الفيدرالي الأميركي يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير

رئيس الفيدرالي الأميركي
رئيس الفيدرالي الأميركي
لم يخالف مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التوقعات حيث أبقي على أسعار الفائدة دون تغيير، إلا أنه ترك الباب مفتوحا أمام زيادة تكاليف الاقتراض مجددا في بيان لسياسته أقر فيه بقوة الاقتصاد الأميركي، لكنه أشار أيضا إلى الأوضاع المالية الأصعب التي تواجهها الشركات والأسر.

وتعد هذه هي المرة الثانية على التوالي التي يثبت فيها الفيدرالي أسعار الفائدة حيث كان قد قرر في اجتماعه السابق لشهر سبتمبر، تثبيت أسعار الفائدة عند مستوى 5.25 - 5.5%، وهو الأعلى منذ 22 عامًا بعد زيادة معدلات الفائدة 10 مرات على التوالي.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تثبيت أسعار الفائدة، خلال ثلاثة عشر اجتماعًا منذ عام 2022، بعد رفعها 25 نقطة أساس في يوليو الماضي، إثر تنامي حالة عدم اليقين حينها بشأن مدى تأثير الأزمة المصرفية على الإقراض.

وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي حملته لرفع أسعار الفائدة لمواجهة ارتفاع التضخم في مارس 2022، حيث رفع سعر الفائدة من الصفر تقريبًا إلى 5.25 -5.5%، ثم إلى مستواها الحالي.

وقبل تثبيت الفائدة، اضطر المركزي الأميركي إلى رفع معدلاتها خلال العام الجاري، ضمن جهوده لكبح التضخم، الذي عانت منه الولايات المتحدة ودول العالم جراء الحرب الأوكرانية، وما صاحبها من ارتفاع أسعار السلع الغذائية والنفط.

لماذا ثبت الفيدرالي أسعار الفائدة؟

وتوقع خبراء اقتصاديين، في ظل معطيات هذه الأرقام، أن يبقى الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة دون تغيير خلال اجتماع اليوم.

وفي أحدث استطلاعات لرويترز، توقع اقتصاديون أن يبقي مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي، على سعر الفائدة الرئيسِ دون تغيير، ومن المحتمل أن ينتظر لفترة أطول مما كان يظن في السابق قبل خفض الفائدة.

كما رأت أداة FEDWATCH التابعة لمجموعة CME، أن الفيدرالي الأميركي سيثبت سعر الفائدة في اجتماعه بنسبة 97%، بناء على أسعار العقود الآجلة لأسعار الفائدة في السوق قصيرة الأجل، التي يستهدفها الاحتياطي الفيدرالي.

وتوقعت أيضا صحيفة فايننشيال تايمز أن يترك بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأميركية ثابتة، مشيرة في تقرير لها إلى أنه يجب على البنك المركزي أن يقدم للمستثمرين نظرة ثاقبة حول المسار المحتمل لسعر الفائدة في المستقبل.

ورجحت الصحيفة أن يبقي على الفائدة الأميركية في نطاق 5.25 و5.5%، وأن التركيز سينصب على التوقعات وتصريحات جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي عقب إعلان القرار.

وذكرت فايننشيال تايمز أن صناع القرار في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة) أشاروا إلى أنهم لا يتوقعون رفع أسعار الفائدة في ختام اجتماع اليوم.

تيسير نقدي

وأمس الثلاثاء، قال الدكتور محمود محيي الدين، الخبير الاقتصادي والمدير التنفيذي بصندوق الدولي، إن الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة على نحو كاف لكبح التضخم، ويمكن أن يتجه إلى تيسير السياسة النقدية مجدداً، مثلما أبقى سعر الفائدة دون تغيير في سبتمبر الماضي، بالإضافة إلى أنه وصل إلى ذروة سعر الفائدة التي ارتفعت من قرب الصفر قبل مارس 2022 إلى مستواها الحالي عند 5.5%.

