الزمن. والنتيجة: رؤوس الأموال أصبحت تفضّل الاستثمارات الأميركية على حساب استثمارات طوكيو، وهذا ما أضعف العملة اليابانية.
ولذلك، السياح هم أول المستفيدين، لأن ضعف العملة هذا يزيد من قدرتهم الشرائية في الأرخبيل. ويتجلى ذلك من خلال المبلغ القياسي الذي وصلت إليه مبيعات المنتجات المعفاة من الضرائب في شهر مارس عندما بلغت قيمتها 50 مليار ين (297.78 مليون يورو). كما شهدت المتاجر الكبرى أيضاً زيادة في نتائجها بنسبة 9.9% خلال نفس الفترة.
ومن ناحية أخرى، يعاقب ضعف العملة المستهلكين المحليين، لأنه يزيد التضخم الذي بلغ 3.1% في عام 2023، وهو مستوى لم يسبق له مثيل في البلاد منذ عام 1981، حيث كان مؤشر الأسعار بطيئا لأكثر من عشرين عاماً.
ويقول كوجي ياماغاتا، الموظف في إحدى الشركات التابعة لمجموعة كبيرة متخصصة في الإعلان، متأسفًا: "الأسعار ترتفع، ولكن ليس الإيرادات". والوعد بزيادة الأجور في الشركات الكبرى بنسبة 5.28%، والذي تم الحصول عليه خلال "الشونتو" التقليدية، أي "هجوم الربيع" للنقابات، لم يتحقق إلا ببطء وقد يكون غير كاف. وانخفضت الأجور الحقيقية بنسبة 2.5% في مارس، مسجلة انخفاضها الشهري الرابع والعشرين على التوالي. وفي هذا السياق، أصبح اليابانيون يتقشفون.
كما أن ضعف الين له تأثيره أيضاً على الشركات كما وهو يعزز القدرة التنافسية لأسعار المنتجات المباعة في الخارج لصالح المصدرين. ولنأخذ على سبيل المثال شركة صناعة السيارات تويوتا، التي أعلنت في الثامن من مايو عن أرباح تشغيلية للسنة المالية 2023 المنتهية في مارس، تعادل ضعفي أرباح العام السابق تقريباً، عند 5353 مليار ين (31.87 مليار يورو).
من ناحية أخرى، حذر كين كوباياشي، رئيس غرفة التجارة في طوكيو، من أن الشركات التي تركز على الطلب المحلي، ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة، تعاني من "الزيادة في تكاليف المواد المستوردة" وتكاليف الطاقة.
ولمحاولة الحد من هذه الظاهرة، تتدخل السلطات من حين إلى آخر في أسواق الصرف الأجنبي من أجل دعم العملة. وفي عام 2022، باعت البلاد أكثر من 60 مليار دولار من احتياطياتها من النقد الأجنبي ثلاث مرات.
وفي الوقت نفسه، رفع بنك اليابان، في 19 مارس، للمرة الأولى منذ عام 2007، سعر الفائدة لأجل قصير، والذي يتأرجح الآن بين 0% و0.1% فيما كان سالباً في السابق. وهذا أقل بكثير من المستوى الموجود في الولايات المتحدة (5.25% إلى 5.5%). لكن بنك اليابان متردد في الذهاب إلى أبعد من ذلك.
ويعاني المستهلكون بالفعل من انخفاض قوتهم الشرائية. "إذا تم رفع أسعار الفائدة الآن، فسوف يعانون من عقوبة مزدوجة"، بحسب ساسكي ساكاي، الاقتصادي في شركة ميزوهو للأبحاث والتكنولوجيا. ومن الممكن أن يتأثر سوق العقارات، حيث إن 70% من اليابانيين الذين لديهم رهن عقاري يقترضون بأسعار فائدة متغيرة.