نصف مليار دولار يوميًا.. أرقام خيالية لتكلفة حرب السودان

خاص
خاص
نحو 100 مليار دولار وأكثر، أو ما يُمثل نحو نصف مليار دولار يوميًا، هكذا قدر خبراء ومحللون تكلفة الحرب الأهلية الدائرة في السودان، منذ منتصف أبريل الماضي.

الحرب التي تسببت في نزوح أكثر من 5 ملايين مواطن، وتشريد ما يقارب 6 ملايين، لم تشهد أي أفق للحل، وسط إحباط كبير في أوساط السودانيين مع ارتفاع عدد القتلى إلى نحو 10 آلاف.

وبسبب التداعيات الكبيرة الناجمة عن الحرب، التي أوقفت عجلة الإنتاج في غالبية مدن البلاد، توقع البنك الدولي أن ينكمش اقتصاد السودان 12% في العام الحالي 2023.

فيما خرجت أكثر من 400 منشأة تعمل في مجال الصناعات الغذائية والدوائية، ومختلف المجالات الأخرى في العاصمة (الخرطوم) عن الخدمة تمامًا، بعد التخريب الكبير الذي تعرضت له بسبب الفوضى المصاحبة للصراع.

أيضًا، لم تنج المشروعات الإنتاجية والزراعية في كافة أنحاء البلاد، بسبب نقص التمويل وحالة عدم الاستقرار الإداري.

100 مليار دولار

ويقدر الدكتور عادل عبد العزيز الفكي المحلل والخبير الاقتصادي السوداني، تكلفة الحرب في بلاده بنحو 100 مليار دولار، مشيرًا إلى أنها مجرد تقديرات أولية إذ لا يزال الصراع قائمًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ولم ينته بعد.

وتوقع أن يتراجع الناتج المحلي بنحو 20% إذا لم تتوقف الحرب سريعًا، لافتًا إلى أن هناك عمليات نهب طالت مؤسسات عدة، وأبرزها أفرع المصارف العاملة، قد تزيد من فاتورة الحرب والخسائر.

وأوضح أن مسألة تحديد حجم الخسائر سابق لأوانه، إذ لا بد أولا أن تتوقف الحرب حتى يتم حصر الخسائر، محذرًا من أن استمرار الصراع سيزيد الأعباء على الشعب السوداني، الذي يعاني بالأساس من انهيار قيمة عملته وارتفاع التضخم.

وكشف عن أنه - حتى الآن - تسبب الصراع بين الجيش والدعم السريع، في إفقار نحو نصف سكان البلاد، - أي نحو 24 مليون شخص -، مشددًا على أن هؤلاء باتوا في حاجة ماسة إلى الغذاء ومساعدات أخرى.

وحول المساعدات الأممية المقدمة، بيّن الخبير الاقتصادي، أن المساعدات الدولية لم يستفد منها أكثر من 2.5 مليون مواطن سوداني فقط حتى الآن، مع اشتداد القتال في غالبية مناطق العاصمة (الخرطوم).

وحذر الفكي من أن استمرار الصراع سيؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي، ورفع معدلات التضخم، وذلك بعد أن شهد الاقتصاد السوداني ارتفاعًا حادًا في مستويات المخاطر عمومًا، لافتًا إلى أن الصراع أحدث مجموعة من الآثار المدمرة على الاقتصاد والسكان.

وعن تداعيات الحرب، أشار إلى أنها طالت كل شيء بدءًا من انهيار الأنشطة الاقتصادية بالبلاد، وتضرر الأصول والممتلكات الاستراتيجية للدولة، مرورًا بتدمير وسلب الممتلكات الشخصية للمواطنين، ونزوح عدد كبير من مواطني العاصمة وغيرها من الولايات إلى دول الجوار، وهو ما ساهم في النهاية إلى انهيار المستوى المعيشي للأسر، وارتفاع معدلات الفقر بين المواطنين.

ولفت إلى أن هذه الأحداث لم تأت في ظروف أحسن حالا، حيث إن البلاد كانت تعاني بالأساس من انخفاض كبير في قيمة الجنيه السوداني إلى نحو 840 جنيهًا للدولار الأميركي الواحد، وتفاقم أزمة الكهرباء، وكذلك انقطاع المياه بشكل شبه دائم ببعض المناطق، وجميعها عوامل أدت إلى شلل تام في مؤسسات الدولة والحياة العامة بالخرطوم، كما أدت إلى إغلاقات للمدارس والجامعات.

مستقبل قاتم

وأوضح الفكي أن الصراع تسبب في تدمير القطاعين العام والخاص، إذ توقف التحصيل الضريبي والجمركي بنسبة كبيرة تصل إلى 80% من حجم الإيرادات المعتادة، فيما لم تنج المصانع والشركات الحكومية والخاصة، الأمر الذي أدى إلى عجز الحكومة عن صرف الرواتب لموظفي الدولة منذ أبريل الماضي.

أيضًا - يضيف الخبير الاقتصادي - الأزمة أضرت بالموظفين، وساهمت في تفاقم البطالة، حيث أعلنت كبريات الشركات الاستغناء عن موظفيها وتصفية أعمالها التجارية، فيما منحت شركات أخرى موظفيها إجازة بدون مرتب لأجل غير معلوم.

وحذر من أن الاقتصاد السوداني ينتظره مستقبل أسوأ، بسبب غياب الحل السياسي، واستمرار العقوبات الأميركية والأوروبية المعلنة وغير المعلنة، موضحًا أن أي تحسن قد يحتاج لوقت طويل شريطة وقف الصراع فورًا.

ولم يستبعد اعتبار أن السودان يعيش منذ نحو 7 أشهر (فترة اقتصاد حرب)، مع تواصل الاشتباكات، على الرغم من أن هذه الاشتباكات تدور في رقعة جغرافية محدودة بالعاصمة (الخرطوم)، ووقوع معظم الولايات التي تشكل نسبة كبيرة من الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني خارج دائرة النزاعات بصورة كبيرة.

لكنه يعيد ليؤكد بأن السودانيين اعتادوا على الحياة وسط ظروف شبيهة وغاية في الصعوبة، لذلك فإن الأرقام التي تتحدث عن ازدياد حالات الفقر ربما ترتبط بشكل أساسي بمواطني العاصمة، لأن المدن الأخرى قد تسير فيها الأمور بصورة طبيعية.

وقدّر الفكي، تكلفة تدمير البنية التحتية في المناطق الأكثر تضررًا، وهي الخرطوم ودارفور وكردفان، بنحو 60 مليار دولار، أي ما يعادل 10% من قيمتها الإجمالية.

ويرى أنه إذا توقف الصراع، فإن السودان سيحتاج إلى دعم اقتصادي طارئ يتراوح بين 5 مليارات إلى 10 مليارات دولار لإنعاش اقتصاده، إلا أن استمرار الصراع قد يزيد من حجم المأساة ومعاناة المواطنين على المدى البعيد.

ويضطر السودان، حاليًا، للاعتماد على موارده المحدودة بالأساس، لمساعدة السكان النازحين داخليًا، والذين يبلغ عددهم حوالي 7.1 مليون شخص، وهو العدد الأكبر على مستوى العالم.

ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، نزح أكثر من 5.25 مليون من أصل 49 مليون مواطن في السودان منذ بدء الصراع، حيث لجأ أكثر من مليون شخص إلى البلدان المجاورة، في حين بقي أكثر من 4.1 مليون شخص داخل السودان، ويواجهون صعوبات مالية متزايدة.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com