التاريخ يعيد نفسه.. هل تنذر اتجاهات الاقتصاد بنهاية النظام العالمي الحالي؟

تقارير
تقاريرنقود معدنية وفي المنتصف مجسم للكرة الأرضية
منذ انتشار جائجة كوفيد 19، مر الاقتصاد العالمي بحالات عديدة من الاهتزاز والتخبط، مرورا بتداعيات الوباء إلى حرب أوكرانيا، ثم توترات الشرق الأوسط، نتيجة حرب إسرائيل على قطاع غزة، والتي تحمل في طياتها مخاوف من ارتفاع أسعار النفط.

ووسط كل هذه التداعيات الاقتصادية، بدأت التساؤلات تنشط، جنبا إلى جنب مع التوقعات، بشأن ما إذا كانت نهاية النظام العالمي، الذي تقوده الولايات المتحدة بدأ في الانهيار.

وفي هذا السياق، سرد لاري إليوت، محرر الاقتصاد في صحيفة الغارديان البريطانية، في مقال له نُشر اليوم الأحد، الأحوال الاقتصادية على الساحة العالمية، معتبرا أن "التاريخ يعيد نفسه" والعالم بدأ يتحول من نظامه الحالي.

وقال إليوت إن عقد العشرينيات من القرن الحادي والعشرين، اقترب من منتصف الطريق تقريبًا، وهو في طريقه إلى أن يكون العقد الأكثر صعوبة بالنسبة للاقتصاد العالمي منذ الثلاثينيات.

ويرى أن كل وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية، الذين حضروا اجتماع الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن، الأسبوع الماضي، يدركون ذلك، حتى ولو لم يكونوا على استعداد للاعتراف بذلك علناً.

* المعاناة مستمرة

وتطرق إلى أن صندوق النقد الدولي، يحب أن ينظر إلى الجانب المشرق، إذ عدل توقعاته للنمو العالمي بشكل طفيف، ويعتقد الآن أن الندبات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، وأزمة تكلفة المعيشة، ستكون أقل حدة مما كان يخشى في الأصل.

فقد ارتفعت أسعار الفائدة دون التسبب في الركود، الذي كان متوقعا، وتم الهبوط الناعم ببراعة، وكان أداء بعض البلدان قوياً، على سبيل المثال، الولايات المتحدة والهند.

لكنه أردف أن هذا التحليل صحيح من جانب واحد، إذ كانت الندوب كثيرة في الدول الأكثر فقراً وأضعف، وفي العالم المتقدم كانت الولايات المتحدة هي الدولة الناشزة، وكان الأداء أسوأ بشكل ملحوظ في أوروبا، وتظل آفاق النمو على المدى المتوسط ضعيفة.

* توترات الشرق الأوسط

وبينما كانت السحابة الكبيرة، التي خيمت على اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، هي احتمال أن يؤدي الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل إلى صراع شامل، وأن يكون له نفس التأثير الضار على الاقتصاد العالمي، مثل حرب أوكرانيا في عام 2022.

لكن لم تتحقق هذه المخاوف، وردت إسرائيل على النحو الواجب، بضربات صاروخية من جانبها، لكن يبدو أن طهران وتل أبيب حريصتان على تجنب حرب شاملة. وارتفعت أسعار النفط ولكن ليس كثيرا.

وفي الجانب المشرق، لم يتكرر ما حدث في عام 1973، عندما أدت حرب 6 أكتوبر إلى زيادة في تكلفة النفط الخام، تجاوزت أربعة أضعاف، الأمر الذي أدى إلى تضخيم الضغوط التضخمية القوية بالفعل في الغرب.

وبالتالي، يمكن للاقتصاد العالمي أن يعيش دون تكرار ما حدث في عام 2022 أو 1973، لأن المعركة ضد التضخم لا تسير بسلاسة كما بدا قبل بضعة أشهر.

* أسعار الفائدة

وحول أسعار الفائدة، استجاب جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لضغوط الأسعار الأعلى من المتوقع، من خلال التلميح إلى أنه سيكون هناك تأخير في خفض أسعار الفائدة الأميركية.

لكن إليوت لفت إلى أنه قبل بضعة أشهر، كان هناك حديث في وول ستريت عن ستة أو سبعة تخفيضات في أسعار الفائدة الأميركية هذا العام، والآن من المتصور أنه لن يكون هناك أي تخفيض على الإطلاق.

وفي الوقت نفسه، قال محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، إن ملف التضخم في المملكة المتحدة غير متوازن، مع انخفاض كبير في فواتير الطاقة المنزلية، يقابله تضخم في قطاع الخدمات بنسبة 6%.

ويرى بنك إنجلترا أن التضخم في قطاع الخدمات، هو دليل جيد لضغوط التكلفة التي يولدها الاقتصاد المحلي، وسوف يرغب في رؤية المزيد من تخفيف هذا الضغط، قبل خفض أسعار الفائدة من مستواها الحالي البالغ 5.25%.

* التاريخ يعيد نفسه

ولفت إليوت إلى أن التركيز في واشنطن، الأسبوع الماضي، كان على الحرب في أوكرانيا أكبر من التركيز على ما قد يحدث في الشرق الأوسط.

إذ وافق الكونغرس الأميركي على حزمة مساعدات جديدة لكييف، في حين تبحث مجموعة السبع، سبل استغلال الفوائد على الأصول الروسية المصادرة لدعم أوكرانيا.

وفي المقابل، كان الاقتصاد الروسي في مواجهة العقوبات، أفضل كثيراً مما كان متوقعاً قبل عامين، كما عدل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في روسيا، هذا العام والعام المقبل.

ويعود ذلك جزئياً إلى الزيادة في الإنتاج الصناعي اللازم للحرب، ولكن أيضاً إلى أن روسيا وجدت الكثير من العملاء لصادراتها من الطاقة.

واعتبر إليوت أن الحرب سلطت الضوء على الثغرة، بين الدول الغنية في الشمال العالمي والدول الناشئة الكبرى في الجنوب العالمي، بل ووسعتها أيضا.

والآن بدأت القيود على حركة التجارة، إذ تريد الولايات المتحدة وأوروبا، حماية الوظائف من خلال الحد من واردات السلع الصينية، ودعم قطاعات التصنيع في كل منهما.

وإجمالا، اختتم إليوت بأن هذه ليست المرة الأولى، التي يحدث فيها هذا، حيث انهارت حقبة العولمة التي سبقت الحرب العالمية الأولى، نتيجة للحرب والوباء والتضخم والحمائية، وشيئا فشيئا، يعيد التاريخ نفسه.

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com