وأضاف محيي الدين، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي قال في تصريحات يوم 19 أكتوبر الجاري، إن عوائد سندات الخزانة الأميركية يمكن أن تقلل من حاجة الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى، مشيرًا إلى أن العائد على سندات أجل 10 سنوات ارتفع هذا الأسبوع 5%، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2007.

وأكد أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي واضحون في أن ارتفاع العائدات على السندات ربما يؤدي للاستغناء عن الحاجة إلى مزيد من الزيادات في سعر الفائدة، هو ما يشير إلى أن هناك اتجاها لتيسير السياسة النقدية نسبيًا خلال الفترة الحالية.

وقف مؤقت

بدوره، قال الدكتور أحمد رستم، أحد خبراء القطاع المالي في البنك الدولي، إن هناك اتجاها من قبل البنوك المركزية الكبرى لوقف مؤقت في سياسة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة، وذلك بعد سلسلة من الزيادات التي أقرتها خلال الأشهر الماضية، متوقعًا أن يبقى الاحتياطي الفيدرالي على سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه الجاري.

كما توقع رستم أن يبقى البنك المركزي الأوروبي أيضًا على أسعار الفائدة‏ دون تغيير، للمرة الأولى منذ أكثر من عام، وسط أدلة ‏متزايدة على أن موجة زيادة الفائدة غير المسبوقة، التي أقرها ‏على مدار عشرة اجتماعات متتالية ساعدت في خفض التضخم ‏بمنطقة اليورو.

كما رجح رستم قيام بنك إنجلترا المركزي أيضًا بتثبيث سعر الفائدة، خلال اجتماعه الخميس المقبل، لتبقى عند مستوى 5,25%، في ظل الارتفاع الحاد في العائد على سندات الحكومة البريطانية لأجل 10 سنوات بنحو 0.3% نقطة.

وأوضح أن أسعار الفائدة وصلت إلى ذروتها للبنوك المركزية، والظروف الاقتصادية تشير إلى أن البنوك المركزية في وضع  يسمح لها بتثبيت الفائدة حتى نهاية العام.

وفيما يتعلق بتوترات الشرق الأوسط، قال الخبير المالي بالبنك الدولي، إنه مع تأثير حالة عدم اليقين الجيوسياسي، التي فرضتها حرب غزة، فإن التوقيت حاليًا لا يكون مناسبًا لرفع أسعار الفائدة".

ونوه أحمد رستم إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة في يونيو من العام المقبل، حيث تشير أوضاع الشرق الأوسط الحالية والاتجاهات في الاقتصاد، إلى أن الوقت ليس مناسبًا لبدء التفكير في تخفيضات أسعار الفائدة.

وقال سام خاطر، كبير الاقتصاديين في فريدي ماك: "لقد ارتفعت أسعار الفائدة نقطتين مئويتين كاملتين في عام 2023 وحده". "لقد تباطأ نشاط الشراء إلى حد التوقف التام، وما زالت القدرة على تحمل التكاليف تشكل عقبة كبيرة بالنسبة للكثيرين، والطريقة الوحيدة لمعالجتها هي انخفاض الأسعار وزيادة المخزون".

ويرى المحللون في بنك غولدمان ساكس أن المزيد من إعادة التوازن في سوق العمل، والأخبار الجيدة بشأن التضخم، واحتمال النمو القادم في الربع الرابع، ستقنع المزيد من المشاركين بأن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) بأنه يمكن أن تتخلى عن رفع أسعار الفائدة النهائي هذا العام.

ويزعم الباحثون في بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، في بحث حديث، أن البيانات تظهر أن "التأثيرات التي خلفها تشديد التضخم في الماضي قد بلغت نهايتها تقريباً".

ويتوقعون أن "يشير موقف السياسة النقدية الحالي، وكذلك القوى الأخرى في الاقتصاد، إلى أن التضخم سيعود بالقرب من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي، بحلول منتصف عام 2024".

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com